السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سبعة أقباط شهداء في ليبيا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما بين اكتشاف القوات المسلحة جهاز معالجة مرضى الفيروسات، وتغيير حكومة الببلاوي، وتصدي إبراهيم محلب للمسئولية، ضاعت حقوق المصريين السبعة الذين استشهدوا على الأراضي الليبية برصاص متطرف جبان.
في تقديري كان من الممكن لإبراهيم محلب أن يبدأ عمله مباشرة على هذا الملف دون تردد ودون التفات إلى مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة، فليس عند مصر أغلى من حقوق دماء أبنائها، شاهدت رئيس الوزراء المكلف يقدم واجب العزاء بالكاتدرائية ويرحل، ورأيت المشير السيسي يأمر بطائرة عسكرية لنقل الجثامين من مطار القاهرة إلى سوهاج ويسكت، ولم أسمع بيانا حاسما من رئيس الجمهورية يشدد فيه على كرامة المصري داخل وخارج الوطن، منذرًا خصومنا بما يليق من رد الفعل تجاههم، واكتفى الرئيس ببيان النعي.
المصريون الأقباط السبعة الذين تم قتلهم في ليبيا مصريون فقراء، خرجوا من مصر باحثين عن لقمة عيش لهم ولأبنائهم، خرجوا بهدوء يبيعون عرقهم في بلاد مجاورة وكان من الممكن لهم أن يعتصموا أمام ديوان عام المحافظة بسوهاج مطالبين بحياة كريمة حسبما منحهم الدستور المصري من حقوق، لم يفعلوا هذا ولكنهم تجشموا عناء السفر والغربة، وهناك تلقفتهم يد الغدر والخسة الجبانة لتقتلهم على الهوية، نعم تم قتلهم لأنهم أقباط، لا لسبب غير هذا، وربما ابتسم القتلة وهم ينفذون جريمتهم تشفيًا في دولتنا الجديدة، دولة ما بعد ثورة 30 يونيو التي علقنا عليها الآمال وما زلنا.
ولكن فيما يبدو أن مؤسساتنا سوف تخذلني هذه المرة، نعم أعرف أن جيشنا يخوض حربًا ضارية في سيناء وفي مدن مصر لقطع دابر الإرهاب المتأسلم، وأعرف أن خصومنا في الداخل هم أقارب قتلة المصريين في ليبيا، ولكن هذا لا يشفع للدولة المصرية عندي، فكيف ترضى الدولة المصرية الطموحة بكل هذا العبث الدائر على حدودها من الجوانب الثلاثة (غزة/ السودان/ ليبيا) لم يعد آمنًا عندنا سوى البحر المتوسط، غزة تتمادى في غيها بأنفاقها الملعونة وحماسها المشئومة، والسودان ببشيرها الإرهابي صارت حديقة خلفية لهروب الإخوانجية المتهمين المطلوبين للعدالة لتوفر لهم الخرطوم ملاذا آمنًا، ناهيك بدور السودان البائس في موضوع سد النهضة، وجاءت ثالثة الأثافي من ليبيا باستهدافها أبنائنا في واقعة متعمدة ومقصودة، ربما لكسر كرامة دولتنا الجديدة.
الصمت على هذه الأمور لن ينتج إلا مزيدا من التدهور، والاعتماد على الدبلوماسية الناعمة يتم تفسيره على أنه عجز، ولا أطالب هنا برد مادي عنيف، ولكن أطالب برسالة واضحة وحاسمة تحدد لجيراننا خطوطنا الحمراء وتذكرهم إذا نسوا بقدرات مصر العروبة صاحبة ال 90 مليون نسمة ونهر النيل ونجيب محفوظ، مصر المنتصرة الواعدة حامية أبنائها بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
ثلاثة حدود ملتهبة تحيط بمصر وفي قلب المدن المصرية إخوان ونشطاء كاذبون أقاموا الدنيا ولم يقعدوها على ما قالوا إنه تأخر للقوات المسلحة في إنقاذ شباب كانوا في نزهة بسانت كاترين، ولما جاءت رصاصات الإرهاب من ليبيا في أدمغة مسيحيين فقراء، خرس النشطاء ولم نسمع لهم حسًا وكأن دماء الفقراء ماء، وكأن الإرهابيين القتلة لهم دين عند النشطاء و"كاسرين" لعينهم.
على كل حال هذه صرخة لعل في الدولة الجديدة أذن تسمع واقترح في نهاية مقالي أن يصدر القاضي الجليل عدلي منصور رئيس الجمهورية قرارا جمهوريًّا يقضي بإقامة كنيسة في مسقط رأس شهدائنا السبعة وليكن اسمها كنيسة الشهداء، أما المشير السيسي فما زلت أنتظر خطابه ورؤيته السياسية والعسكرية لحماية كرامة مصر في الحدود الثلاثة.