الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سيدة السلام المقتولة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حتى الباب الذي أغلقته لم يعد ساترا ولم يعد حماية لك من الاعتداء والقتل. هذا ما حدث في مدينة السلام .. يتناقض اسم المدينة التي تقع على تخوم القاهرة مع ما حدث فيها .. مدينة السلام ليس لها من اسمها نصيب وتشهد جريمة بشعة حيث تم إلقاء سيدة وهي بكامل ملابسها من الطابق السادس لتنكسر عظامها وتنكسر أحلامها في غد آمن.
تأتي الجريمة قبل انقضاء أسبوع واحد على جريمة ذئب المعادي قاتل روح الطفلة صاحبة السنوات الستة.
لن أربط بين المعادي والسلام لأن القاسم المشترك واضح .. المجني عليهما هي المرأة المصرية تلك المرأة التي أنشدنا لها الأناشيد في ثورة 30 يونيه عندما تقدمت الصفوف ضد التخلف وضد القهر وضد أصحاب توكيلات الفضيلة والأخلاق الكاذبة .. ضد المتاسلمين الذين أذاقونا المر والحنضل .. 
سيدة السلام أغلقت بابها على نفسها وليس من حق أحد مهما كان أن يكسر الباب تحت أي زعم كان .. حتى ضابط البوليس يتردد ألف مرة قبل كسر أبواب الآمنين .. فمن أين جاءت سلطة بواب العمارة وصاحب العمارة وزوجة صاحب العمارة و أحد سكان العمارة لينفذوا تجريدة بربرية ضد سيدة مصرية وتنتهي برميها من الطابق السادس لتموت ويموت معها فكرة الأمن والأمان ودولة القانون؟
ما الفرق بين صاحب الثوب الديني محمود الإرهابي الذي ألقى بالأطفال من على سطح عمارة بالإسكندرية وبين البواب وصاحب العمارة القتلة الإرهابيين في ثوب مدني ؟ .. وإلى متى نعيش في هذا الإرهاب المتسلسل؟ .. لا يحمينا خطاب واضح من أية جهة ولا ينقذنا القضاء العاجل الحاسم .. نعيش نبحث عن فكرة دولة القانون دولة العدالة والحرية الشخصية ..
فكرت أكثر من مرة اعتزال الكتابة والابتعاد عن مهنتي كصحفي عشت أكثر من ثلاثين عاما أصرخ في البرية ولا أذن تسمع حتى تحولت مهنتي من كاشف لأوجاع المجتمع إلى شكاء بكاء لا يلتفت إلى ما نكتبه أحد..
وكلما استمعت إلى صرخة ألم من ضحية أعود الصراخ معها وأواصل الكتابة .. جريمة إلقاء سيدة من شرفة منزلها بالدور السادس لا تنفصل عن جريمة سيدة المنيا التي تعرت ولا تنفصل عن جريمة اغتصاب زوجة في مقابر الإسماعيليه أمام عين زوجها.. لا تنفصل عن الغش التجاري في السلع ولا عن جبروت موظفي الأحياء ولا عن فساد قطاعات واسعة مهنية وسياسية وعن تهافت نخبة فتحت بابها للفساد فكان من الطبيعي أن ينكسر باب السيدة المصرية في مدينة السلام ويتم إلقاؤها من شرفة بيتها.
30 يونيه دولتنا التي علقنا عليها الرهان ننتظرها لتؤسس لنا شارعا آمنا وبابا ساترا وألا تسمح بقتلنا في مدخل عمارة بالمعادي أو إلقائنا أحياء من بلكونة الشقة في مدينة السلام.. ونثق فى القدرة على ذلك.
نكرر للمرة الألف .. القضاء الناجز العاجل رادع لفاقدي الضمير .. الخطاب الإعلامي المنتمي لمصرية المصريين قادر على صناعة الوعي .. الشعر والمسرح والموسيقى والفنون إجمالا قادرون على تهذيب الأرواح الخربة .. الاعتدال في التدين وفصل الدين عن الدولة يمكن أن يؤسس لدولة مدنية حديثة .. وقتها سوف نجلس في شرفات بيوتنا نشرب الشاي دون خوف من كسر أبوابنا.