تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
الاحتفال المهيب الذي عشنا تفاصيله أثبت بجدارة فائقة أن مصر تستطيع، الإحتفال الذي خطف أبصار العالم يقول بفصاحة أن هذا البلد بما يحتويه من مواهب قادر على كسر سدود اليأس والإحباط وهزيمة القبح، من حقنا ونحن نستمع إلى أنشودة أميره سليم أن نقول "صنع في مصر".
نعم .. الصناعة لا تنتهي عند أسوار المدن الصناعية أو على تخوم الماكينات في عنابر المصانع، لأننا امسكنا بأيادينا سهرة فنية نادرة صنعها مواهب محترفون من المايسترو نادر عباسي الذي شهدنا موهبته تقود جيش من الموهوبين إلى النجار الذي دندش سيارات الملوك في رحلتهم من ميدان التحرير إلى الفسطاط.
تبقى الفرصة هي الحاكم المتحكم في مصير مواهبنا، ومن تابع فرحة الناس ونشوتهم بما عايشوه على مسرح الاحتفال سوف يعرف أن صناعة الوجدان وتهذيب الأرواح والارتقاء بالذائقة
يحتاج انتباه وتخطيط وإصرار وإعلان جاد أننا على طريق استعادة قوتنا الناعمة المذهلة ماضون لا نلوي على شىء.
سنوات طوال ننادي بضرورة إزاحة الأتربة التي تزحف إلى العقل المصري ، نصرخ مطالبين بضرورة إنقاذ الناس من الدجل والشعوذة والدروشة الكاذبة، والمعادلة بسيطة.. نشر الفنون والثقافة يعني اندحار فصائل الإرهاب.
وحتى لا تضيع فرحتنا بالاحتفال برصد ملاحظات معروفة و محفوظة أقول تعالوا نستكمل البناء نمهد الطريق لتمكين الفن الحقيقي ليصل إلى الناس، التغيير لا يمكن اختصاره في شجر وحجر رغم ضرورتهما، التغيير الحقيقي يكون من خلال ثورة ثقافية شاملة تصنع الضمير وتؤسس لمستقبل يليق ببلادنا وشعبها، كنا فجر الضمير في بداية الخليقة ومازالت الفرصة سانحة من أجل التقدم إلى الأمام.
أنين الربابة التي بكت احتفالا ب ايزيس تضع العازف أحمد منيب في مكانة رفيعة، ويتفوق هاني البدري على نفسه عندما توحد مع الناي وجعله يتسلل إلى بطن الجبل حتى كاد أن يعود ب ازوريس حيا.. طبول رضوى البحيري وإعلانها الحرب هزمت الشرير ست لا محالة.
كل التجارب المدهشة التي عشنا معها على المسرح في هذه الليلة الخالدة اعتمدت التعليم والدراسة الجادة لصقل مواهبهم، خرجوا إلى فضاء العالم ينهلون من الخبرات المتراكمة في أركان الدنيا وليست مصادفة أنه كلما بحثت عن سيرة موهوب أو موهوبة منهم أجد اشتباك له مع أوربا، وهنا نسأل عن حصة الموسيقى في المدارس ما أخبارها؟ نتمنى لها السلامة وأن تكون بخير، نسأل عن وزارات الثقافة (جمع وزارة .. وزارات) هذه الوزارة العجيبة التي تمتلك من الأصول ما لا تملكه وزارة التموين ماذا تفعل ومتى نراها .. هل من القدر أن نعيش ركاكة البيروقراطية لنموت ومختصر آمالنا تصنيع ثقيل في الثقافة والفنون.
الحفل الذي صاحب الموكب الذهبي لنقل المومياوات يشهد أننا إذا امتلكنا الإرادة سوف نفعل.