تمر اليوم الذكرى الرابعة على رحيل الأستاذ والمعلم المفكر الكبير السيد ياسين.. أسعدتنى الأقدار أن نتزامل معًا في العمل، فرأيته باحثًا مُدقِّقًا وملتزمًا إلى أقصى حدود الالتزام، وعندما احتفلنا ببلوغه عامه الثمانين في مكتبى بـ«البوابة»، رأيت الفرحة تعلو وجهه كطفل، تحدث من القلب، وضحك حتى السعال كالعادة، فقد كانت رئتاه الضعيفتان تضيقان بالضحك كما تضيقان بالدخان الذى ظل محافظًا على استنشاقه عبر "البايب" الذى لم يفارق حقيبته حتى وضعه الأطباء على أجهزة التنفس الصناعي، قبل وفاته بأسبوع.
في الزيارة الأخيرة ودَّعْتُه وقلت له: لن أزورك مرة أخرى، فقد تأخرت كثيرًا على غير عادتك على مكتبك، فأشار إلى بيديه ما ينبئ بأنها أيام وسيكون هنا في مكتبه، وطلب ورقة وقلم وأشار إلى من كانوا بالحجرة أن يخرجوا وكتب لي كلمة واحدة أعتقد أنني ما زلت على العهد معه فيها وأتمنى ان أظل كذلك حتى ألقاه.