كنت دائمًا ما أستمع إلى عبارات أبي عندما كان يقول: إن الرجال عقب نكسة ٦٧ رفضوا العودة إلى ديارهم وخيم الحزن على المنازل حتى استعادوا الهيبة والنصر في أكتوبر ٧٣، كنت أتقبل هذه الكلمات منه ولكن دون استيعابها أو الإحساس بها، فأنا فتاة أنتمي إلى الجيل الذى ولد في أوائل التسعينيات كنت أتأمل كثيرًا كيف بنى أجدادي الأهرامات وأتساءل هل كانت تلك أيادٍ لكائنات فضائية تدخلت أم هي عظمة الفراعنة تجسدت في واحدة من عجائب الدنيا السبع، وقد شرفت اليوم بحضور المؤتمر الصحفى للسيد الرئيس الذي عقد بمقر قناة السويس.
أعرف جيدًا أن الإرادة واحدة من أهم مميزات وصفات الشعب المصري، ولكن هناك دائمًا من يعبث بهذه الصورة ويشوهها مستخدمًا عقدة الخواجة، تلك التي لا تعتبر المنتج جيدًا إلا إذا تدخلت فيه أياد أجنبية وأنه لا يمكن لنا أن ننجز أي مشروع جيدًا إلا بمشاركة مع دولة أخرى، ولكن سرعان ما تغيرت هذه المفاهيم خلال الفترة الرئاسية الأولى للرئيس عبد الفتاح السيسي، فمنذ اللحظة الأولى شاهدنا الرئيس ينبذ العنف ويشجع على السلام وتعميق العلاقات مع الدول الأخرى، لكن في الوقت نفسه يضع صوب عينيه العمالة المصرية والمنتج المصري وقدرة المصريين على إنجاز مشروعات يفخرون بها أمام أنفسهم وأبنائهم ثم العالم كله.
ومنذ أيام قليلة وتحديدًا في الثالث والعشرين من مارس الجارى انحرفت سفينة أيفر جرين عن مسارها في المجرى الملاحى الأهم في العالم «قناة السويس» حاملة علم دولة بنما وعلى متنها أطنان من الحاويات والشحنات الكبيرة التى وصلت إلى ٢٥٠ ألف طن.
علقت بقناة السويس لتقطع الطريق على أكثر من أربعمائة سفينة في طريقها للمرور من المجرى المائي لتعطل بذلك حركة الملاحة كليا في القناة وترتفع بعدها أسعار النفط ويتصدر الحدث صحف العالم للحديث عن مصير قناة السويس المورد الأهم للدخل في مصر والممر الملاحي الأشهر في العالم والأهم وبعدها نقرأ في تقارير عالمية أن هذه الحادثة من الممكن أن تستمر لشهور حتى يتم تعويم السفينة وإبعادها عن ميناء قناة السويس وسوف تتكبد القناة والعالم خلال تلك الفترة خسائر كبيرة وبعد سنة أيام فقط من العمل على قدم وساق بداية من أصغر عامل في هيئة قناة السويس إلى أكبر مهندسي مصر ذوي القيمة والقامة يتقدمهم رئيس هيئة قناة السويس يتابعهم جميعا رئيس مجلس الوزراء والرئيس بنفسه الذى كان يتصل هاتفيا يوميًّا برئيس هيئة قناة السويس الخامسة فجرا للاطمئنان على سير الأحداث وصولا إلى شعب مصر العظيم الذى التف حول بلاده حتى انتصرت مصر وتم تعويم السفينة إيفر جيفين وانطلاقها في مسارها الصحيح مرة أخرى مثلما مرت فيما قبل في فبراير الماضى بسلام ومثلما تمر مئات وآلاف السفن من هذا الممر الملاحى الأهم والأشهر في العالم بفضل سواعد أبنائه من المصريين دون أى مساعدة خارجية بالرغم من تكاتف أكثر من دولة وتضامنها مع مصر في هذه الأزمة.
استطاعت مصر بخبرات أبنائها ومهندسى القناة التى تعود إلى ١٥٠ عاما متحليين بالإرادة حتى حققوا الانتصار الذى احتفلنا به أمس الأول، من قناة السويس نعم أدرك أن مصر قوية قادرة عفية ولكن هذا الموقف يجعلنى أضرب بعقدة الخواجة عرض الحائط وأحطمها فوق رؤوس كل من شكك في عزيمة هذا الوطن أو إرادة أبنائه عندما قالها الرئيس أمس، لقد أخبرت رئيس هيئة قناة السويس أن سمعة مصر بين يديه فانظروا ماذا فعل حقق ما قال عنه الآخرون إنه يتم إنجازه في عدة أسابيع فقط في ستة أيام لماذا لأن المسئولية والإرادة هما طريق النجاح حتما لا جدال في ذلك نحن جيل التسعينيات سيادة الرئيس نثق بك نقدرك ونحترم عقليتك لأنك تقدر عقليتنا نعم فنحن جيل السرعة والتكنولوجيا وهاهنا رئيس يحدثنا بالأرقام بالأفعال وليس بالأقوال أو الشعارات دائما ما أقولها ليس من الضروري أن تكون هناك علاقة حب في العمل فعندما تعطى لعقلك المجال أن يستوعب ويفكر ويتمعن ستدرك بلا عواطف وآراء شخصية أن العمل على الأرض واضح وضوح الشمس فكل ما عليك هو فهم المعلومات المقدمة لك والتى بشأنها أن تثبت لنا كل يوم بالأرقام أن مصر تمضى قدما على الطريق الصحيح وأن هناك رئيسًا دائمًا ما أطلق عليه رجل المهام الصعبة.