الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الغاية من الصيام

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عوَّض الله تعالى الأمة الإسلامية عن قصر أعمارها بمواسم للطاعات، يستطيعون بها الوصول إلى أعمار الأمم السابقة التي كانت تقارب الألف عام، إذا أحسنوا استغلالها، وتزوُّدوا من خيراتها، ومن هذه المواسم شَّهر التوبة والغفران، شَّهر رمضان، الذي تُفتح فيه أبواب الجنة، وتُغلَّق فيه أبوب النيران، والصوم فريضة قديمة في كل الشرائع السماوية، وذكر الله تعالى الحكمة من مشروعية الصيام وفرضه علينا في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة : 183]، أي: فرض عليكم الصيام مثل ما فرضه على الذين من قبلكم، والغاية الكبري من الصوم إعداد القلوب للتقوى والخشية من الله؛ فالتقوى هي التي توقظ القلوب لتؤدي هذه الفريضة طاعةً لله خوفًا من غضبه وطلبًا لرضاه، وأيضًا جامعة لخصال الخير والبرّ في الدنيا والآخرة، وتعني خشية الله ومراقبته، والالتزام بما كتبه على عباده؛ فالصوم وسيلة إلى شكر النعم، وكف النفس عن الطعام والشرب والجماع، وترك المحرَّمات، وسبب لاتقاء محارم الله، والتغلب على الشهوات، لأَن النفس إذا شبعت تمنت الشهوات، والتقوى طاعة الله عزَّ وجلَّ واتقاء غضبه، وتُعدُّ أهم ما يثمره الصيام في الصائمين، وقد جمع الله للمتقين، دخول الجنة، والوقاية من النار.
يُعدُّ الصوم وسيلة للتحلي بتقوى الله عزَّ وجلَّ؛ لأن النفس إذا امتنعت عن بعض المباحات الضرورية كالطعام والشراب؛ طمعًا في طاعة الله وخوفًا من غضبه؛ يسهل حينئذ عليها الامتناع عن المحرَّمات، والتحلي بتقوى الله تعالى، ومن تمام التقوى أن يدع الإنسان بعض الحلال مخافة الوقوع في الحرام، فالمؤمن التقي ورع لا يحوم حول الحمى، ولا يدنو من الشبهات، ويترك ما يريبه إلى ما لا يريبه، ومن ثم يخشى ربه في السر والعلن، يرجو رحمته ويخشى عذابه، وعندما سئل الإمامُ عليٌّ رضي الله عنه، عن التقوى قال: "هي الخوفُ من الجليل، والعملُ بالتَّنزيل، والاستعدادُ ليومِ الرَّحيل، والبُعد عن القال والقيل، ولما سأل أمير المؤمنين عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه، الصحابيَ الجليل، أبي بن كعب، رضي الله عنه، عن معنى التقوى؟ فقال يا أمير المؤمنين: أما سلكت طريقًا ذا شوك؟ قال: بلى.. قال: فما صنعت؟ قال: شمّرتُ واتقيت، قال أُبي: فذلك التقوى.