الخميس 19 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

مقابر الـ5 نجوم.. فوضى بيع "المدافن" على الإنترنت.. الأسعار تبدأ من 60 ألف جنيه.. و"مدافن المشاهير" تصل إلى 1.5 مليون.. والمغالاة في تجهيزها ظاهرة مصرية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مقابر للبيع" عنوان يتصدر أسماء العشرات من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، لتعلن عن بيع المقابر على "السوشيال ميديا" في ظاهرة جديدة، فبعد أن بدأت مواقع التواصل بتسويق العقارات والسلع المختلفة انتقلت سريعًا إلى بيع المقابر أيضا.
وبالنظر إلى إعلانات "السوشيال ميديا" كانت الظاهرة الأبرز هى فوضى الأسعار، وكغيرها من السلع والخدمات المعروضة على مواقع التواصل الاجتماعي، المعلن فقط هو المتحكم في سعر الوحدة المخصصة للمقبرة وبالتالى تخضع هذه العمليات لسياسة العرض والطلب.
كما أن اللافت في الأمر، وجود عروض من نوع جديد ومنتشرة، مثل المقابر الخمس نجوم، حيث يقوم العارضون بتقييم المقابر 3 نجوم – 5 نجوم، تماما كما نرى في الفنادق السياحية، وتتراوح الأسعار من 60 ألف جنيه إلى مليون جنيه حسب المساحة والتجهيز أو التشطيب.
بالبحث عن عملية تنظيم المقابر وجدنا أن مهمة الإشراف على التخطيط والتنظيم والرقابة تقع على عاتق جهتين رئيسيتين، المحليات ممثلة في وزارة التنمية المحلية وما يتبعها من محافظات وإدارات ومجالس محلية في شتى ربوع مصر، وكذلك وزارة الإسكان ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة والتى تمتلك حق بيع المقابر في المدن الجديدة.
وبالنسبة للمحليات، فإن القانون رقــم ٥ لسنة ١٩٦٦، الصادر في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، لا يزال هو المنظم لعملية بيع وتخصيص المقابر من قبل الإدارات المحلية، حيث تنص المادة الثانية من القانون على أن تتولى المجالس المحلية في حدود اختصاصها، إنشاء الجبانات وصيانتها وإلغائها وتحديد رسم الانتفاع بها.
كما أن هناك العديد من البنود المهمة في القانون منها: "يجوز بقرار من رئيس الجمهورية، الترخيص بإقامة مدافن خاصة، في غير الجبانات العامة، وذلك بناء على طلب من وزير الإدارة المحلية بعد موافقة مجلس المحافظة المختص، وتحدد اللائحة التنفيذية شروط إقامة هذه المدافن ومواصفاتها.
وحظر القانون الدفن في غير الجبانات العامة، حيث تقضى المادة الخامسة من القانون بأنه "لا يجوز إجراء الدفن في غير الجبانات العامة المستعملة. ويحكم القاضى، في حالة المخالفة بإخراج الجثة وإعادة دفنها، وذلك فضلا عن العقوبة المقررة بمقتضى هذا القانون.
وحدد القانون مهام القائمين على المقابر "التربى أو الحانوتى"، واختصت المواد (٧، ٨، ٩) بتوضيح هذه الأمر حيث تنص المواد على أنه: "لا يجوز لأى شخص أن يزاول مهنة حانوتى أو تربى أو مساعد لأيهما إلا بترخيص من المجلس المحلى المختص، كما يحدد المجلس المحلى المختص الأجر الذى يتقاضاه أرباب المهن المشار إليهم في المادة السابقة، ويجوز إلغاء التراخيص الممنوحة لهم إذا لم تتوفر في شأنهم الشروط التى تتطلبها اللائحة التنفيذية.
الدور الرقابى
وتقوم المجالس المحلية بالدور الرقابى، حيث شدد القانون على أن "يكون لموظفى المجالس المحلية الذين يصدر بتحديدهم قرار من وزير العدل بالاتفاق مع وزير الصحة صفة مأمورى الضبط القضائى ولهم في سبيل التحقق من تطبيق أحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية.
