ما شهدته الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية الأخيرة والفشل في تحديد فائز صريح بها، وما حملته في طياتها من انقسامات وصراعات حادة بين أحزاب اليمين واليسار، تعكس حالة الاهتزاز وعدم الاستقرار التي يعيشها المجتمع الإسرائيلي منذ سنوات طويلة، وأن دعاوي الديموقراطية الزائفة، والحرية الكاذبة التى تتشدق بها إسرائيل دوما والترويج بأنها واحة الديموقراطية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط، ما هي إلا ورقة التوت التي تغطى بها عورتها، التي يختبئ من خلفها بركان من الصراعات والكراهية بين طوائف المجتمع الإسرائيلي المختلفة.
فقد عكست الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية الأخيرة، وما أفرزته من نتائج، مكامن هذا الصراع وتشققات المجتمع الإسرائيلي وانقسامته بين المتدينين والعلمانيين من جهة وبين اليهود الشرقيين واليهود الغربيين من جهة أخرى، فضلًا عن الصراع المتواصل بين اليهود والعرب.
حالة الانقسام المجتمعي ظلت لعقود طويلة أزمة حقيقية تؤرق أصحاب القرار في إسرائيل، محاولين عبر الحكومات المختلفة رأب صدعها، وسد فجواتها بشتى الطرق والسبل، غير أنها اتسعت هوتها وتزايدت حدتها لا سيما مع ظهور، بنيامين نتنياهو، كرئيس للوزراء في إسرائيل منتصف تسعينيات القرن الماضي. حيث عزز وجوده على كرسي الحكم من الكراهية والبغض، ليس فقط بين اليهود والعرب، بل أسهم في تعاظم مشاعر الكراهية لدي اليهود لبعضهم البعض، بفضل خطابه التحريضي، الداعي للكراهية والعنف. وتلاعبه على الوتر الديني، الأمر الذى دفع قطاع عريض من الخبراء والمحللين الإسرائيليين يؤكدون أن استمرار نتنياهو في الحكم في إسرائيل بعد الانتخابات الأخيرة التي لم تحسم بنسبة كبيرة لحزبه أو لمعسكر اليمين، سيمثل نكبة عليها وتهديدًا لمستقبلها، لأن استمراره في منصبه سيعزز حالة الانقسام القائمة بين طوائف الشعب الإسرائيلي المختلفة، مما سيمثل الخطر عليها ويهدد من إمكانية استمرارها في حال تعرضها لاهتزازات سياسية أخرى موازية.
في واقع الأمر فلم يراهن العرب يومًا في صراعهم ضد إسرائيل المستمر لأكثر من سبعة عقود على الأزمات الاجتماعية العاصفة داخل إسرائيل، لذا فقد حان الوقت لذلك، وأن الأوضاع الملتهبة داخل المجتمع الإسرائيلي أصبحت مواتية لتشجيع الانقسام الداخلي في إسرائيل، لكن السؤال الأهم هل العرب مستعدون لذلك؟!