انطلق المفكر الإسلامى السورى الكبير الراحل "محمد شحرور" فى تعامله مع كتاب الله من قلب الثقافة العربية من التراث نفسه ولم يأت من خارجه أبدا.
فصار المفكر الحاذق على موقف الإمام العظيم أبو حنيفة فى التمسك بالمصحف وباعتباره مركزا للدين وأحيا الرجل مدرسة اللاترادف فى التعامل مع العربية والتى قبرت تماما احتراما للشعر والشعراء ونشأت مبكرا فى القرن الثانى على يد بن الإعرابى وثعلب الكوفى الذى قال قولته الشهيرة (ماتظنوه متشابها هو فى الحقيقة متباينا) وابوعلى الفارسى وتلاميذهم العلامه الكبير بن جنى ومؤسس علم البلاغه فى القرن الخامس الهجرى الفارسى عبد القاهر الجرجانى واستخدم معجم مقاييس اللغه لابن فارس كما قرأ ابو البقاء العبكرى المتوفى 660 هجريه واستشهد ببعض ملاحظاته النحوية كما راجع كتب مالك والشافعى ومسند الإمام أحمد وانتقد ماوضعه الشافعى من أدوات والتى اطلقوا عليها فيما بعد اصول الفقه الاربعه وطالب بمراجعتها وألغاء بعضها كما رفض معنى الحكمه للشافعى ومعظم ماجاء بكتبه كما رفض فكرة الشافعى بالوحى الثانى واثنى على منهج ابو حنيفه كما عاب عليه فى اشياء ونقل بعض الاشياء عن المفكر المصرى الراحل جمال البنا واستشهد ببعض ارائه
*وترك لنا أدوات معرفيه عديده للتعامل مع ايات كتاب الله وتفسيرها مثل (اللاترادف) و(الترتيل) و(التقاطع) و(التزام السياق) والتركيز بشده على المعنى السياقى مع عدم اهمال او تجاوز المعنى اللفظى، وأكد على قاعده الجرجانى انه (عندما يكلم المتكلم السامع فإنه لايقصد افهامه معانى الالفاظ المفردة إنما هو النظم والسياق)، واعطى السلطه والسلطان والكلمة الفصل والقول الفصل للسياق وحده فى تحديد المعنى،
وأكد على ضرورة البحث عن مصداقيه النص فى الواقع فإلتزم بقاعده الجرجانى انه لايمكن فهم اى نص الا على نحو يقتضيه العقل لان اللغه كما قال( بن جني) وليدة التفكير ونتاجه وتتطور بتطوره وانها لم تخترع مره واحده ولم توجد دفقة واحده، كما رفض القول بالحشوية او الحروف الذائدة او الحروف المحزوفه فى التعامل مع المصحف كما علمنا عدم الاجتزاء او الاستقسام واكد على اهميه دراسه الضمائر عند محاولة فهم التنزيل وخصوصا المتكلم والمخاطب
*وانتبه لرسم ألفاظ المصحف وكلماته وصار وفقا لقاعدة الجرجانى فى البلاغه انه (كلما ذاد المبنى ذاد المعنى) اى اذا ذاد فى تركيب اللفظ حرف واحد او تغير حرف واحد فإن الدلاله تختلف وتفترق
كما احترم "شحرور" بشدة دقه القرآن ورسم ألفاظه ومواقع النجم واكد انها الفواصل بين الايات، كما صنف لاول مره ايات الكتاب وفصل لاول مره بين الكتاب والقرآن وبين المحكم والمتشابه وبين آيات النبوة وآيات الرسالة كما جمع تفصيل كل محكم على حدة وأرفق كل تفصيل بمحكمه الذى يفصله ويبينه كما فصل بين مقامى سيدنا محمد الرسول والنبى كما فصل بين الاسلام والايمان وبين التاريخى والدينى واعاد العباده الى مكانها فى الصراط المستقيم واكتشف نظرية المعرفه اللالهيه وحدد السبع المثانى وادرك التطور التاريخى الذي بينه القصص القرآنى بدايه من عصر الامومه الى عصر الذكورة وبدايه من عصر تسخير الانعام واثره فى استقرار الانسان ونشأت البناء
كما فصل بين البشر والانسان وبين الروح والنفس وبين الانزال والتنزيل والبلاغ والابلاغ والذنب والسيئه والعمل والفعل والنبأ والخبر والزوج والبعل والاب والوالد والام والوالدة والحديث واحسن الحديث والكتاب وام الكتاب
* وقارن مقارنه مهمة للغايه بين النظام العقابى فى الشرائع السماويه وبرهن على ان الشريعه الخاتمه هى الرحمة المهداه، ورفض تماما القول بالنسخ الا بين الشرائع واكد على عدم الغاء ايه احكام ايات فى كتاب الله كما رفض استخراج احكام او تشريعات من القصص النبوي التاريخى واضافتها للرساله افنى شحرور عمره فى التدبر قرابه 50 عاما وترك لنا 13 كتابا ونموذج رفيع للمثقف وللباحث تفرد به الرجل