الثلاثاء 01 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

محافظات

الحوايا.. جزء من التراث البدوي مهدد بالانقراض

.. «الحوايا»
.. «الحوايا»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
صناعة عمرها مئات السنين، تتقنها البدويات، وتعاني مشكلة التسويق وارتفاع أسعار الخامات.. «صناعة الحوايا» أبرز الصناعات اليدوية الحرفية والأكثر شهرة بالقرى والنجوع المنتشرة بصحراء محافظة مطروح، تصنعها البدويات من صوف الأغنام، ويمتد عمرها إلى مئات السنين بالتزامن مع استقرار قبائل أولاد علي في الشريط الساحلي للبحر المتوسط «إقليم مريوط» ومازالت قائمة حتى الآن، غير أنها باتت مهددة بالانقراض.
وتقول اعتماد راف الله، إحدى البدويات التي تعمل في مجال صناعة الحوايا، إنها تعد من التراث البدوي القديم، وكانت تدخل ضمن جهاز العروسة ولا يخلو بيت من بيوت بدو مطروح منها، وأخذت تتطور هذه الحرفة شيئًا فشيئًا مع مرور الزمن، ولكن مع الحفاظ على أصولها البدوية العريقة، وتتقنها السيدات البدويات خاصة كبار السن اللاتي يعملن بها منذ عشرات السنين وتوارث الأجيال هذه الصنعة وتعلمتها البنات الصغيرات للحفاظ على امتدادها على مر الزمان، ولكن تواجه الصنعة في هذه الأيام خطر الانقراض بسبب العراقيل التي تواجهها لاسيما مشكلة التسويق التي تكاد تكون منعدمة.
تجد السيدة البدوية التي تعمل في صناعة «الحوايا» صعوبة كبيرة في تصريف منتجاتها، فبعد أن تبذل الجهد والعرق خلال عدة أشهر في صناعة قطعة واحدة من الحوايا، لا تجد من يشتريها أو يقدر ثمنها حق تقدير، فقد عانت في غزل الأصواف التي حصلت عليها من الأغنام التي تقوم وأسرتها بتربيتها في الصحراء، وتقوم بصبغها بالألوان المختلفة لنسجها على الأنوال الخشبية القديمة والتي لم يتغير شكلها من قديم الزمان.
ويشتغل بهذه الحرفة النساء فقط واللاتي يعتمدن عليها كحرفة تدر دخلًا للمساهمة في أعباء الحياة، ويبلغ عدد المشتغلات بها نحو ألف سيدة بمختلف قرى ونجوع المحافظة، خاصة مركز مدينة سيدي براني نحو 160 كيلو متر غرب مدينة مرسى مطروح العاصمة، حيث يعد هذا المركز أبرز المناطق المنتجة للحوايا والصناعات اليدوية الحرفية، وليس في إنتاج الحوايا فقط.
وتعتمد «الحوايا» على أصواف الأغنام دون غيرها من الحيوانات الأخرى، ولكن يعد الحصول على المادة الخام اللازمة لهذه الصناعة معوق آخر بجانب التسويق، بالرغم من توافر الثروة الحيوانية بنطاق محافظة مطروح والتي تشتهر بتربية أغنام البرقي والتي تعد من أجود أنواع اللحوم في العالم، إلا أن أصوافها لا تصلح للحوايا ويتم استخدامها في صناعة الكليم والمصنوعات الصوفية الصغيرة، فيتم جلب الأصواف من محافظة كفر الشيخ وهي التي تم استيرادها من دولة أستراليا «أصواف المارينو» حيث تتميز بنعومتها وثبات صبغتها.
وعن جهود المحافظة في مجال «الحوايا»، فهناك مصنع الصوف بقرية القصر التابعة لمركز مرسى مطروح، يرجع إنشاؤه إلى أوائل الستينيات من القرن الماضي ويضم ماكينتين قديمتين، وكان تحت إشراف شركة غزل المحلة، وقد تم اسناد إدارته في عام 2005 لمشروع تنمية موارد مطروح، والذي أقام هنجرين جديدين بهما أنوال ومعدات تساعد البدويات للحفاظ على الحرف اليدوية التراثية، ويعمل بالمصنع 14 آنسة وسيدة، وتم تدعيم المصنع الصغير بماكينات جديدة للنهوض بهذه الصنعة.
وتشير "راف الله" الى أن «الحوايا» تراث بدوي قديم من أيام جدة جدتها وتوارثتها الأجيال، مؤكدة أنها تعلمتها وأحبتها هي وأختها التي تليها، ولكن مشكلة التسويق هي العقبة الكبرى التي تواجههن، فالسيدة البدوية تصنع «الحوايا» وتنتظر أن تبيعها.
وعن مساحات «الحوايا» فهي تبدأ من مترين ونصف إلى أربع أمتار، وتحتاج إلى قرابة 6 أشهر لإنجازها ويعمل بها 3 أو 4 سيدات، حيث تحتاج إلى استخدام الغرز كل غرزة على حدة في تناسق لوني بديع، يشمل 6 ألوان هي الأحمر والأبيض والأخضر الغامق والفاتح والبني والأزرق، وتبلغ سعر تكلفة المتر الواحد 150 جنيهًا، والتكلفة ضعيفة جدًا لا تتناسب مع الجهد المبذول في اتمام هذا العمل.
ويقبل السياح الأجانب على «الحوايا» التي يتم عرضها بالفنادق الكبرى والمنتجعات السياحة والتي تستقبل وفودًا عديدة من السياح الأوربيين خاصة الإيطاليين عن طريق سياحة الشارتر، ولكن تحتاج هذه الصناعة إلى دعم من الدولة من تنظيم معارض لإبراز هذا التراث القديم للحفاظ على بقاؤه على قيد الحياة.
وهناك خطة لتشجيع الصناعات اليدوية تقوم بتنفيذها محافظة مطروح من خلال إدارة تنمية القرية، والتي تمنح قروضًا ميسره دون فوائد للبدويات، لشراء الصوف والأصباغ، ولكن عمليات التسويق تحول دون إقبال البدويات على التصنيع، التي تتعرض لخطر الإنقراض فضلًا عن ارتفاع أسعار خامات صوف الضأن ووبر الجمال، وجشع التجار الذين يشترون هذه المنتجات من البدويات بأسعار بخسة، ويقومون بعرضها للبيع بأسعار تصل إلى 5 أمثال ما دفعوه فيها.