في ٢٥ يناير ٢٠١٢، كُنت ضيفًا في برنامج الإعلامى طونى خليفة للحديث عن الذكرى الأولى لأحداث ٢٥ يناير ٢٠١١، وكان الضيف الآخر شابا من الشباب الذين أطلقوا على أنفسهم "إئتلاف شباب الثورة"، وهو الآن محبوس على ذمة قضية ومُوجه له تُهمة التعاون مع جماعة إرهابية، وخلال البرنامج انهال هذا الشاب بالسباب على وزارة الداخلية، حاولت في البداية "بقدر الإمكان" أن أُهدِئ نفسى وأبتعد عن الرد عليه بعصبية، وقُلت له: دعنا نُسانِد الشرطة ورجالها وندعوهم للعودة مرة أخرى ونقف بجانبهم ونشرح للرأى العام حجم التحديات، فوزارة الداخلية حُرِقت أقسامها واقتُحمت سجونها ومقرات الأمن الوطنى وبعض ضباطها استُشهد خلال الأحداث والبعض الآخر اتُهم ظلمًا في قضايا ما زالت (وقتها) منظورة أمام القضاء.
حاول هذا الشاب الذى أطلق على نفسه لقب "ثورجى"، التصعيد أكثر وقال: لا بد من تحقيق مطالب الثورة وأولها: هيكلة وزارة الداخلية.. صمِمِت على الهدوء في حديثى وقُمت بتوجيه مجموعة من الأسئلة له لأُثبت له أنه "جاهل ومُدعٍ ومُجرد ظاهرة صوتية ولا يعرِف مغزى ما يقول" وقلت له: ماذا تقصد بهيكلة وزارة الداخلية؟ وهل أنت وأمثالك لديكم الخبرة الكافية للهيكلة فهل أنتم "خبراء أمنيون"؟.. وحينما وجدتهُ يتلقى رسائل على تليفونه أثناء البرنامج أدركت أنه يتلقى إرشادات ونصائح وتعليمات ويتم تلقينهُ بها ليقولها في البرنامج قُلت له: وإنت مالك ومال الداخلية؟.. ظهرت عليه علامات القلق والتردد، ونظر إلى الرسائل التى تُرسل له على تليفونه وقال بسرعة: نحن "إئتلاف شباب الثورة" نُريد إدخال شباب من خريجى كلية الحقوق للعمل كضباط وأيضًا نُريد تفرُغ الشرطة لـ"الأمن والمرور" فقط، وإلغاء تبعية مصلحة الجوازات والهجرة لوزارة الداخلية.. لم أتمالك نفسى وصرخت في وجهه وقّلت: هذا مُخطط شيطانى إخوانى هدفه تدمير وزارة الداخلية وأنت تقول كلام فارغ أملى عليك.
كان النقاش عنيفًا بيننا وتحول لـ"خناقة كبرى" حينما قال: نُطالب بإلغاء جهاز الأمن الوطنى. هُنا بدأت الخناقة الحقيقية بينى وبينه وفشلت في السيطرة على هدوئى ووجدت نفسى أقوم من على الكرسى وأقول له: أنت وأمثالك لا تعون ما تقولون، هل هناك دولة في العالم لا يوجد بها جهاز أمن داخلى؟ حتى الدِول المتخلفة لديها أجهزة أمن داخلية !! كيف ترضى لدولة بحجم مصر ومُستهدفة والجميع يطمع في ثرواتها ويريدون تقسيمها ألا يكون لديها جهاز أمنى داخلى؟ من سيحميك من خطط الأعداء لتدمير مصر من الداخل؟ أمريكا التى تمتدحها لديها جهاز أمن داخلى وبريطانيا لديها جهاز أمن داخلى؟ هل تُدرك خطورة ما تقوله وتُردده كـ(البغبغان)؟.. ووجهت حديثى للمذيع طونى خليفة وقُلت له: هل "لبنان" بلدك لا يوجد بها جهاز أمن داخلى؟ رد قائلًا: لدينا جهاز أمن داخلى ونحترمه ونُدعمه، فقلت له: وهل ترضى أن يخرج أحد اللبنانيين وينادى بإلغاء جهاز الأمن الداخلى اللبنانى؟ فقال: لا … هنا تحديدًا قام طونى خليفة بتقديم ااعتذار للمشاهدين عما قيل في الحلقة، وقال: بتقدم باعتذار لكل المشاهدين في مصر وأُعلن عن إنهاء الحلقة.
سردت هذه الحكاية لكى أُشيد بدور جهاز الأمن الوطنى وضباطه في حماية مصر من التنظيمات الإرهابية بعد ما شاهدناه في مسلسل (الإختيار ٢) من بطولات عظيمة قام بها ضباط عظماء منتمون لجهاز عظيم.