يرى الحكيم ماركوس أوريليوس أن الأشياء من حوله تتبدل وتتحول إلى بخار أو ذرات، حيث مصير مل موجود أن يتغير، فلا تغرنا المظاهر الخارجية، وعلينا أن نمسك بحقيقة الأشياء: نوعها وقيمتها.
وأشاد "أوريليوس" بدور العقل المدبر الذي يعرف طريقه، كما أشاد بالرجل الذي تلقى الإساءة ومع ذلك رفض أن يكون مثل الذي أساء إليه، لأن التزام الفضائل هو اخير انتقام له، كما أشاد بدور العقل الموجه الذي يتلبس ويتكيف مع الطبيعة، ومن جهة أخرى شدد على أهمية العمل الاجتماعي مع مراعاة الضمير والإله.
يقول "ماركوس" خلال كتابه "التأملات" الذي يضم آراءه وفلسفته: انظُر إلى الداخل؛ لا تَدعْ نوعية أي شيءٍ ولا قيمتَه تُفلِتان منك. يوشِك كل ما هو موجودٌ أن يتغير؛ فإمَّا أن يتحول بخارًا، إذا كانت المادة حقًّا واحدة، وإمَّا يتبدد ذراتٍ.
العقل المُدبِّر يعرف ما يريد، وما يعمل، وعلى أي مادةٍ يعمل، وأن تأبى أن تكون مثل من أساء إليك … ذلك هو خيرُ انتقام، ولتكن بهجتك وراحتك في شيءٍ واحد؛ أن تمضي من عملٍ اجتماعي إلى عملٍ اجتماعيٍّ آخر، واللهُ في خاطرك وضميرك.
العقل المُوجِّه هو ذلك الذي يُوقِظ نفسه ويُكيِّف نفسه، ويُضفِي على نفسه الطبيعة التي يُريدها، ويجعل كل ما يحدث له يبدو على النحو الذي يُريده. كل شيءٍ يتمُّ وفقًا للطبيعة، فمن المؤكد أنه لا يتم وفقًا لأي طبيعةٍ أخرى سواء كانت طبيعةً تَفهَم هذه من الخارج، أو كانت طبيعةً تُفهم داخل هذه الطبيعة، أو طبيعةً خارجةً عن هذه ومستقلة عنها.
ماركوس أريليوس، فيلسوف، وإمبراطور روماني، حكم في الفترة من 161 وحتى 180م، كان رجلا فاضلا بمعنى الكلمة، كرس حياته للأدب والفلسفة والمدرسة الرواقية، لقب بفيلسوف العرش، كتب هذه التأملات بشكل يومي باللغة اليونانية، ولم يقصد بها النشر أو مخاطبة القراء بل كان يكتبها لنفسه من باب التمرين والتدريب، تأثر بكثير من الفلاسفة السابقين مثل سقراط وهيراقليطيس.