* بدأت هذه الجماعة على يد مؤسسها الدكتور عبد اللطيف موسى أحد أبناء قطاع غزة، وكان يدرس الطب في كلية الطب جامعة الإسكندرية في مصر - وهذه المدينة هي معقل الجماعات السلفية - وهي أيضاً معقل الجماعة القطبية "نسبة إلى سيد قطب" الذي أعدم في عام 1965 في قضية تنظيم الإخوان التي يطلق عليها اسم "تنظيم 65"، وقد تم تنفيذ الحكم في 1966 فيه واثنين آخرين: عبد الفتاح إسماعيل وعلي عشماوي، وضم هذا التنظيم قيادات جماعة الإخوان الحالين ومنهم: محمد بديع المرشد العام، ومحمد عزت، ومعهما عبد المجيد الشاذلي الذي حكم عليه بالإعدام ثمّ تمّ تخفيف الحكم إلى الأشغال الشاقة المؤبدة، ومعهم أيضاً شكري مصطفى، الذي أسس - بعد خروجه من السجن - جماعة "التكفير والهجرة"، وهي الجماعة التي قامت باختطاف الشيـــــــــــــخ "الذهبي"، وهو من علماء الأزهر الشريف، كما أنه هو الذي تكفل بالرد على هذه الجماعة وتبيان ضلالها وأنها ليست على منهج النبي صلى الله عليه وسلم، وأن أعضاءها من مذهب الخوارج الذين ذمّهم النبي صلى الله عليه وسلم ووصفهم بأنهم "كلاب جهنم"، وساوم شكري وجماعته الحكومة بأن تفرج عن أتباعه المحبوسين مقابل الإفراج عن الشيخ "الذهبي"، وفشلت المساومة حيث رفضت الحكومة الاستجابة لمطالبهم فقاموا بقتل الرهينة في إحدى الشقق المفروشة في حي الهرم، وقام بتنفيذ القتل شخص يدعى طارق عبد العليم، وكان ضابط شرطة ولكنه اعتنق فكر هذه الجماعة المتطرفة، وبعض القبض عليهم تم تنفيذ حكم الإعدام في المجموعة التي قامت بالاختطاف والقتل، وعلى رأسهم كلٌّ من: شكري مصطفى وطارق عبد العليم، وكذلك كان مع هذه المجموعة محمد قطب، وهو شقيق سيد قطب، واشتهرت هذه المجموعة في وسط جموع الإخوان في السجن بأنها مجموعة "التكفيريين" - أي اصحاب الفكر التكفيري - وعندما خرج الإخوان من السجون بعد تفاهمات مع الرئيس الراحل محمد أنور السادات، تولى مسؤولية تنظيم الإخوان آنذاك الأستاذ عمر التلمساني، فقام بعزل هذه المجموعة وحذر أعضاء التنظيم منهم ومن فكرهم الضال، وقال التلمساني: "خراب جماعة الإخوان على أيدي هؤلاء".
استقر عبد المجيد الشاذلي في مدينة الإسكندرية وأخذ يدعو إلى الفكر القطبي، والذي هو ملخص في أنهم يتوقفون في عوام المسلمين - أي لا يحكمون لعوام المسلمين بالإسلام ولا بالكفر، بل إنهم يتوقفون في الحكم عليهم حتى يتبينوا حقيقة إيمانهم وإسلامهم - وطبعاً حقيقة الإيمان والإسلام حسب فهم القطبيين تتلخص في فهم معنى الكفر بالطاغوت وفهم معنى الإيمان بالله، وقد ألّف عبد المجيد الشاذلي كتاباً بعنوان "حدّ الإسلام وحقيقة الإيمان"، شرح فيه هذه النظرية طبقاً لفهمهم واعتقادهم.
