الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سيناريوهات يوليو المقبل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من الآن وحتي شهر يوليو المقبل هناك سباق مع الزمن حتى لايقع المحظور الذي ظلت مصر تتجنبه في صبر طال بأكثر مما يجب على التنطع الإثيوبي في تعطيل المفاوضات لدرجة أنها استخدمت المفاوضات لفرض الأمر الواقع على بقية أطراف دول مصب النيل والأمر المؤكد أن مصر والسودان سيضعان شرطا واحدا ووحيدا وهو ضرورة خضوع وقبول إثيوبيا لاتفاق واضح وملزم قبل بدء الملء الثاني والحاسم لبحيرة السد في مطلع يوليو القادم. وعلي المفاوض المصري والسوداني ألا يقعا في شراك المماطله والمسكنات الوقتية التي قد تلجأ لها إثيوبيا وداعموها. وأن يضعا سقفا زمنيا للمفاوضات لا يتجاوز شهر يونيو القادم أيا ما كانت الضغوط والمبررات. والاستثناء الوحيد في هذه الحالة هو قبول إثيوبيا عدم بدء ملء بحيرة السد في موسم الفيضان القادم، وبغير ذلك يبدو أننا متجهون للمرحلة الأصعب والخيار الأخطر الذي هو كُره لنا، ولكن لا بد منه.
وكانت إثيوبيا قد نفذت بشكل مفاجئ في يوليو 2020 خطة الملء الأولى بمقدار 4.5 مليار متر مكعب دون تنسيق البيانات مع السودان مما أدي للتسبب في أزمة حادة في مياه الشرب بالعاصمة الخرطوم وعدد من المدن السودانية الأخرى. وكان وزير الري السوداني ياسر عباس قد حذر إثيوبيا في وقت سابق من خطورة المضي في تنفيذ خطة الملء الثاني لبحيرة السد في يوليو المقبل بمقدار 13.5 مليار متر مكعب، مشيرا إلى أن ذلك سيضر بحياة ومعاش 20 مليون سوداني على ضفاف النيل ورافده.
المشكلة الحالية الآن تكمن في تصريحات وزير المياه الإثيوبي الذي أعلن أن بلاده ستقوم بعملية الملء الثاني لسد النهضة في الصيف القادم سواء كان هناك اتفاق مع القاهرة والخرطوم أو لم يكن، وبالتالي هو يسقط من الاتفاق الموقع في 2015 الجزء الذي يعلم جيدا أنه سوف يضر بمصالح مصر والسودان، وما حدث العام الماضي في الملء الأول لا يمكن مقارنته بما هو قادم، حيث كان هناك فيضان وكميات كبيرة من المياه، ولم تكن هناك مشكلة خطيرة ومع ذلك تعرض السودان لمخاطر في عملية توليد الكهرباء في سد الروصيرص، وتعرضت محطات مياه الشرب في الخرطوم لمشكلات نتيجة القرار الأحادي بعملية الملء الأول وتحتاج عملية الملء الثاني للسد إلى 13 ونصف مليار متر مكعب من المياه، فإذا ما تمت تلك الخطوة دون إخطار السودان الذي يقوم بتشغيل سدوده والتي هى بالقطع بعد سد النهضة، وهو يتعامل في التشغيل عن طريق البيانات اليومية التي تأتي من أعالي النيل الأزرق، فإذا ما انفردت إثيوبيا بالملء الثاني دون تنسيق مع السودان وإخطارها بالبيانات اليومية بعملية ملء سد النهضة ومعرفة نهاية فترة الملء حتى يستطيع السودان أخذ احتياطاته، ما لم يحدث هذا فستكون هناك مشكلة كبيرة وتعد إعلان حالة حرب على السودان". أما الجزء الثاني من النتائج والذي يتعلق بإجراء الدراسات البيئية للسد، ولو تم الوصول إلى نهاية الملء الثاني، وأن تقدر المياه خلف السد بـ 18 ونصف مليار متر مكعب، فإذا حدثت أي مشكلة في سد النهضة، هذا يعني تدمير كامل للسدود السودانية، وهكذا فنحن الآن أمام مشكلة خطيرة جدا بالنسبة للسودان، وما لم يكن هناك حل واتفاق على قواعد الملء والتشغيل قبل يوليو القادم ستكون هناك مشكلة كبرى، لذا يجب على المجتمع الدولي والإقليمي حسم القضية مبكرا ثم إن المبادىء العشرة في اتفاق المبادئ الذي وقعت عليه مصر في العام 2015 يضمن حقها في ضرورة الوصول إلى اتفاق ملزم، حيث ينص الإعلان صراحة على حتمية الإبلاغ عن التشغيل والملء لسد النهضة من جانب إثيوبيا، أي أن الإعلان يمنع اتخاذ أي إجراء أحادي فيما يتعلق بالملء أو التشغيل".
مقترح تحويل آلية الإشراف على المفاوضات إلى المظلة الرباعية، المكونة من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، يحتاج إلى جهد دبلوماسي كبير لإجبار إثيوبيا، التي قد تستند إلى المادة العاشرة من إعلان المبادئ والتي تنص على ضرورة اتفاق الأطراف الثلاثة
على أي آلية وساطة محتملة. ووفقا للمادة العاشرة المتعلقة بمبدأ التسوية السلمية للمنازعات فإن الدول الثلاث تقوم بتسوية منازعاتهم الناشئة عن تفسير أو تطبيق اتفاق المبادئ بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقًا لمبدأ حسن النوايا.
 كما أن المادة الخامسة من اتفاق المبادئ تلزم إثيوبيا بإنشاء آلية تنسيق تجنب السدود السودانية أي أضرار محتملة جراء التشغيل خصوصا تلك التي يمكن أن يتعرض لها سد الروصيرص السوداني الذي يبعد نحو 100 كيلومتر فقط عن السد الإثيوبي.
وتنص المادة الخامسة أيضا على أن تنشئ الدول الثلاث آلية تنسيقية مناسبة لتنفيذ الخطوط الإرشادية وقواعد الملء الأول والسنوي لسد النهضة والتي ستشمل كافة السيناريوهات المختلفة، بالتوازي مع عملية بناء السد. كما تنص على أن تقوم إثيوبيا بإخطار دولتي المصب بأية ظروف غير منظورة أو طارئة تستدعي إعادة الضبط لعملية تشغيل السد، لضمان استمرارية التعاون والتنسيق حول تشغيل سد النهضة مع خزانات دولتي المصب. وهناك عدة سيناريوهات محتملةً لنزع فتيل أزمة إقليمية كبرى
السيناريو الأول مرتبط باستمرار المفاوضات تحت وساطة الاتحاد الأفريقي، أما السيناريو الثاني مرتبط بالعودة لمجلس الأمن، وثالث السيناريوهات يرتبط بالتوافق حول إحالة الملف مجملًا لمحكمة العدل الدولية لكن يتطلب ذلك موافقة الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا) على اللجوء للتحكيم الدولي. وهكذا فإن مصر والسودان يمتلكان خيارات لمسارات قانونية من واقع ميثاق الأمم المتحدة الذي يعد القانون الأعلى والأسمى المنظم للعلاقات بين الدول، وآية ذلك أن الميثاق قد أعطى لمجلس الأمن صلاحيات عديدة وحصرية في مجال حفظ السلم والأمن الدوليين. ومن هذه الإجراءات اللجوء إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي رخص لمجلس الأمن استخدام آليات عديدة لجعل الدول تمتثل لقواعد القانون الدولي واحترام الشرعية الدولية.