الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

مارينجو .. الحصان المصري الذي عكر احتفالات فرنسا بنابليون

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وسط جدل مجتمعي وفكري شديد السخونة قرر الرئيس ايمانويل ماكرون الاحتفال بمرور ٢٠٠ عام علي وفاة الامبراطور نابليون بونابرت في منفاه بجزيرة سانت هيلانة باقصى جنوب المحيط الأطلسي.
وحسب البرنامج المعلن فإن الرئيس سوف يضع باقة من الزهور عند قبر الامبراطور بالمتحف الحربي بالانفاليد ثم يلقي خطابا بالمجمع العلمي الفرنسي الذي كان نابليون نفسه عضوا فيه قبيل رحيله لغزو مصر مع كوكبة هائلة من علماء المجمع ومدرسة البوليتكنيك .
الجدل الدائر تجاوز مبدأ الاحتفال من عدمه بفضل قرار الاليزية وايضا بفضل شعبية نابليون لدي الشعب الفرنسي . ولكن ظهر جدل اخر عكر مزاج المحتفلين وتسبب في صداع لمؤسسة الرئاسة والجيش معا . اذ سمحت السلطات لفنان معروف بافكاره الغريبة بتركيب هيكلا عظميا من البلاستيك للحصان الخاص لنابليون فوق مقبرة الامبراطور.
واندلعت عندها معركة حامية بين من يرون ان هذا انتهاك لحرمة الموتي عموما وللامبراطور خصوصا وبين من يروا ان الفن الحديث مطلوب دائما لانه دليل لحيوية الامة وتصورها الثقافي.
لم يلتفت احد الي ان الحصان المذكور هو مصري وله قصة عجيبة مع الامبراطور.
كان الجنرال بونابرت يستعد لمحاضرة مصر سرا في اغسطس ١٧٩٩ عندما علم ان العثمانيين ارسلوا له جيشا جرارا لاخراجه من مصر فهرع اليهم بجيش صغير ليلتقي الجيشان عند ابي قير في نفس المكان الذي كان الاميرال الانجليزي نيلسون قد دمر الاسطول الفرنسي قبلها بعام كامل.
وبفضل حنكته العسكرية وحماس جنوده انتصر بونابرت انتصارا ساحقا واسر قائد الجيش العثماني. وهنا تقدم احد المصريين وقدم لبونابرت علي سبيل التهنئة حصانا جميلا يافعا والتقت عين بونابرت بالحصان فاعجبه وشعر انه سيكون فأل سعد عليه فاطمه عليه اسم ابو قير واصطحبه معه في الفرقاطة التي عادت به لفرنسا.

وفي أول معركة في أوروبا بعد عودته كانت معركة ما مارينجو التي فاز فيها الجيش الفرنسي بقيادته علي تحالف اوروبي في منطقة مارينجو وهنا أيقن بونابرت ان الحصان المصري "وش سعد" فاطلق عليه اسم مارينجو وهو الاسم الذي سوف يطلق علي الحصان خلال المعارك القادمة التي انتصر فيها نابليون وكان قد اصبح امبراطورا ليكون الحصان المصري متلازما للملحمة النابوليونية.
ويذكر المؤرخون الفرنسيون ان الحصان ولد في او منحدر من "الناصرية" ! . فما هي الناصرية ؟
يبدو أن الحصان قد ولد في الاصطبلات المملوكية التي ورثت بدورها تقاليد وطرق اصطلابات السلطان العظيم الناصر قلاوون عاشق الخيول وكانت لديه بإعداد هائلة حتي ان البيطار الخاص به ابن بدير وضع كتابا في فن تربية الخيول وتطبيبها واهداه الي الناصر ومن هنا اصبح اسم "الناصر" علامة مسجلة استمرت في العصور اللاحقة لدي سلاطين المماليك. وقد ترجم هذا الكتاب الفرنسي بيرون عام ١٨٥٢.
في كل الاحوال اصبح الحصان المصري جزءا هاما من "برستيج" الامبراطورية . ثم سعي نابليون للحصول علي خيول مصرية اخري فكان لديه "كليوباترا" و "السويس" و"الافندي"و "ابوقير" و "سليم". الا ان مكانة مارينجو في قلب نابليون ظلت هائلة.
وفي موقعة واترلو انهزم نابليون ونفاه الانجليز الي ابعد نقطة في جنوب الأطلسي وأراد ان ياخذ حصانه الحبيب معه فرفض الانجليز واستولوا علي الحصان وكان لهذا رمزية كبيرة . ثم رحلوه الي انجلترا ليشتريه كبار القوم منهم بأسعار خيالية فكم كان الزهو بامتلاك حصان نابليون حتي مات الحصان عام ١٨٣١ وتم الاحتفاظ بيكلم العظمي حتي اليوم في المتحف الملكي الحربي في كلية سان هيرست الشهيرة. الغريب انه تم صنع علب سعوط من حوافر الحصان بيعت باثمان باهظة في قصور ملوك وامراء اوروبا.
قد يكون الهيكل البلاستيك لحصان نابليون المصري الذي اراد الفنان تركيبه اعلي مقبرة نابليون اخر طعنة انجليزية في اسطورة القائد الذي اخضع ممالك اوروبا له وربما تكون رغبة اخري مستترة في التذكير بان نابليون ترك جيشه في مصر وعاد ومعه من كل حملته ومعاركه في الشرق حصانا كان من نصيبه نفس شهرة الفارس الذي كان يمتطيه. مااسعد الحصان وما اسعد الامبراطور ولو بعد ٢٠٠ عاما علي رحيله.