الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

«حازم منير» ومن مروا عبر 23 عبدالخالق ثروت

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يبدو أن قطار الأحزان لا يريد أن يتوقف، وأخذ طريقا جديدأ مع هذا الوباء اللعين "كوفيد – 19"، والقلب الموجوع يبدو أنه لم يعد يتحمل، هذا الفراق المفاجئ والذي خطف الجميل والصديق الكاتب الصحفي "حازم منير"، وعلى رأي الأستاذه أمنية النقاش "الدنيا بقت بتضيق علينا يا حضري"، والكتابة عن أساتذة وزملاء 23 شارع عبد الخالق ثروت، الدور الثالث – مقر جريدة الأهالي، هي كتابة من نوع خاص.
الكتابة عن هذه الكتيبة، هي كتاب عن النفس والذات، وليس مجرد زميل يجلس على كرسي خشب في مكان من ثلاثة غرف وصالة، كان عبارة عن خلية نحل، وسط علاقات قل الزمان أن يجود بها، وأشعر بالحزن الشديد على علاقات هذا الزمن والذي تحول إلى علاقات لا روح ولا إنسانية فيها.
في هذا المكان الصغير، كانت مدرسة صحفية من نوع خاص.. كل يعرف دوره، لحظات العمل هي أوقات لا مجاملات فيها، وبعد ساعات نجتمع أو نتجمع في حياتنا الخاصة، ولهذا نشأت علاقات مهمة عالية الإنسانية بين كل الأجيال.
ولأنهم جميعا مروا من هنا من 23 عبد الخالق ثروت بوسط القاهرة، لم تتغير طباعهم، الحب والمودة كانت سمة الخط الرابط بينهم، في غرف واحدة كان الرئيس والمرؤوس، والشعار هو التجويد، ونقل الخبرات من جيل إلى جيل، ولهذا الكتابة عنهم هي كتابة عن النفس والروح الواحدة.
فقد مر على هذا المكان عمالقة تعلمنا منهم الكثير، حب المهنة والحفاظ على العلاقات الإنسانية، وزملاء ارتبطنا بالحب والمودة، فقد بدأت رحلة الرحيل، مع الألقاب، مع الموت المفاجئ للراحل فيليب جلاب، لتبدأ سلسلة الرحيل، مع بهحت عثمان، وحامد العويضي، وعبدالغنى أبو العينين ونجاح عمر وأحمد اسماعيل، وكمال القلش، ومحمود المراغي وجمال الشرقاوي، ومجدي حسانين، وتوالت قائمة الرحيل، ليرحل صلاح عيسى، كما غيب المرض والموت الزعيم خالد محي الدين، ورحل معهم حسين عبد الرازق، والحزن يمتد ليرحل بشكل مفاجئ الدكتور رفعت السعيد، ولا تتوقف الأحزان، ليرحل عبد العال الباقوري، وسريعا ما يأتي الفيروس اللعين كورونا ليغيب الموت، محمد منير، وسرعان ما رحل رياض سيف النصر.
ولم تأبي الأحزان أن تتوقف، ليصيب الفيروس المعلون "كوفيد- 19"، حازم منير أو "حزوم"، كما كنت أحب أن أناديه، ليضيف حزنا جديدا على قلوب لم تعد تحتمل المزيد من الأحزان.
عرفت حازم قبل شقيقه محمد منير بسنوات قليلة، وكان في البداية كتلة نشاط في اتحاد الشباب التقدمي، والتي أولاه حزب التجمع اهتماما خاصا، من أجل تنشأة جيل يساري، يقود الحزب والتيار في المستقبل، وإن اختلفت مشاربهم وانتماءاتهم، إلا أن الاتحاد كان يجمعهم.
وكانت نداهة الصحافة دائما وراء حازم، ليتخذ قرارا جديدا في حياته، ليلتحق بركب الأهالي، ويلمع اسمه سريعا متميزا في رؤيته وفكره، وأبدع في كل مهامه، ولأن "الأهالي" لم تتخلي عن مبدع، فقد كانت الطريق له، ليكشف عن مواهبه المتعددة، وينطلق منها إلى مواقع أخرى في صحف ومجلات داخل وخارج الوطن.
وتأتي انطلاقة أخرى لحازم في المجال التلفزيوني وعالم الفضائيات، كنت وقتها قد سافرت للعمل في الخارج، وفتح "الإعلام المرئي" لحازم مجالا أرحب وعالم من الانتشار، وأدرك مبكرا أهمية هذا القطاع في صناعة الميديا، والتي كانت إنطلاقتها في أواخر التسعينيات وإمتدت بعد ذلك.
لم يلفتت حازم إلى أي عرض للعمل بالخارج، وحدد لنفسه هدفا، وهو التجويد في الأداء في "إعلام الفضائيات"، ليصبح من أفضل وأشهر المعدين للبرامج الإخبارية والسياسية في صناعة إن لم تثبت فيها وجودك ستضيع وسط الذئاب، وقد كان له ما تحقق.
ولم تأكل المهنة من حازم منير مواقفه السياسية التي تعلمها في التجمع، وكافة التنظيمات السياسية الأخرى، ليجد لنفسه نافذه في مجال حقوق الإنسان، ليكون واحدا من هؤلاء الذين يدافعون عن حقوق المظلومين، ووظف كافة خبراته خلال العمل في المجلس القومي لحقوق الإنسان مع عمالقة وأسانذة ليتعلم ويضيف خبرات إلى خبراته، وظل هاجس الدفاع عن الوطن هو الهمّ الأكبر له، وحدد موقفه منذ البداية من 25 يناير و30 يونيو، ليقول إن حماية الوطن من أي سطو عليه هي المهمة الرئيسية.
ذهب حازم الإنسان الذي تربطني به علاقة من نوع خاص، مثل تلك العلاقة التي ربطتني بشقيقه المرحوم الصديق "محمد منير"، وكان لدينا طموح في علاقة أعلى، إلا أن الأقدار سريعا ما تأكل الأحلام.
رحل حازم دون أن ننفذ ما اتفقنا عليه، بأن نجلس ونتحاور، بعد أن تزول "الغُمة" التي أصابت كلينا، فعلي روحك يا "حزوم" السلام، لتترك في القلب وجعًا يضاف لأوجاع كل من رحلوا ممن مروا على 23 عبد الخالق ثروت، و1 كريم الدولة.