الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

اقتصاد

تحليل اقتصادي يكتبه إيهاب البدوي: قناة السويس كلمة السر في إنهاء أزمة سد النهضة سلميا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
500 مليار دولار زيادة في تكلفة الاقتصاد العالمي سنويا
ارتفاع أسعار النفط والسلع والخدمات على المواطن الأوروبي والأمريكي
تكبيل حركة السفن العسكرية الأمريكية في المنطقة
توقف 30% من السلع الاستهلاكية التي تستوردها دول الخليج

يعاني الاقتصاد العالمي من حالة انكماش اقتصادي غير مسبوق، وصفته كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي غيتا غوبيناث، أنه الأسوأ منذ الكساد العالمي الكبير 1946 وحذرت من أن النمو الاقتصادي في الاقتصاديات المتقدمة لن يعود إلى حالته السابقة حتى منتصف عام 2022.
الصندوق نفسه توقع أن ينكمش الاقتصاد في الولايات المتحدة بنسبة 5.9 في المائة، ويمثل هذا أكبر تدن سنوي منذ عام 1946. وأشار إلى زيادة نسبة البطالة في الولايات المتحدة إلى 10.4 في المائة، أما الاقتصاد الصيني فيشير إلى زيادة نموه بنسبة 1.2 في المائة لكنها أقل نسبة نمو له منذ عام 1976.
فهل في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها العالم حاليا والتي زادت جائحة كورونا من أوجاعه، يتحمل أن تحدث اضطرابات في منطقة حوض النيل قد يترتب عنها بطء أو تعطيل لعمل قناة السويس، بسبب نشوب حرب مياه في المنطقة قد تصبح منطقة قناة السويس مسرح عمليات وهو ما يؤدي إلى توقف العمل بها؟
العالم جرب إغلاق قناة السويس بسبب السفينة البنمية لمدة أقل من أسبوع، فماذا حدث للاقتصاد العالمي خلال هذا الأسبوع؟
هذا السؤال طرحته وكالة "بلومبرج" الاقتصادية الأمريكية، وقالت كم سيكلف إغلاق قناة السويس العالم ماليا؟
الوكالة قالت في الإجابة السريعة إن التكلفة كبيرة لا يمكن إحصاؤها حاليا لكنها أشارت إلى ارتفاع تكلفة شحن الحاوية البالغة مساحتها 4.7 متر، القادمة من الصين لأوروبا إلى نحو 8 آلاف دولار، أي ما يعادل 4 أضعاف الرقم في العام الماضي، مما يعني بكل بساطة ارتفاعا في أسعار السلع الموجودة في هذه الحاويات.
كما أشارت إلى ارتفاع تكلفة سفن "سويز ماكس" العملاقة التي تنقل النفط، إلى أكثر من 17 ألف دولار أمريكي في اليوم الواحد، وهو الرقم الأكبر منذ يونيو 2020.
وقالت الوكالة إن شركة "كاتربيلر" الأمريكية عملاق صناعة المعدات الثقيلة في الولايات المتحدة خلال فترة التوقف المؤقت للقناة عانت من تأخيرات في الشحن لدرجة أنها فكرت في شحن معداتها الثقيلة جوا.
وأشارت الوكالة إلى ان طريق "رأس الرجال الصالح"، سيضيف 9650 كيلومترا إلى الرحلة، وتكاليف وقود تصل إلى 300 ألف دولار إضافية، لكل رحلة قادمة من الشرق الأوسط إلى أوروبا وسيكون على عاتق الفرد الذي يشتري السلع في شوارع أوروبا تحمل هذه النفقات كلها.
بدورها اشارت شركة التامين العالمية اليانس في تقرير لها ان التجارة العالمية خلال الفترة المؤقتة لإغلاق القناة تكلف 10 مليارات دولار زيادة أي أن أقل من أسبوع أضيف إلى الاقتصاد العالمي هذا الرقم بما يعني 40 مليار دولار شهريا و480 مليار دولار سنويا على الاقل.
