تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
قدم الدكتور هنيدي هنيدي عبدالجواد، مدرس التفسير وعلوم القرآن وعضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، تفسيرًا لقوله - تعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9) دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: 9، 10]
وقال: هاتان الآيتان تتحدثان عن أهل السَّعادة والفوز في الدنيا والآخرة، ومدى انقيادهم واستسلامهم لله - عزَّ وجل -، واجتهادهم في عمل الصَّالحات، وفعل الخيرات، وبيان مصيرهم وجزاؤهم يوم القيامة، وما أعدَّه الله لهم من النَّعيم المقيم، والثَّواب الجزيل، والأمن والطُّمأنينة في الجنَّة.
وبين أن قوله{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}: إن الذين آمنوا: أي صدقوا في إيمانهم بالله ورسوله، وانقادوا بجوارحهم وأذعنوا لهما، وأخلصوا في أعمالهم، دون إشراكٍ أو رياءٍ. وعملوا الصالحات: أي جمعوا في الإيمان بين القول والعمل، فحافَظُوا على الأعمال الصالحة، أي: صالحة لأنفسهم في الدُّنيا بالحياة الطيبة، وفي الآخرة بالثَّواب الجزيل، والنَّعيم المقيم، وصالحة لغيرهم بتحقيق التكافل الاجتماعي والأُخوَّة والمحبَّة والأمن بين أفراد المجتمع.
ولفت إلى أنه من عادة القرآن الكريم الجمع بين الإيمان والعمل، إذ إن الإيمان لا بد أن يتْبعه عملٌ واجتهادٌ، ويظهر أثره على سُلوك الأفراد والمجتمعات، ويُحفِّزُهم على الأخذ بِسُبُل التَّقدم والحضارة والرُّقي.
وأشار إلى قوله{يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ}: يهديهم: يُرْشدُهم. بإيمانهم: أي بسبب إيمانهم. والمعنى: أن الله - عزَّ وجل - بفضله وكرمه يُرشد المؤمنين الصادقين إلى جنةٍ تجري من تحت أشجارها الأنهار الواسعة، ثوابًا وجزاءً على إيمانهم وأعمالهم الصَّالحة، هذه الجنة فيها مالا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطرَ على قلب بشر.
وأكمل: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ}: دعاء المؤمنين في الجنة: نُسبِّحُك يا الله ونُنزِّهُك عن كل ما لا يليق بجلال عظمتك وسلطانك.
في حين أن قوله{وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ}: التَّحية: التَّكريم. السَّلام: الأمان والطُّمأنينة. أي: يُحيِّي بعضُهم بعضًا بتحيةٍ فيها أمانٌ وطُمأنينةٌ. وكذلك تحية الله وملائكته لهم، زيادةً في الفضل والكرم. وبهذا الجزاء فقد جمع الله لهم بين النَّعيم المادِّي، والمُتْعة النَّفسية والرُّوحية، ليزدادوا حسنًا وبهاءً. {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ} [الأحزاب: 44]. وقوله: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ } [الرعد: 23، 24].
وعن قوله:{وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}: أي خِتام دعاء المؤمنين في الجنة قولهم: الثناء والشُكر لله - عزَّ وجل - الخالق للكون والمالك والمُدبِّر له، والمتصرف فيه كيفما يشاء، فلا مانعَ لفعْله، ولا راد لقضائه.