.. في أول تصريح له عقب تجديد الثقة فيه أمينًا عامًا لجامعة الدول العربية قال «أحمد أبوالغيط»: أعتبرها «مهمة مقدسة» لتعزيز العمل العربى المشترك في ظروف صعبة وخطيرة.. نظرت بِتمعُن لمدلول هذا التصريح، وقلت: فعلًا إنها «مهمة مقدسة» أعانك الله عليها، فالحِمل العربى ثقيل، والقضايا العربية مُتشابكة، والأوضاع الإقليمية مُعقدة.
.. «أبوالغيط» يعمل على تقليص مساحات الخلافات العربية، وزيادة مساحات التوافق بين الدول العربية، ويرفع شعار «الوعى والحكمة في إدارة جامعة الدول العربية»، فالدول العربية تواجه أطماعًا مُعلنة من قوى إقليمية ودولية، والتحديات التى تحيط بها كثيرة ومتنوعة ومتعددة، لذلك يحرص «أبوالغيط» على المصلحة العربية، رؤيته للقضايا العربية معتدلة، وآراؤه في القضايا العربية تنُم على أنه «سياسى مُحنك» عاصر ما مرت به المنطقة العربية من مُتغيرات وتحولات ومطبات طوال أكثر من (٥٠) عامًا.
.. «أبوالغيط» صاحب تاريخ دبلوماسى مُشرف، وتدرج في مناصب متعددة أهلته ليكون أمين عام جامعة الدول العربية عن جدارة، فقد عمل في مكتب مستشار رئيس الجمهورية للأمن القومى عام ١٩٧٢، ومستشارًا سياسيًا للسفارة المصرية في موسكو، وممثلًا لمصر في منظمة الفاو، ومندوبًا دائمًا لمصر لدى الأمم المتحدة، ووزير خارجية ما بين عامى ٢٠٠٤ حتى ٢٠١١.. وهذا تاريخ دبلوماسى ممتاز، جعله خبيرًا في العمل في المنظمات الدولية، إضافة لكونه عايش أحداثًا مهمة مرت بمصر والعرب ومنها حرب أكتوبر ومفاوضات السلام مع إسرائيل.
.. من الواضح أن «أبوالغيط» استفاد من تواجده بجوار الرئيسين أنور السادات وحسنى مبارك لفترات طويلة، كما أنه ارتبط بعلاقات وطيدة مع المرحوم عمر سليمان مدير المخابرات الأسبق، لذلك تجده يقول كلامًا موزونًا عن القضايا العربية، فهو يعرف الأسرار الحقيقية للقضايا العربية، ولديه كواليس أحداث عربية مهمة، يتبنى القضية الفلسطينية، ويعتبرها قضية العرب الأولى، رفض «صفقة القرن» وحرص على لم شمل العرب للتصدى لهذا المُخطط، وأعلن عن رفض العرب لها.
.. «أبوالغيط» الذى يطلقون عليه لقب (الأمين المحافظ)، هو بالفعل محافظ على وحدة العرب وأمينهم العام بعد أن نال ثقتهم بالإجماع، لا يتوانى في نزع فتيل أى أزمة تنشأ في المنطقة العربية، فعلي الرغم من كونه دبلوماسيًا إلا أنه يتخلي عن دبلوماسيته حينما يتعلق الأمر بالأمن القومى العربى وتجده أسدًا جسورًا في مواجهة أى تهديد، لا يخجل من الاعتراف بوجود خلافات عربية، لكنه يقول: لدينا خلافات عربية ونعمل على تقليصها ونُزيد مساحات التوافق بين الدول العربية والسبيل الوحيد هو تشكيل موقف موحد وصلب يضع العرب في «موضع قوة» إزاء القوى الطامعة في أراضينا وثرواتنا، فالتحديات كثيرة ومنها (موجات الإرهاب ومروجى الخراب والفوضى وأنصار الطائفية وأصحاب الدعاوى الانفصالية)، وهذا تشخيص صائب للقضايا العربية.
.. أرى أن العرب جميعًا يعرفون جيدًا قيمة «أبوالغيط» ويعتبرونه ( رُمانة ميزان جامعة الدول العربية )، رشحته مصر ودعمته أمينًا عامًا لجامعة الدول العربية ووافق عليه العرب لمرة وها هُم يوافقون على إعادة ترشيحه مرة أخرى، تحسنت العلاقات العربية عن ذى قبل، والقادم أفضل بفضل زيادة مساحات التوافق بين الأشقاء العرب، وتم هذا بإمضاء رجل مصرى وطنى عربى اسمه «أحمد أبوالغيط».