مما لا شك فيه أن تسجيل العقارات وإشهارها له أهمية قصوى في الحفاظ على الملكيات وضمان الحيازات، ولهذا فالتعامل بقانون التسجيل العقارى هو من أهم الضروريات الحالية لأن أغلب عقارات المصريين غير مسجلة وغير مشهرة، وعدم التسجيل والإشهار يظهر مشكلاته من خلال تنازع الأفراد على الملكيات لا تحل إلا عن طريق القضاء، ومنها ما لا يستطيع القضاء حله أيضا، وكذلك قد تصل المنازعات إلى حدوث جرائم العنف.
وقد ذكر الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء أن هناك 95% من عقارات مصر لم يتم تسجيلها وأغلبها يستفيد من المرافق، ولكن يجب إيجاد آلية لكى يتم تسجيل وإشهار العقود للعقارات لكى يتم التعامل بها وعمل بطاقة لكل وحدة. وهذا هدف في حد ذاته جيد لكنه لن يكون سهلًا أبدا حتى مع تأجيل تطبيق القانون حتى بداية عام 2022، وحتى مع إدراج التعديلات على بنود القانون إلا إذا وجدت حلول للمشكلات التالية:-
• مشكلة تسلسل العقود حتى المطور (فهل سيتم التعامل مثلا بآخر عقد بين الطرفين؟).
• أغلب الوحدات مبنية بطريقة غير رسمية (غير مرخصة) وكثير منه لم يتم التصالح عليه.
• أغلب الأراضى المبنى عليها غير مسجلة وبعضها عليه مشكلات مع أفراد وشركات وجهات أخرى (التعديات).
• المصاريف غير المباشرة مثل تكاليف الرسم والضريبة العقارية الـ 2.5% ونسبة الـ 1% للنقابة والدمغات وما شابهها (نحو 45 جنيها/ألف) والتى لا نعلم مدى أحقيتها ولا حتى كميتها.
• طول مدة التسجيل والتى قد تصل لسنوات في الشهر العقارى وساحات القضاء.
• دور الجهات الأخرى المتضررة أو المستفيدة أو التى لها حقوق مثل الأوقاف والآثار وبعض الوزارات والهيئات والشركات والأفراد.
فليست المشكلة في الـ 2.5% ضريبة ولا الـ 500 أو 1000 جنيه... المشكلة أكبر وأعمق بكثير... فقبل إصدار أى قانون يا حكومة راشدة فأنتم محتاجون إلى دراسة الوضع الحالى للمشكلة في هذا الموضوع مع دراسة سلوك الشعب المصرى وظروفه...
بالتالى لا يصح مثلا ربط إدخال المرافق وهى أهم احتياجات المعيشة بالتسجيل خاصة مع وجود 95% غير مسجل... وإلا فسوف تحتاجون إلى عمل سجن كبير يسع الـ 95% الذين لم يسجلوا (أغلب الشعب المصري) وتحيطونهم بسور كبير وعالٍ لأنهم باختصار سيأخذون المرافق بشكل غير قانونى لأنها لا يمكن الاستغناء عنها (أيضا هو حق دستوري: فمن حق المواطن دستوريا التزود بالمرافق).
الحاجة الثانية والمهمة هى العقود أغلبها يعتمد على عقد ابتدائى أو نهائى بين بائع ومشترٍ، والكثير منه معتمد صحة توقيعه وبعضه صحة ونفاذ، ولا يوجد في كثير من الأحيان عقود أخرى حتى لو كان الشارى هو الخامس أو العاشر، فالعقود لدى أغلب الملاك الآن غير متسلسلة وكثير من البائعين قد توفوا أو سافروا. ومن الممكن أن يكون هناك تفكير لحل مشكلات تسلسل العقود (تعتمدوا مثلا على آخر عقد).
ثالثا: مدة الـ10 شهر المتبقية غير كافية بالمرة لحل مشكلات أكثر من 50 مليون عقد على الأقل أكثر من 60 % منها لن يتم تسجيلها بسهولة، خصوصا مع وجود المشكلات المتراكبة والمعقدة والتى تحتوى على مشكلة تسجيل الوحدة ومشكلة الأرض ومشكلة وراثة و... و... (وبعضها لن يحل مطلقا بالقانون الحالى حتى مع التعديلات التى وضعت حاليا). وأعتقد أن ممكن يتم مد التأجيل إلى عامين على الأقل خاصة مع وجود وباء كورونا وهى حالة استثنائية.
رابعًا: القانون بوضعه الحالى الذى تم نشره كله عوار، ومحتاجين إعادة دراسته ليتوافق مع الوضع المصري.. مش وضع فرنسا أو سويسرا... دا غير أن المشرعين محتاجون دراسة جملة وبنود التكاليف التى قد تصل إلى 10% من ثمن الوحدة وداخل فيها 5 أو 6 جهات منهم كام جهة لا أعلم أحقيتهم في المشاركة في سحل المواطن ماديا.
يجب التفكير جديا بتسهيل إجراءات التسجيل وتقليل عدد الجهات التى يتم التعامل معها وتقليل التكاليف التى تقع على كاهل المواطن الراغب في التسجيل مع عدم إجباره على التسجيل إلا في حالة استبدال الحيازة.
يا حكومة.. يا نواب الشعب.. يا وزارة العدل.. يا شهر يا عقاري.. ادرسوا كل الحالات وكل المشكلات قبل إصدار القانون وتطبيقه على الشعب المصري!
*استشارى التخطيط العمرانى