وأعلن السودان منتصف الأسبوع الماضي موافقته
على مبادرة من الإمارات للتوسط بينها وبين إثيوبيا لحل خلافاتهما الحدودية ومشكلة سد
النهضة الإثيوبي المثير للجدل، وتوجه وفد من الخرطوك إلى أبوظبي لبحث أزمة سد النهضة
إلى جانب الأزمة الحدودية بين السوان وإثيوبيا المستعرة منذ نوفمبر الماضي.
ودخلت الولايات المتحدة على خط الأزمة،
حيث عينت إدارة الرئيس جو بايدن؛ السفير دونالد بوث مبعوثا أمريكيا للسودان لبحث أزمة
سد النهضة، ووصل إلى القاهرة السبت الماضي للتباحث حول مستجدات هذا، ضمن جولة تشمل
أيضا إثيوبيا والكونغو الديمقراطية التي ترأس الاتحاد الأفريقي.
وكان السودان أعلن أن أطراف الوساطة الرباعية
أبدوا ترحيبهم بالتدخل لحل أزمة سد النهضة، في الوقت الذي رفضت فيها إثيوبيا على لسان
المتحدث بوزارة الخارجية السفير دينا مفتي أي تدخل من أطراف أخرى.
وطالب السودان بأن يتم توسيع الوسطة بإشراك
الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تحت مظلة الاتحاد الأفريقي الذي
يرعى المفاوضات في الوقت الحالي.
السيسي في الخرطوم.. وحمدوك في القاهرة
وتوجه الرئيس عبد الفتاح السيسي في مستهل
شهر مارس الجاري، إلى العاصمة الخرطوم في زيارة رسمية إلى السودان، وناقش السيسي مع
عبدالفتاح البرهان رئيبس المجلس السيادي السوداني تطورات الأوضاع بمنطقة الحدود السودانية
الإثيوبية.
وشدد الجانبان على رفض أي إجراءات أحادية
تهدف لفرض الأمر الواقع والاستئثار بموارد النيل الأزرق، ومن ثم تعزيز الجهود الثنائية
والإقليمية والدولية للتوصل لاتفاق شامل ومتكامل حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة يكون
ملزمًا قانونيًا ويحقق مصالح الدول الثلاث.
وأكدا على ضروة أن يحد الاتفاق من أضرار
وآثار سد النهضة على مصر والسودان، خاصة من خلال دعم المقترح السوداني لتشكيل رباعية
دولية تشمل رئاسة الاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة
للتوسط في هذا الملف.
وبعد أيام قليلة من زيارة السيسي للخرطوم،
وصل الدكتور عبدالله حمدوك إلى القاهرة لبحث قضية سد النهضة، حيث تم التوافق بين القاهرة
والخرطوم على تكثيف التنسيق الحثيث بين الجانبين في ظل المرحلة الدقيقة الحالية التي
يمر بها ملف سد النهضة، وتعزيز الاتصالات مع الأطراف الإقليمية والدولية لتفعيل المقترح
السوداني بتشكيل رباعية دولية للتوسط في تلك القضية، بما يساعد على التوصل لاتفاق قانوني
شامل وملزم حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، وقبل موسم الأمطار القادم.
وفي هذا السياق قال الدكتور هاني رسلان
مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن الوساطة الإماراتية تحولت
من الحديث عن سد النهضة إلى الأزمة الحدودية بين السودان وإثيوبيا، مع وجود وفد سوداني
في أبوظبي ولا يوجد تحرك فعلي على الأرض واختصروا الأمر في النهاية على الخلاف الحدودي.
وأضاف الدكتور هاني رسلان في تصريحات خاصة
لـ"البوابة" أن السفير دونالد بوث مجرد مبعوث أمريكي للسودان ويجري جولة
يستمع فيما لآراء الجميع في مصر والسودان وإثيوبيا والكونغو الديمقراطي بصفتها رئيسا
للاتحاد الأفريقي الذي يرعى مفاوضات سد النهضة.
وأكد مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية
والإستراتيجية أن التحرك الأمريكي هو عبارة عن "حركة في المكان" حيث إن الولايات
المتحدة أشرفت من قبل على مفاوضات واشنطن التي جرت في شهر فبراير من العام الماضي وفشلت
بسبب انسحاب إثيوبيا في الجلسة الأخيرة، وبعد ذلك بدأت مفاوضات جديدة بشأن سد النهضة
تحت رعاية الاتحاد الافريفي وتواجدت فيها واشنطن كمراقب، وبالتالي فإن الولايات المتحدة
لديها كافة التفاصيل، عن الأزمة ما هي المعوقات التي تمنع التوصل إلى اتفاق ملزم وعادل
بشأن ملء وتشغيل السد الإثيوبي.
وأشار رسلان إلى أن وصول الرئيس جو بايدن
إلى البيت الأبيض لم يغير شيئا أو يوجد تأثيرا ملحوظا على أزمة سد النهضة، حيث إن إدارة
بادين أعلنت التزامها في بداية الأمر بإيجاد تسوية عادلة ولكن بعد ذلك ألغت العقوبات
التي أقرتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب ضد إثيوبيا بسبب تعنتها في أزمة سد النهضة.
وتابع "وزارة الخارجية الأمريكية أعلنت
أنها لن تتدخل لحل الأزمة إلا بدعوة من الاطراف الثلاثة، ردا على دعوة السودان لتوسيع
الوساطة، وهو الأمر الذي يتسق مع رغبة إثيوبيا بعدم إشراك أي طرف خارجي في المفاوضات
إلا الاتحاد الأفريقي، ويبدو الموقف الأمريكي شبه منسحب من الأزمة".