الأربعاء 04 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

أربعة دروس في أسبوع الآلام!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الإيمان اليقينى فى قدرة مؤسسات الدولة، الاعتماد الكلى على التكنولوجيا فى الرقابة على الضمير، غربلة المحليات، والأداء الإعلامى، أربعة دروس تلقيناها خلال أسبوع واحد كان الأغرب بالنسبة للمصريين.
على سبيل الفانتازيا وفى محاولة لتجاوز الصدمات النفسية الناتجة عن وقوع ثلاثة حوادث متلاحقة، وإن شئت القول كوارث، استدعى المصريون أسطورة لعنة الفراعنة لتفسير جنوح السفينة البنمية العملاقة بعرض قناة السويس وبعدها بأيام تصادم قطارى سوهاج ليستيقظوا فى اليوم التالى على كارثة انهيار عقار جسر السويس؛ إضافة إلى بعض حوادث الحريق والانهيارات المتفرقة هنا وهناك.
بكل المقاييس كان أسبوعًا حزينًا مصبوغًا بدماء المصريين الذين حاصرتهم منصات إطلاق الشائعات وقذائف الإحباط، مستغلة لحظات الحزن حيث تتحكم العواطف فى مسارات التفكير ويفقد العقل اتزانه.
انتهى أسبوع الآلام وتزينت شفاه المصريين بفرحة وردية مع عودة الملاحة البحرية إلى قناة السويس، غير أنه لا ينبغى مغادرة تلك الأيام السبعة دون تأمل أهم دروسها وهى فى ظنى الاحتفاظ بإيماننا اليقينى فى قدرة مؤسسات الدولة على تجاوز كل الأزمات وبأقل الخسائر وهو ما تجسد فى إدارتها لأزمتى تصادم قطارى سوهاج وجنوح السفينة البنمية.
فى زمن قياسى حضرت الحكومة بكامل أجهزتها ومعداتها وعتادها فى مكان وقوع كارثة سوهاج وعبر عدة إجراءات وقرارات تمكنت من تدارك تداعيات الكارثة وهو ما يعكس تفعيل الحكومة لآلية إدارة الأزمات فى التعامل فى الأحداث والكوارث الطارئة على عكس ما كان يحدث فى فترات سابقة.
جرى ذلك بينما كانت الحكومة ومؤسسات الدولة كافة مشغولة بإدارة أزمة إغلاق قناة السويس نتيجة جنوح سفينة شحن عملاقة، تحت ضغوط خسائر فى التجارة العالمية قدرت بـ 400 مليون دولار فى الساعة، إضافة إلى خسارة يومية لهيئة قناة السويس تتراوح بين 13 إلى 15 مليون دولار؛ ناهيك عن حملات التشويه والتشهير التى تعرضت لها الدولة المصرية وأهم ممر ملاحى دولى من قبل منصات الإعلام الغربى، ومحاولات بعض الأطراف الإقليمية والدولية للاصطياد فى الماء العكر والتسويق لطرق ملاحية بديلة على نحو ما فعلت إيران وروسيا والصين.
لم تكن أزمة عادية ليس فقط بسبب حجم الخسائر العالمية المحسوبة بالثانية والدقيقة، وإنما أيضًا بما صحبها من حملات دولية وإقليمية استهدفت التشكيك فى قدرة الدولة المصرية.
بكفاءة منقطعة النظير تم إنهاء الأزمة وفق خطة شملت ثلاث سيناريوهات أعدت كما يقول كتاب إدارة الأزمات ما جعل الفريق مهاب مميش مساعد الرئيس لمشروعات محور قناة السويس والموانئ البحرية يصف ما جرى بالملحمة العلمية؛ وقبله شهدت أوروبا والولايات المتحدة وغالبية الدول المهمة بأن ما أنجزته مصر فى أزمة السفينة الجانحة إعجاز غير مسبوق.
نجاح الدولة فى إدارة هاتين الأزمتين يعزز لدينا كمصريين عوامل الثقة فى قدرة مؤسساتنا ويدفعنا إلى التشكيك دائمًا فى كل ما يصدر عن الإعلام الخارجى بشأن أزماتنا والأوضاع فى بلدنا ووضعه فى أضعف الإيمان تحت الاختبار فقد ثبت لنا باليقبن كذب كل الادعاءات التى صدرت عن كبريات مؤسسات الإعلام الغربى ناهيك عن المنصات الإخوانية.
بيد أن هذه الثقة لابد لها طوال الوقت من سياسات وقرارات تعمل على تعزيزها وفى ظنى أن بعضها يتجسد فى الدروس التالية من أسبوع الآلام.
توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسى بإلزام جميع قطارات السكك الحديدية بنظام التأمين الإلكترونى تفاديًا لوقوع حوادث مشابهة لما جرى فى سوهاج يعنى أننا مطالبون بالاعتماد الكلى على التكنولوجيا الحديثة طالما توفرت لتأمين حياة ومصالح المصريين من المخاطر التى قد تهددها بسبب فساد أو إهمال أو تقصير كبار وصغار المسئولين على حد سواء، فالتكنولوجيا هى الدرس الثانى لأنها قد تلعب دور الرقيب على ضمائرهم فى المصالح الحكومية، أو البديل للقيام بأدوارهم حال تقصيرهم وإهمالهم كما كان سيفعل نظام التأمين الإلكترونى للقطارات لو كان مفعلًا بالقطار المكيف.
الدرس الثالث المستفاد من انهيار عقار جسر السويس وقبله عقار الدائرى ومثله مئات وآلاف العقارات والمخالفات المشابهة، ضرورة العمل فورًا على غربلة المحليات وتصفيتها من العناصر الفاسدة وبحث توفير إمكانيات تكنولوجية لمراقبة أداء مسئولى وموظفى المحليات، والإسراع بإصدار قانون المحليات وإجراء انتخابات المجالس المحلية حتى يدرك كل مخالف أن سيف الرقيب مسلط طوال الوقت فوق رأسه.
يبقى الدرس الرابع من أسبوع الآلام حيث تحمست بعض وسائل الإعلام المحلية بنشر معلومات غير دقيقة حول بعض ما شاهدناه، وكانت نتائجها غير حميدة، فنشر خبر كاذب وقت الأزمات يضر ولا يسر ويزعزع اليقين وناشره كمن يهيل التراب على اللبن.