الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فاض الكيل يا إثيوبيا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في لغة واضحة وبكلمات مباشرة وقوية منذ بداية أزمة سد النهضة، وبعدما فاض الكيل من كل التصريحات الإثيوبية، والعِناد من أديس أبابا حول ملف «الحياة والموت» بشأن مياه النيل، وسد النهضة الإثيوبي، وقف الرئيس عبدالفتاح السيسي، وباختيار أعتقد أنه مرتب، ودقيق، وفي لحظة انتصار عالمي، ومن خلفه، مرفق بحري دولي هو «قناة السويس»، مطلقا تصريحاته لهذه الدولة التى اعتادت العناد والاستفزاز على مدى عشر سنوات من التفاوض، ليؤكد: أنّه لن يسمح لأيّ أحد بأخذ نقطة مياه واحدة من حصّة مصر، وإلا ستشهد المنطقة حالة من عدم الاستقرار لا يتخيّلها أحد.
وترك الأمر مفتوحا ليفسر المراقبون تلك الكلمات الدالة وفقا لما تمليه تطورات الأزمة، وبعد ساعات من عجرفة إثيوبية، بإبلاغها الولايات المتحدة بقرارها، عبر مبعوثها إلى السودان دونالد بوث، بأنّها ستمضى قُدمًا فى المرحلة الثّانية من مَلء خزّانات سدّ النهضة فى موعده المُحَدَّد فى يوليو المُقبل، وهو نفسه ما قاله آبى أحمد، رئيس وزراء إثيوبيا، أمام برلمانه قبل أيام.
وظنت أديس أبابا أن مصر سترضخ لهذه الحالة من «الوقاحة»، فقد زاد الرئيس السيسى من تحذيراته، والتى اعتبرها مراقبون (إعلان حرب)، ليقول فى مؤتمر عالمى وفى لحظة انتصار والتفاف شعبى بعد تجاوز أزمة «إيفر جيفن» (لا يستطيع أحد المساس بحق مصر فى مياه النيل، بل إن المساس بها «خط أحمر» و«سيكون له تأثير على استقرار المنطقة بكاملها» ، بل أطلق عبارة لها دلالتها التحذيرية بقوله «لا يتصور أحد أنه بعيد عن قدرتنا»، و«اللى عايز يجرب يجرب».
كلمات السيسي، تؤكد أنه يأس، ومعه الشعب المصري، من الموقف الإثيوبي، على مدى سنوات، ومن هناك كان قوله دقيقا وهو يعنيه ليكرر مرات ومرات «لا أحد يستطيع أن يأخذ قطرة ماء من مياه مصر، ومن يريد أن يحاول فليحاول، وستكون هناك حالة من عدم الاستقرار فى المنطقة بكاملها ولا أحد بعيد عن قوتنا»،.
وفى نفس الوقت يستخدم لغة الرجل السياسى والدبلوماسي، ورجل الدولة بقوله «أنا «مبهددش حد» وعمرنا ما هددنا وحوارنا رشيد جدا، ولكن لن يستطيع أحد سلب نقطة مياه من مصر»، ثم زاد من تأكيده على روح مصر الحوارية فى مناقشاتها، بقوله «التفاوض هو خيارنا الذى بدأنا به والعمل العدائى قبيح وله تأثيرات تمتد لسنوات طويلة لأن الشعوب لا تنسى ذلك».
وفى لغة تؤكد حق مصر فى أمنها المائي، من خلال التفاوض عاد مرة أخرى ليؤكد «التفاوض هو الخيار الذى بدأته مصر وأنها فى مسألة التفاوض بخصوص أزمة سد النهضة تأمل فى التوصل إلى اتفاق قانونى منصف وملزم يحقق الكسب للجميع، محذرا فى ذلك الوقت من أى عمل عدائي.
ومن المهم أن نربط بين تصريحات الرئيس بشأن تأكيد أن المساس بحقوق مصر فى مياه النيل «خط أحمر»، ومقولته الشهيرة من موقع عسكرى فى قاعدة سيدى برانى أن (سرت - الجفرة- خط أحمر»، فهذا الربط مهم، وضروري، لأن له دلالته، فقد أنهى تحذير «سيدى براني» الكثير من الأزمات، ودعت كل الطامعين فى المنطقة إلى التراجع، وهذا التعبير هو ذاته الذى أطلقه الرئيس من قلب شريان التجارة العالمي، وفى خطاب موجه للعالم كله، «مياه النيل خط أحمر»، من المتوقع أن يؤدى إلى تغيير فى شكل الكثير من التعقيدات، وسيتحرك العالم، وهو ما بدأ على أرض الواقع.
لغة الرئيس خاطبت قلوب وعقول المصريين، بأن مصر قادرة على فعل أى شيء من أجل حماية حقوق شعب، والوقوف ضد كل من يفكر المساس بهذه الحقوق.
من المهم أن يدرك آبى أحمد أن مصر ليست «إقليم تيجراي»، بل مصر هى (6 أكتوبر 1973)، وهى أهم جيش فى إفريقيا وفى العالم العربي، والتاسع فى العالم، وهذا الجيش مهمته حماية أمن وسلامة شعبه فى الداخل والخارج.
وأعتقد أن تحذير الرئيس السيسى هو الفرصة الأخيرة، لوضع حد لسياسة كسب الوقت التى تتبعها إثيوبيا، وأن الجميع يدرك حاليا ما تسعى إليه أديس أبابا، والحل فيما وضعته مصر من قبل وهو القبول وفورا بالتوصل إلى اتفاق ملزم للجميع، وبرعاية دولية متعددة الأطراف وإفريقية، وغير ذلك فرسالة الرئيس، واضحة وضوح الشمس للعالم قبل إثيوبيا، وهى «كل الخيارات مفتوحة»، ومنها الخيار العسكري.