الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الصبر طيب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الصبر كائن مظلوم لأن الجميع يطلبون منه الكثير.. فهو حين يأتي يرفضه الكل حتى حين يقبله البعض فإنهم يقبلونه بسياسة الرضا بالقضاء والقدر.. وهو أمر يحتاج لنفوس قوية ترى ما هو خلف الأحداث أو تأمل فيما هو خلف الأحداث.. لكن هذا لا يعني أن الصبر ليس مفتاح الفرج فعلا.. وإلا لما كانت المحاولة رقم ١٠٠ لأديسون هي التي أشعلت المصباح الكهربائي.. يدهشني هذا الـ (أديسون) كيف حاول ٩٩ مرة؟!..
الصبر ليس له أصدقاء لكن له من يعتادون عشرته.. وقديمًا كنت ترى حكيم القوم أكثرهم صبرًا أما اليوم فصار حكيمهم أكثرهم استغلالًا للوقت.. وربما صار الوقت سلعة تزداد قيمتها كلما تقدم العمر بالكرة الأرضية.. هم يحسبون عمرهم بحرص أكثر من ذي قبل.. والمدهش أن العمر حين تحسبه لا تشعر به.. كثرة مراقبة الشيء تفقده جماله مع الوقت.. والأجمل أن تندهش بمروره سريعًا أو بطيئًا.. وأن تصبر دون قلق من تأخر النتائج حتى تحب النتائج.
لطالما سمعنا عن أن الشيء الذي يصل ليدك بعد صبر طويل يكون شهيًا أكثر من كل ما سواه.. لكن لما نفكر هكذا؟!.. أليست النهايات السعيدة المفاجئة سعيدة أيضًا؟!.. ربما يكون الرجل الذي يعمل كل عمره كي يملك ثروة في كبره ليس أسعد من ذلك الذي حقق الثروة صغيرًا واستمر وجودها معه..
أحيانًا نفكر في أن بعض الأمور يكون الصبر فيها خيارًا وحيدًا إن أردت النجاة.. فبعض الأمور التي تحدث لك كالمرض لا يمكنك تغييرها أبدًّا ولا يمكنك تركها والرحيل عنها.. عندها تجد نفسك في مواجهة معها.. إما أن تتذمر وتشكو وهي لن ترحل وإما أن تبدأ في تأملها وعرض الصداقة عليها.. وهو الصبر اللطيف الذي يسمونه علميًا بـ (التكيف)..
الإنسان أكثر الكائنات تكيفًا لأنه يعتمد في تكيفه على العقل.. فهو كائن يحاول طوال حياته أن يفهم المعلومات حتى يستخدمها.. لذا يمثل له الصبر مشكلة فأنت في الصبر تأخذ قرارًا بانتظار معلومات قد تحبها وقد لا تحبها.. وبالتالي أنت غير قادر على أخذ قرار بالتكيف بل قرار بانتظار أشياء تريد أن تتكيف معها.. مما يعني أنك كإنسان لا تملك القاعدة التي تبني عليها تكيفك مع الوقت.. لذا فأنت تعتمد على الإيمان.. الإيمان بفكرة لدرجة تجعلك تنتظرها وتبذل الكثير من أجلها..
فالصبر طيب وجميل ولكنه يحتاج لأن تؤمن به.. لأن تعتقد فيه.. وعندها سيصبح من الحكمة أن تكتسب بصيرة تمنحك الصبر.. وستعتاد طول البال.. وإن كان سريعو الإيقاع ليسوا أصدقاء الصبر إلا أنهم قد يؤمنون بما ينتظرهم فيصبروا ويتحملوا فوق طاقاتهم الضعيفة بمراحل..