الظاهرة الأبرز والأكثر وضوحا عند الإغلاق المؤقت للقناة هو ارتفاع أسعار النفط بنسبة 6 بالمائة بعد أقل من 48 ساعة على حادث جنوح الناقلة خاصة وان القناة تنقل 10 إلى 15 بالمائة من مجمل السلع التي تنقلها الحاويات إلى مختلف أنحاء العالم.
وتضم السلع والبضائع المارة كل ما يخطر على البال من مصادر الطاقة والمواد الأولية والوسيطة والسلع الجاهزة والحيوانات الحية وغيرها تنتقل ما بين أسواق أوروبا وفي مقدمتها ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا غربا والصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية ودول شرق وجنوب آسيا الأخرى شرقا
أما أكثر الدول التي تضررت من الإغلاق المؤقت للقناة كانت المانيا وفقا لمعهد الاقتصاد العالمي "في كيل"، والذي اشار إلى أن 8 إلى 9 بالمائة من صادراتها ووارداتها تمر عبر القناة. ويطال الضرر بشكل خاص العلاقات الاقتصادية مع الصين الذي أضحت أهم شريك تجاري لألمانيا. ويدل على ذلك أن ثلثي البضائع المتبادلة بين الطرفين يتم نقلها عن طريق السفن التي تمر عبر قناة السويس.
وفي فترة التوقف المؤقت للقناة كان هناك خوف من اتحاد الصناعات الألمانية من انقطاع سلاسل توريد المواد الصناعية والمعدات بشكل يؤدي إلى قلة عرض الكثير من السلع والخدمات التي تعتمد عليها كصناعة الأجهزة الإلكترونية والسيارات ووسائل الاتصال ومعدات الطاقات المتجددة والمواد الغذائية.
وقال هولغر لوش نائب المدير التنفيذي للاتحاد وقتها إن "السلاسل المتعثرة بين آسيا وأوروبا مهددة بالتوقف التام"، مضيفا أن هذا "يمثل مشكلة خاصة لفروع الصناعة ذات الإنتاج المبرمج مثل صناعة السيارات".
تأثير إغلاق القناة امتد إلى العالم العربي وخاصة دول الخليج التي تصدر قسما هاما من النفط والغاز المسال عبر القناة. وتشير التقديرات إلى أن ما بين مليون إلى مليون ونصف برميل نفط يوميا تُشحن يوميا عبرها إلى الأسواق الأوروبية والتركية وأسواق دول أخرى، غير أن المشكلة الأكبر لهذه الدول في اعتماد أسواقها بنسب تتراوح بين 20 إلى 30 بالمائة على السلع الاستهلاكية التي تستوردها من أوروبا وشمال أمريكا مرورا بقناة السويس.
وبعيدا عن الاقتصاد والتجارة، قال مسئولون في البنتاجون لصحيفة THE HILL، إن استمرار توقف حركة المرور في القناة سيؤثر على حركة السفن العسكرية الأمريكية وقالت مسئولة الشئون العامة في البحرية الأمريكية ريبيكا ريباريتش لن نتحدث عن تأثيرات تشغيلية محددة وتعد قناة السويس نقطة عبور بحرية أساسية وكلما طال تعليق هذا الممر، زاد تأثير ذلك على عمليات العبور المدنية والعسكرية، وهو ما يعني عدم قدرة الأمريكان على التعامل المباشر مع أي تهديد ايراني للمنطقة وتوقف سفنها العسكرية أو عدم قدرتها على التدخل في الوقت المناسب
فبعد كل هذه المعطيات التي حدثت خلال أسبوع واحد من الإغلاق يتحمل العالم هزة اقتصادية بحجم تباطؤ أو إغلاق القناة بسبب عمليات عسكرية؟
المصلحة الاقتصادية تقول بالطبع لا، والعالم يتعامل بالمصالح وليس بالأخلاق ولا الحقوق والتقييم يتم الآن مكاسب وخسائر العالم من سد النهضة مقابل مكاسب وخسائر العالم من حدوث حالة من عدم الاستقرار في مصر بسبب أزمة السد.
لذلك مؤشرات الحل السلمي هي الأكثر تحققا خلال الأيام القليلة القادمة، وكما قال الرئيس عبدالفتاح السيسي، نحن لا نهدد أحدا ولكن لا يستطيع أحد أخذ نقطة مياه من مصر وإلا ستشهد المنطقة حالة عدم استقرار لا يتخيلها أحد.