إن إشادة المؤسسات الدولية الكبيرة مثل البنك الدولى وصندوق النقد الدولى ومؤسسات التصنيف الدولية بأداء الاقتصاد المصرى أمام التداعيات الشديدة لجائحة فيروس كورونا، لهو شهادة تقدير على صدر الدولة المصرية التى أصرت على الاستمرار في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى طبقا لما هو مخطط، مع الالتزام بالإجراءات الاحترازية واتخاذ سلسلة من الإجراءات الاقتصادية، وزيادة برامج الحماية الاجتماعية وشبكات الأمان الاجتماعي في إطار تكليفات رئاسية حازمة تستهدف بالدرجة الأولى تيسير حياة المواطنين وتحسين مستوى معيشتهم.
فعلى الرغم من التداعيات السلبية الشديدة لجائحة كورونا على العديد من دول العالم المتقدم فان مصر هى الدولة الوحيدة على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التى حققت نموا اقتصاديا بنسبة 3.6 % خلال العام المالى 2019 / 2020، ومن المتوقع أن تتراجع هذه النسبة في العام المالى الحالى إلى 2.7% بسبب معاناة القطاع السياحى من تداعيات كورونا، على ان تنطلق النسبة إلى الزيادة بنحو 5.8% في عام 2021 / 2022 بفضل بدء إنتاج حقول الغاز الطبيعى المكتشفة حديثا وتحسن القطاع السياحى وزيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج وذلك وفقا لتوقعات البنك الدولى.
ان الإصرار على تطبيق برنامج الاصلاح الاقتصادى خلال الجائحة قد حقق الاستقرار والتحسن في المؤشرات الاقتصادية سواء كانت زيادة معدل النمو الاقتصادى ايجابيا بنسبة 3.6% خلال عام 2019 / 2020، أو انخفاض التضخم من 8.5% عام 2019 إلى 5% عام 2020، أو تراجع معدل البطالة إلى نحو 7% بسبب المشروعات القومية الكبرى التى ضختها الدولة في شرايين الاقتصاد القومى، وكذا زيادة احتياطى النقد الاجنبى إلى نحو 40 مليار دولار أمريكى فضلا عن استقرار سعر الصرف.
لا نستطيع القول أن أزمة كورونا لم تؤثر على مصر بشكل أو بآخر، فقد كان من الممكن أن تكون المؤشرات الاقتصادية أحسن حالا مما تحقق، ولكن بالرغم من التداعيات السلبية للجائجة فقد استطاعت مصر خلال هذه الأزمة تحقيق التوازن بين أسعار الفائدة ومعدل التضخم، وقد أصبح سعر الفائدة جذاب للاستثمارات المحلية والأجنبية، كما تمكنت مصر خلال فترة كورونا من الانتظام في سداد الالتزامات الخارجية، وعدم طلب تأجيل السداد، وبالتالى تحسن التصنيف الائتمانى لمصر.
إن قيام الدولة المصرية خلال فترة الجائحة بتأجيل سداد المديونيات، وتوسعها في برامج الحماية الاجتماعية سواء بالمنحة التى تم إقرارها للعمالة غير المنتظمة، أو برامج تكافل وكرامة، أو تطوير القرى المصرية على مدى 3 سنوات بمبلغ 500 مليار جنيه في إطار المبادرة الرئاسية حياة كريمة، أو زيادة قيمة الأجور بنحو 37 مليار جنيه بعد الزيادات الجديدة لمرتبات العاملين بالدولة، وصرف العلاوات الخمس للمعاشات وزيادة نسبة المعاشات 13% في موازنة يوليو 2021، وطرح مبادرة اخرى للتمويل العقارى بنسبة 3% على 30 سنة، ما كان لذلك أن يتحقق لولا الإصرار على تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى حتى في أشد الأزمة.
*نائب مدير عام بنك التنمية الصناعية سابقا