لا أعرف ما السبب وراء هذا المقال، غير أنني أشعر بالتعافي حينما أكتب، ولأن حالتي الصحية ليست جيدة فاعذروني إن كانت السطور التالية كما يقولون "نكش فراخ"، لكنها ورغم ذلك تحمل بينها بعض المعاني وأهمها.
ربما طالت بي فترة المرض هذه المرة لأنني رفضت نصيحة أصدقائي المتكررة باحتساء "شوربة الديك"، ومع أنهم جميعا أكدوا لي أنها تفعل الأفاعيل وتزيل التعب وتقوي المناعة، إلا أنني شعرت بجزء من الفظاعة وربما النطاعة أن أكتسب صحتي على حياة "ديك" نحتاجه وغيره في هذه الأيام الحالكة بشير للفجر ولو بالصوت، ثم ما ذنب عائلته وما خلفه من دجاجات في تلك العطسات والاختناقات والتقلبات الجوية.
الرجل أقصد "الديك" كاف خيره شره في عشته مع دجاجاته لا هو طعن دجاجة بالمطواة في وجهها ولا تحرش بكتكوت صغير في العشة، ولا هو أخرج" الغبغب" في المواصلات العامة.
كانت مزحة سخيفة تلك التي رددها بعض أقراننا ونحن صغار، والتي ربما خرجت من عشش وأعشاش طيور حاقدين إذ كانت تقول: "ديك باض بيضة بين بلدين فأي البلدين أحق بالبيضة فيصيح الأغبياء أديس أبابا وآخرون الخرطوم وكنت وزملائي نحاول أن نصد تتريتهم في القول بالعقل:"الديك لا يبيض"، فيزيد آخر تلال الغباء رمال ويقول: "فعلا الديك يلد"، وكنت أصرخ أنا من هزيان المرض وأردد:" الديك لا يلد ولا يبيض فلا تذبحوه فربما لا نجد في وقت ما ديوك".
قبل موت أبي بساعات كان صوته متعبا حينما اتصلت به هاتفيا، وحينما سألته عما به؟ أجاب شوية برد، خلي أمك تدبح لي ديك وأنا جاي، مات أبي ومات الديك وشيعنا جثامينهما سويا ومنذ ذلك الحين وأنا أقرأ الفاتحة لكل الديوك.
كان أبي اليقضان الذي وافته المنية قبل أبي بساعات طيب إلى الحد الذي جعل كثرة صفائه عيبا وبلاهة فكان لا يخرج من العشة إلا مع دجاجة لأنه وبرغم صياحه أشيع عنه أنه عديم الذكاء وأنه إذا خرج من عشته لا يستطيع العودة..ظن أبي اليقضان أن الحصانة التي منحتها له السماء ستجعل البشر جميعا يجلوه ولن يذبحوه وخصوصا في لحظات الصياح والآذان، ونسوا أن الكثير من شهداؤنا قتلوا على المآذن أو وهم يؤدون الصلاة.
للوهلة الأولى وحينما أصابني الزكام هرعت إلى الصيدلية كنت أخاف أن ينتهي بي الحال كما انتهى في العام الماضي بالديك مويس الذي نفق في فرنسا، بعدما مثل أمام القضاء بسبب إزعاج صياحه جيرانه المنتقلين من المدينة إلى الريف.
كورين فيسو، التي كانت تملك الديك مويس منذ 6 سنوات أو كان "الديك" يعمل لديها، أكدت أنه نفق من جراء مرض الزكام الشهر الماضي خلال فترة العزل المنزلي. وجدناه نافقا أمام عش الدجاج" علما أنه كان مريضا منذ أشهر عدة.. لماذا لم تأخذ السيدة فيسو بنصيحة الأصدقاء وكانت ذبحت ديكا ليتعافى مويس!.
في الحقيقة للديوك حكايات كثيرة منها المبهجة ومنها الحزينة لكن أغربها على وجه الإطلاق صراع بعض الديوك على عشة أحاطتها السقالات.. وكأن الصياح سيحيي من جديد من مات.