فإذا تبين لهم أن هذا الشخص يفهم الإيمان كفهمهم هم حكموا لهم بالإسلام، وإلا فهو كافر عندهم، وهذا هو ملخص الفكر القطبي - أو فكر "التوقف حتى التبيّن" - واعتنق عبد اللطيف موسى هذا الفكر من عبد المجيد الشاذلي، وعندما تخرج وعاد إلى قطاع غزة بدأ في تأسيس جماعته المبنية على "الفكر القطبي"، وزاد اتباعه في القطاع حتى وصلت حماس إلى حكم قطاع غزة، فطلب منهم عبد اللطيف موسى إقامة شرع الله في غزة وتنفيذ الحسبة الإسلامية بإلزام النساء بالزي الإسلامي وإغلاق محلات بيع الخمور... إلخ، وعندما لم تستجب حماس لدعوته وأبدت استعدادها للصلح مع إسرائيل، قام الدكتور عبد اللطيف موسى بالجهر بكفر منظمة حماس، وأخذ في دروسه - أو في خطبه - يؤكد على أن منظمة حماس منظمة علمانية كافرة ليس لها حق السمع والطاعة، بينما هددته حماس بأنها سوف تسكته إلى الأبد، ولكنه لم يعبأ بهذه التهديدات فما كان من حماس إلا أن أخذت فتوى من الشيخ يوسف القرضاوي بقتل عبد اللطيف موسى وأعوانه، فأعطاهم القرضاوي فتوى بذلك - حسب زعم حماس - وفي يوم الجمعة الذي يخطب فيه الدكتور عبد اللطيف حاصرت حماس المسجد، وهو مسجد الإمام ابن تيمية في قطاع غزة، وقامت بدك المسجد على من فيه، فقتلت الدكتور عبد اللطيف موسى و36 من أتباعه وفرّ من بقي منهم على قيد الحياة إلى سيناء المصرية عبر الأنفاق أو عبر البحر مع مراكب الصيد، واستقروا في شمال سيناء وبدأت اتصالاتهم بالجماعات التكفيرية المشابهة لهم في الفكر والمنتشرة في شمال سيناء وعلى رأس هذه الجماعات جماعة "التوحيد والجهاد"، وهي بقايا من جماعة الدكتور خالد مساعد، والذي قتل بعد أحداث طابا وشرم الشيخ - تفجيرات الفنادق في عام 2005 - ودخل أتباعه السجن، وفي السجن التقوا مجموعات تكفيرية على رأسهم جماعة "الناجون من النار" ويتزعمهم الدكتور محمد الصفتي - وهو على نفس فكر عبد اللطيف موسى - حتى وقعت أحداث ثورة 25 يناير 2011 وتمكن عدد كبير من أتباع خالد مساعد من الهرب من السجن واتجهوا إلى سيناء، وجزء منهم توجه عبر الأنفاق إلى قطاع غزة، والتصقوا - في شبه وحدة - مع جماعة "أنصار بيت المقدس" التي تمكنت - بعد هروبها من قطاع غزة - من الوصول إلى تفاهمات مع حركة حماس، بسبب وجود أولادهم وأسرهم في القطاع تحت رحمة حماس، وكان ملخص هذا الاتفاق أن توقف جماعة "أنصار بيت المقدس" نشاطها في القطاع على أن تقوم بهذا النشاط على أرض سيناء - بدعم من منظمة حماس - واستمرت جماعة "أنصار بيت المقدس" في العمل بهذا الاتفاق مع الدعم الحمساوي، حيث تمكنت من إخضاع عدة جماعات لقيادتها، وأهمها وأكبرها جماعة التوحيد والجهاد التي كان اسمها "التكفير والجهاد"، ولكن مع سيطرة بيت المقدس عليها أطلقوا عليها هذا الاسم "التوحيد والجهاد".
وعند وصول جماعة الإخوان إلى حكم مصر كانت لديها أهداف عاجلة، وهي تفكيك الدولة المصرية الكافرة - من وجهة نظرها - لأن الذين سيطروا على جماعة الإخوان هم مجموعة القطبيين: محمد بديع – محمود عزت – محمود حسين - محمد البلتاجي – جمعة أمين – إبراهيم منير – خيرت الشاطر – محمد مرسي – حسن مالك – عصام العريان، وغيرهم الكثيرون من أصحاب الفكر القطبي التكفيري، ومسألة تفكيك الدولة المصرية كانت تقتضي منهم إقامة ميليشيات خاصة بهم تقهر كل من يقف في طريق هذا التفكيك، حتى يتمكن تنظيم الإخوان من أن يحكم قبضته على مفاصل الدولة ويزرع أتباعه في كل مكان فيها، ليحكم مصر بالحديد والنار ويتخلص من كل معارض لحكم هذه الجماعة على أساس أنه كافر يرفض حكم الله وشريعته.
