لا يختلف أحد على أخلاقيات رمضان في التعامل اليومي. الطيبة التي تنتشر في نهاراته والبسمة التي ترفرف في مساءاته والتراويح في المساجد والفوانيس والزينة الرمضانية التي تظللنا في كل الشوارع. السهر والسحور وصلاة الفجر والصغار مهما هاجمتنا التكنولوجيا بمنصاتها، وتواصلها إلا أننا كمصريين مازلنا نحتفظ بروح رمضان ونسخر تلك المنصات للاحتفالات الرمضانية. في رمضان نتسم جميعا بالانضباط الأخلاقي رجالا ونساء أكثر من المعتاد فلا نغضب أحدا أو نكسر خاطره أو نسبه. ونكون أكثر قوة فيما يتعلق بالغضب وكظم الغيظ للحفاظ على صحة الصيام، حفظا للأجر العظيم. في رمضان نحاول أن نكون ملائكة لبعض الوقت فيما يخص العبادات والحياة اليومية. تتسم معاملاتنا بالرقي والسمو وعدم الدخول في مهاترات أو جدال ويشيع في أجواء العمل نسمة من اللطف والميل إلى فض المنازعات ودعوات الخير التي تتردد من شخص لآخر سواء كنت تعرفه جيدا أو تتعامل معه لبعض الوقت. لكن هناك بعض من المغالين في نصح الآخرين من حولهم بدعوى الحفاظ على روحانية رمضان، وخاصة النساء فنجد منهن من يترصدن بعضهن فيما يخص ملابسهن مثلا أو زينتهن التي لا أعتقد بحال من الأحوال أنهن يغالين فيها. وأن ملابسهن عادية جدا لكنها للأسف ليست على مزاج المنتقدات. شاهدت موقفا بل أكثر من موقف في الحقيقة. مواقف تراكمت حتى اختنقت بها ذاكرتي.
حدث موقف أمامي بين سيدتين جعلني أتأمل المشهد الذي بشكل مختلف لأن انتقادها للملابس العادية جاء للحفاظ على صوم الرجال! فمن أين جاءت المنتقدات برخصة الفتوى وقانون الحسبة ليتنمرن بمن حولهن من نساء، بل ويتهمنهن بأنهن سيفسدن صوم الرجال فلجأن للنصح لقليلات الإيمان اللواتي لا يرقى إيمانهن لمستوى إيمان المنتقدات تحت ستار المحبة في الله. هناك إله يرى ويسمع وهناك عقول تعي وهناك رجال في رمضان وغير رمضان يعرفون دينهم جيدا وليسوا بحاجة إلى حمايتكن ومساعدتكن ليحافظوا على صيامهم. فلا وصاية لأحد على أحد. ولا توجد مسطرة واحدة لقياس الإيمان. في رمضان، أتمنى أن لا نجرح أحد فنكسر خاطره أو نجعله يبكي ويشعر بالضآلة وسط الناس ويشتكي إلى الله. في رمضان أتمنى أن نقف على عتبة اللطف والرقة والتعامل الذي ينبغي أن يكون رمضانيا وغير رمضاني. فلا يعلم ما بالقلوب سوى الله. اللهم أحسن خاتمتنا وساعدنا على أن نكون يدا حانية وروحا معطاءة وقلبا سليما لا يظن سوءا بأحد.