أما في المجتمعات العمرانية والمدن الجديدة، فيبدو أن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة قد استوعبت الدرس وسعت لتقننن وتحديد الاشتراطات بدقة للسيطرة على سوق المقابر في المدن الجديدة، وبين الحين والآخر تعلن الهيئة عن طرح مجموعة من المقابر للبيع بالقرعة العلنية، وبنظام سداد يسهل على المواطن الراغب في الحصول على مدفن ضمن طرح الهيئة.
وتتراوح المساحات التى تعرضها هيئة المجتمعات العمرانية ما بين ٤٠ و٦٠ مترا مربعا، وغالبا ما تكون في المدن الجديدة التابعة لمحافظات القاهرة الكبرى مثل مدن (٦ أكتوبر – حدائق أكتوبر – أكتوبر الجديدة – الشيخ زايد) على أن يكون نظام التخصيص بحق الانتفاع، وتتراوح الأسعار من ٤٠ ألف جنيه حتى ٨٢ ألف جنيه.
وتعتمد الهيئة على نظام حق الانتفاع في تخصيص المقابر وفقا للقانون، ولعل الهدف من ذلك ما أوضحه المسئولون في وزارة الإسكان الذين أكدوا أن قانون تخصيص المقابر نص على أن التخصيص يكون بحق الانتفاع حتى لا يتم بيع المقابر بعد تخصيصها، وأن حق الانتفاع مفتوح المدة وليس مرتبطا بسنوات محددة.
وتمتاز المقابر المعروضة من قبل الهيئة أيضا بالتيسير في السداد، ففي بعض الإعلانات السابقة يتم سداد ٥٠٪ من قيمة مقابل حق الانتفاع لقطعة أرض المقبرة (دفعة حجز) مع تقديم استمارة الحجز، كما يتم سداد باقى قيمة مقابل الانتفاع قبل الاستلام بجانب ١٪ مصاريف إدارية + ٥. ٪ لمجلس الأمناء من إجمالى قيمة الانتفاع لقطعة أرض المقبرة.
وفى بعض الحالات تقوم الهيئة بتخفيض مبلغ مقدم الحجز حيث يتم دفع مقدم حجز قدره ١٠ آلاف جنيه عند تقديم استمارة الحجز المرفقة بكراسة الشروط، وسداد باقى قيمة المقبرة عند الاستلام بالإضافة إلى ٥ آلاف جنيه قيمة وديعة الصيانة، بخلاف ما يتحمله الشخص من تكلفة السور، وسداد (١٪) مصاريف إدارية + (٠.٥٪) مجلس أمناء.
ممنوع على الشركات
ولعل من أهم الاشتراطات التى تضعها هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة هو منع بيع الأراضى للشركات حتى لا تكون هناك فرصة للمتاجرة في هذه المقابر، وتشترط الهيئة أن يكون المتقدم لحجز المقبرة شخصًا طبيعيا، (مواطن مصرى الجنسية) وليس شخصًا معنويا ( شركة - مؤسسة)، كما يشترط ألا يقل سن المواطن المتقدم لحجز مقبرة ضمن طرح الهيئة، عن ٢١ عامًا في تاريخ موعد بداية حجز مقابر الطرح، وأن يكون من قاطنى إحدى المدن الجديدة، وألا يكون قد سبق تخصيص مقبرة (مبنى أو أرض (له أو لأحد أفراد أسرته (الزوج - الزوجة - الأولاد القصر)، وطبقًا لما يرد بكراسة الشروط، ولا يحق للأسرة الواحدة (الزوج - الزوجة - الأولاد القصر) التقدم لحجز أكثر من قطعة أرض مقبرة.
ويتم تخصيص الوحدات المخصصة للمقابر بالقرعة العلنية اليدوية لمن انطبقت عليهم الشروط، حيث يتم الإعلان عن موعد ومكان القرعة العلنية، وكذا موعد تسليم المقابر للفائزين بالقرعة.