وفي إطار هذا التصور المريض لم يكن أمام الإخوان إلا الاستفادة من هذه الجماعات التكفيرية وضمّها تحت قيادة جماعتهم، وكانت هذه الرؤية أيضاً هي الرؤية الأمريكية للوضع المصري - والتي نقلها عصام الحداد إلى قيادات الجماعة يوم 8 ديسمبر 2012 - بأن رغبة واشنطن هي أن تحتوي جماعة الإخوان جميع الجماعات الإرهابية بما فيها تنظيم القاعدة وحركة حماس، حتى تتحكم في تصرفاتهم وتحكم أفعالهم جميعاً، وبالفعل تمكنت جماعة الإخوان من توقيع اتفاق سلام بين حركة حماس وإسرائيل، وقام الرئيس المعزول محمد مرسي بالاتصال بأيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة من تليفون رفاعة الطهطاوي رئيس ديوان رئيس الجمهورية - وابن خالة الدكتور أيمن الظواهري - وطلب منه إرسال مقاتلي تنظيم القاعدة إلى سيناء على أن يضمن لهم حياة آمنة وعدم الملاحقة الأمنية، واتفق خيرت الشاطر مع محمد الظواهري - شقيق الدكتور أيمن الظواهري - على أن يقوم محمد الظواهري بتجميع الجماعات التكفيرية في سيناء تحت قيادة واحدة وهي قيادة أيمن الظواهري، وأن يعلنوا ولاءهم لتنظيم القاعدة، وفي مقابل ذلك تم دعم محمد الظواهري مبلغ 25 مليون دولار، حيث اعترف محمد بذلك أمام النيابة، ونجح في ضم هذه الجماعات وبايعوا الدكتور أيمن الظواهري، وقام التنظيم الدولي للإخوان بتعيين مروان عيسى - من كتائب القسام التابعة لحركة حماس - مسؤلواً عن الجبهة المصرية، ومعه اثنان من المساعدين: حسن الطباطيبي، وحسن العياشي، على أن تتولى حماس تدريب هذه الجماعات والإنفاق عليها، واتفق الجميع على العمل تحت لافتة واحدة هي "أنصار بيت المقدس" لما في هذا الاسم من جاذبية للشباب، ولأنها تشكل غطاء أمنيّاً لحركة حماس وغيرها من الجماعات، وبالفعل اعترف كل من يقبض عليه في العمليات الإرهابية في مصر بأنه يتلقى التدريبات في 3 معسكرات في قطاع غزة، ويتم تمويله بالأموال من قبل عناصر حمساوية، ويتم التدريب على:
1 - صناعة المتفجرات
2 - تصنيع القنابل الموقوتة والقنابل المفخّخة والتفجير عن بعد باستخدام التليفونات، وعمليات القنص والاغتيالات وغيرها.
وأعلن التنظيم الدولي الإرهابي الحرب على دولة مصر الكافرة - على حدّ زعمهم المغرض - وتم رصد أكثر من مليار دولار من دولة قطر لتمويل هذه العمليات، وفي إطار هذه الحرب غير الأخلاقية التي لا تمت لدين الإسلام بصلة، يتم نشر صور ضباط الجيش والشرطة ورجال القضاء وعناوينهم وأسماء زوجاتهم وأبنائهم وعناوين مدارسهم... إلخ، وهو ما يدل على إجرام هذه الجماعة وأنها لا علاقة لها بالدين، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر الجيوش الإسلامية بالالتزام بأخلاق الإسلام في الحروب، وكان ضمن هذه الأوامر النبوية الشريفة: لا تقتلوا امرأة ولا تقتلوا طفلاً ولا شيخاً ولا عابداً في صومعته، لا تحرقوا زرعاً ولا تقلعوا شجراً، ولم تلتزم هذه الجماعات بالأخلاق الإسلامية التي أوصى بها النبي، هذه الجماعات الإجرامية وصل بها الانحراف عن دين الله إلى هتك عرض النساء أمام رجالهم، الزوجة أمام زوجها، والبنت أمام أبيها أو أخيها، يحدث ذلك كل يوم في سوريا ولا أظن - بأذن الله - أن هذه الجماعات المنحرفة عن أخلاق الإسلام يمكن أن تحقق نصراً ما، ففي الوقت الذي تدفع فيه قيادات الإخوان الشباب إلى أتون هذه الحروب تبحث هذه القيادات عن أيّة مفاوضات مع الأنظمة من خلف ظهر هذا الشباب، بعد أن يحقق أربابهم من رجال المخابرات الأمريكية والإسرائيلية ما يصبون إليه من تدمير الدول العربية على غرار العراق وسوريا، ليأتي الدور على مصر وبعدها المملكة العربية السعودية، وإننا نتحدى التنظيم الدولي لهذه الجماعة المجرمة، ومفتي الناتو وشيخ الاستعمار يوسف القرضاوي، بأن يعلنوا الحرب على دولة إسرائيل ويحشدوا الحشود لقتال اليهود كما يفعلون مع مصر وسوريا والعراق، ولا أدل على عمالة هؤلاء إلا آخر تقرير لمركز الدراسات الاستراتيجي الأمني لإسرائيل عن أوضاع وحال الجيش الإسرائيلى في عام 2013، بأن الجيش الإسرائيلي الآن في أقوى حالاته منذ نشأة إسرائيل، حيث تم تدمير العراق وإخراج الجيش العراقي من الصراع العربي - الإسرائيلي، وكذلك تدمير الجيش السوري والدولة السورية وإخراج سوريا وجيشها أيضاً من الصراع العربي الإسرائيلي، ونجاح جماعة الإخوان في إنهاك الجيش المصري في معارك سيناء ومعارك في المدن واستنزاف الاقتصاد المصري وإنهاكه وضرب السياحة... إلخ، وكل ذلك يصب في مصلحة وقوة الجيش الإسرائيلي، الوحيد في المنطقة القادر الآن على شن أيّة حرب وفي جميع الجبهات.
فهل يعقل شباب الجماعة لخطورة مخططات جماعة الإخوان، فإن الأمل معقود على الشباب وليس على القيادات لأنهم مجموعة من المجرمين الذين باعوا أنفسهم للمخابرات الأمريكية توجههم كما تريد.
"اللهم افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين".
آميــــــــــــــن.