تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
لم يُكن موكبًا عاديًا ولا احتفالا يشد انتباه العالم أجمع فقط، بل كان الموكب الذهبي لملوك مصر القدامى نقطة تلاقٍ، بين حقبتين من الزمن قد تفصلهم ألاف السنوات ولكن تجمعهم رسالة واحدة ألا وهى " بناء مصر الحديثة"، بناء حضارة جديدة ونهضة وكأنها رسالة من العالم الآخر الذي كان يؤمن به أجدادنا، أن ذلك العصر الجديد هو بداية لنهضة وحضارة جديدة.
من قلب ميدان التحرير وتحدى العشر سنوات من 2011 إلى 2021، فعادة عندما يتسلل الدمار أي دولة، نراها تتدهور على مر السنوات، فعندما تسللت نفحات الربيع العربي إلى سوريا منذ عشر سنوات لم تستطع الحفاظ على الدولة السورية بل تصدعت الأبنية وتشتت الشعب واحتلها الطامعون، أمّا عن مصر فلو وضعنا صورتين للميدان وكيف تحول من ساحة للاقتتال وتسلل العناصر المسلحة عاكسًا مدى التوتر السياسي والاقتصادي الذي كاد يودى بالدولة المصرية، وبين صورة الميدان اليوم، ربما للوهلة الأولى قد تعتقد أنه أحد ميادين أوروبا من الجمال والإبداع والرقى ولكن سترى على أعلى الشاشة كلمة " التحرير الآن" كما كنا نراها منذ عشر سنوات ولكن بقلوب مضطربة.
ليس هذا فسحبْ، بل إن ذلك الاحتفال الذي يعكس اهتمام الدولة المصرية بتاريخها وحضارتها القديمة ما هو إلا توكيد على الهُوية الوطنية التي يوليوا الرئيس اهتمامًا خاصًا، فالهُوية هي خير حافظ على ماهية المواطن، هي التي إذا ما واجهت الطمس تحولت الشعوب إلى حطب يٌلقى في محرقة وينصهر ويصبح الجميع مُسير بفكر هدام وقابل للتجنيد في أي تنظيم مسلح معادٍ للبشرية.
فهكذا تم تجنيد كثير من عناصر تنظيم داعش من مختلف الجنسيات حتى تلاشت هُوياتهم وجنسياتهم وأصبحوا أفرادًا عاملين في تنظيم واحد يشبهون بعضهم البعض وكأن قد تم استنساخهم !
أمّا عن الجذب السياحي فحدث ولا حرج، احتفالية واحدة مدتها ساعتين استطاعت أن تحجز مساحتها على كل جرائد وصحُف العالم وفقرات كاملة في القنوات العالمية ووكالات الأنباء دون أن تدفع الدولة المصرية دولارًا واحدًا مقابل نشر خبر عن الحضارة الفرعونية أو عن المعالم السياحية في مصر، بل كان جميع مراسلي الوكالات الغربية يتسابقون لنقل الأخبار والمعلومات والصور الحيّة وهذا هو براعة التسويق السياحي.
إن ملوك مصر القدامى أمنوا أن مصر هي مهد الحضارات، كانوا يعرفون قيمة تلك الأرض وموقعها ونيلها، كانوا يبذلون الغالي والنفيس من أجل الدفاع عنها ضد أي اعتداء أو مطمع خارجي.
هكذا هي الدولة المصرية الآن التي تواجه العديد من التحديدات والتي أمنت أن حماية التاريخ والأصالة والهُوية هم أهم أدوات في جٌعبة المحارب المصري وعلى رأس الدولة الرئيس عبد الفتاح السيسي " حارس الهُوية المصرية".