تطرح وزارة الإسكان والمرافق، ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية، عددا من المقابر، بأسعار مختلفة، وشروط معينة، داخل المدن الجديدة، وذلك بنظام سداد يسهل على المواطن الراغب في الحصول على مدفن ضمن طرح الهيئة.
ويجب أن يكون العميل المتقدم لحجز مقبرة ضمن طرح الهيئة، بمعرفة أن هناك حالات يتم فيها إلغاء حق الانتفاع بالمقبرة عقب الاستلام، وأهم تلك الحالات عدم سداد القيمة المالية المقررة عند الاستلام خلال شهرين من تاريخ الاستلام، إذ يعد حق الانتفاع لاغيًا من تلقاء ذاته، وتطبق قواعد إلغاء تخصيص أرض المقبرة دون الحاجة إلى تنبيه أو إنذار أو استصدار حكم قضائي، ولا يتم استرداد المصاريف الإدارية والمبالغ المسددة لصالح مجلس الأمناء.
وتقدم هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، خدمات إلكترونية عدة، ومن بينها خدمة طلب حجز مقبرة، من المقابر التي تطرحها الوزارة، ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية، بمساحات وأسعار مختلفة، وشروط معينة، ونظام سداد محدد، منصوص عليه داخل كراسة الشروط.
عملية البيع والتسويق
ومن أجل التعرف أكثر على القوانين التى تحكم عملية بيع وتسويق المقابر على الإنترنت، وكذلك التصرف فيها من قبل ملاكها أو المنتفعين بها، تحدثنا إلى خبراء في التنمية المحلية وقانونيون، من أجد إيجاد إجابات للعديد من الأسئلة التى تدور في ذهن الكثيرين منا.
حيث يقول الدكتور حمدى عرفة أستاذ الإدارة المحلية وخبير استشاري البلديات الدولي، إن المشرف على تنظيم المقابر هي الإدارات المحلية، ممثلة في المحافظات والمجالس المحلية، أما في المناطق والمدن الجديدة فالمشرف عليها وزارة الإسكان ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية.
ويضيف عرفة في تصريحاته لـ"البوابة": "تتولى كل محافظة الإشراف على التخطيط وتخصيص وتنظيم، وتحدد المحافظات أسعار تلك الوحدات وفى بعض الأحيان تقوم المحافظات بعمل قرعة لحجز تلك الوحدات وتقوم بتقسيط هذه الوحدات على ٥ سنوات، وأحيانا تصل المدة إلى ٢٠ سنة، أما في المدن الجديدة فمدة التقسيط لا تزيد عن عامين، وبجانب الإشراف على التخطيط، تقوم المحافظات ببيع الأراضى قطع بدون بناء ويقوم المشترى ببناء هذه المساحات، وفي حالات أخرى يتم تسليم هذه الوحدات مكتملة البناء جاهزة للاستخدام، وهنا تكون مهمة المحافظة قد انتهت.
الدور الرقابي
ويوضح عرفة أنه "بعد هذه المرحلة تقوم الإدارة المحلية بالإشراف على المقابر عن طريق الرقابة كما تتولى تعيين "التربى" أو الحانوتى، وتقوم الإدارة المحلية بعملية الرقابة من آن لآخر على هذه المقابر".
وبسؤاله عن انتشار إعلانات بيع المقابر على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، أكد عرفة أن بيع المقابر على مواقع التواصل الاجتماعي ليس فيه مخالفة للقانون، والمغالاة في الأسعار تخضع مثلها مثل العديد من السلع والوحدات السكنية ولا يخالف القانون، فهو نوع من التسويق وقانونى، فقد يكون أحيانا مثل الوحدات السكنية فالشخص قد يترك المقبرة وينتقل إلى منطقة أخرى فيعرضها للبيع، وهذا لا أمر لا جدال فيه.
