الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

حكايات مجهولة|| "فؤادي ليس يشفى".. ماهية العشق عند الفلاسفة والحكماء

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في مطلع رسالة "إخوان الصفا وخلان الوفا" حول "ماهية العشق" يؤكدون أن الناس اختلفوا فيه فمنهم من يرى أن العشق فضيلة نفسانية، ومنهم من يراه مرضًا أو جنون إلهي، وذلك لأنهم رأوا ما يعرض للعشاق من سهر الليل ونحول الجسم وغور العيون وتواتر النبض والأنفاس الصعداء مثل ما يعرض للمرضى، فظنوا أنه مرض نفساني، وأما الذين قالوا بالجنون فلأنهم لم يجدوا لهم دواءً يعالجونهم به ولا شربة يسقونها إياهم، فيبرؤون مما هم فيه من المحنة والبلوى.
وشغلهم تعريف العشق، فنقلوا عن بعض الحكماء أنه "إفراط المحبة وشدة الميل إلى نوع من الموجودات دون سائر الأنواع، وإلى شخص دون سائر الأشخاص، أو إلى شيء دون سائر الأشياء بكثرة الذكر له وشدة الاهتمام به أكثر مما ينبغي"، ونقلوا أيضا: "العشق هوى غالب في النفس نحو طبع مشكلات في الجسد أو نحو صورة مماثلة في الجنس، ومنهم من قال إن العشق هو شدة الشوق إلى الاتحاد؛ ولهذا فأي حال يكون عليها العاشق يتمنى حالا أخرى أقرب منها".
وعن تفضيلات النفوس ومعشوقاتها قالوا: "لما كانت النفوس المتجسدة ثلاثة أنواع، كما قالت الحكماء والفلاسفة، صارت معشوقاتها أيضا ثلاثة أنواع: فمنها النفس النباتية الشهوانية، وعشقها يكون نحو المأكولات والمشروبات والمناكح؛ ومنها النفس الغضبية الحيوانية، وعشقها يكون نحو القهر والغلبة وحب الرياسة؛ ومنها النفس الناطقة، وعشقها يكون نحو المعارف واكتساب الفضائل".
ومن التفاصيل التي أثاروها "النظرة الأولى" حيث وصفوها بـ"مبدأ العشق"، فبحسب "إخوان الصفا" فإن العشق وأوله نظرة ٌأو التفات نحو شخص من الأشخاص، فيكون مثلها كمثل حبة زرعت أو غصن غرس أو نطفة سقطت في رحم بشر، وتكون باقي النظرات واللحظات بمنزلة مادة تنصب إلى هناك، وتنشأ وتنمو على ممر الأيام إلى أن تصير شجرة أو جنينًا؛ وذلك أن همة العاشق ومناه هو الدنو والقرب".
وناقشت "إخوان الصفا" علة العشق، فذكروا عددا من الأسباب منها: مشكلاتة المحبين الفلكية في أصل مولدهما، كأن يكون مولد الشخصين في برج واحد، حيث أجازوا تغير العشق بعد ثباته زمنًا لتحولات فلكية، وأيضا تحدثوا عن الاتفاقات بين العاشقين، حيث يظن البعض أن العشق لا يكون إلا للأشياء الحسنة حسب! وليس الأمر كما ظنوا؛ فإنه قد قيل: يا رب مستحسن ما ليس بالحسن! ولكن العلة في ذلك هي الاتفاقات التي بينهما، وهي كثيرة لا يحصي عددها إلا الله جل ثناؤه.
وعن العشق قال الشاعر: أعانقها والنفس بعد مشوقة/ إليها، وهل بعد العناق تدان/ وألثم فاها كي تزول صبابتي/ فيزداد ما ألقى من الهيَمان/ كأن فؤادي ليس يَشفي غليله/ سوى أن يرى الروحين يمتزجان.