أسعار ٥ نجوم
وبالانتقال للحديث عن أسعار المقابر، يقول "عرفة" إن أسعار المقابر تبدأ في المدن من ٥٠ ألف جنيه كحد أدنى، وفى الأرياف تبدأ من ٢٥ و٣٠ ألف جنيه، وتنخفض عن المدن التى قد تصل فيها المقابر إلى مليون جنيه وأكثر قد تصل إلى ١.٥ مليون جنيه، في حال إذا كانت مقابر كبرى تكفى للعديد من الأشخاص ١٠ عيون أو أكثر، عن الحسب المساحة والتجهيز أو التشطيب، فبدأنا نجد ظاهرة الـ ٣ نجوم والـ ٥ نجوم في المقابر كما هو في الفنادق والوحدات السكنية، وهو ظاهرة انتشرت بين المشاهير والممثلين، ولكن لا نجدها منتشرة بين كبار الملوك، فرأينا كبار ملوك السعودية دفنوا على الشريعة الإسلامية وكذلك أمير الكويت صباح الجابر الصباح، الذي توفى مؤخرا دفن على السريعة دون إسراف أو مغالاة في القبر على عكس ما يحدث في بلدنا.
المقابر وقانون التصالح
وعن موقف المقابر من قانون التصالح على مخالفات البناء، ففى خضم بحثنا عن قضية المقابر صادفنا تصريحًا نقلته العديد من وسائل الإعلام عن مصدر مسئول بوزارة الإسكان يؤكد خضوع المقابر لقانون التصالح، وإمكانية إزالة المقابر المخالفة، وفى هذا السياق، أكد خبير الإدارة المحلية أن "قانون التصالح على مخالفات البناء لم يشر من قريب أو من بعيد إلى المقابر كما أن الدولة المصرية دائما ما تتجنب الاقتراب من مناطق المقابر، فالقانون أشار صراحة إلى العقارات أو المحال التجارية أو تحويل المساكن إلى محلات تجارية والعكس أو الرسوم الهندسية، ولم يشير إلى المصالحة على مخالفات المقابر".
وتابع قائلا: "غالبا ما تقع المقابر في مناطق نائية في أماكن بعيدة عن المدن أو على أطرافها، وكذلك في الأرياف تكون إما في مداخل القرى أو نهايتها، ولا تكون متداخلة مع المنازل، وقد يحدث وهذا نادرا أن تكون المقابر بنيت على أراضى الدولة وهنا يتم إزالتها، ولكن بنسبة ٩٠٪ لم نشهد إزالة مقابر أثناء تنفيذ قانون التصالح، ومخالفات المقابر تكون في أمتار قليلة جدا مترا أو اثنين ولا تتعدى الـ٣ أمتار، وبالتالى لن يكون هناك مخالفات جسيمة.
التصرف في المقابر
 التصرف في المقابر سواء بالبيع أو التنازل، يقول نبيل زكى المحامي بالنقض، إن بيع المقابر الواقعة ضمن زمام المقابر العامة لا يجوز إلا بإذن من الجهة المختصة وهى المحليات في المدن والمحافظات، والمجتمعات العمرانية في حال المدن الجديد.
ويضيف زكى أن المادة الأولى من القانون رقم ٥ لسنة ١٩٦٦، تنص على أنه: "تعتبر جبانة عامة كل مكان مخصص لدفن الموتى، قائم فعلا وقت العمل بهذا القانون، وكذلك كل مكان يخصص لهذا الغرض بقرار من السلطة المختصة، وتعد أراضى الجبانات من الأموال العامة وتحتفظ بهذه الصفة بعد إبطال الدفن فيها وذلك لمدة عشر سنوات". ويشير زكى إلى أنه في حال التجديد أو الترميم في المقبرة لا يستلزم أخذ إذن من الجهة المختصة طالما لم يحدث تغير في حدود المقبرة، ويقتصر الأمر على الترميم أو الإصلاح.
كما لفت زكى إلى أهمية عدم دفع مبالغ مالية لـ"التربية" أو القائمين على المقابر لأنه ليس لها سند قانونى، حيث أكد أن القانون نص صراحة على أن تتولى المجالس المحلية الترخيص وتعيين "التربية"، وتحديد المبالغ التى يتقاضونها ولم يشر إلى دفع أية مبالغ من قبل المنتفعين بالمقابر مقابل دفن الموتى أو خلافه.