لا يتوقف حديث الشارع الآن عن قضية التسجيل العقاري، والتي خرجت بها الحكومة على الناس، تحت شعار "تحصين الملكيات"، ولتخفيف رد فعل الشارع وحالة الجدل المستمرة والتساؤلات التي لا تتوقف، كلف رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي الوزراء المعنيين بسرعة عقد اجتماع للجنة خاصة، لبحث تيسير إجراءات التسجيل.
ووجه بأن يتم شرح الإجراءات والهدف منها للمواطنين، على أن يراعي مسئولو الوزارات والأجهزة المعنية تبسيط إجاباتهم في الرد على استفسارات المواطنين في هذا الشأن، حتى لا تُـتْرك الساحة لبث الشائعات ونشر المعلومات المغلوطة حول هذا الموضوع.
تأتي محاولة التهدئة فيما ما زال الشارع لا يتوقف عن الأسئلة بخصوص مصالحات البناء، والتي ما زالت حتى الآن لم تصل إلى اجابات مقنعة، وشافية، لموقف المصالحات، وماذا تم بشأنها، ومتى تنتهي، ومتى يتم تقنين الخدمات لهذه العقارات؟.
ما اخشاه أن تزداد التساؤلات حدة في الشارع، حول قضية التسجيل العقاري، فمن غير المفهوم حتى الآن، ما هو الربط بين التصالح في عمليات البناء والتسجيل، وأيهما يسبق الآخر، فهل شرط التسجيل إتمام طلبات التصالح ودخولها حيز التنفيذ؟.
وما قيل على لسان السادة "الكبار" في الشهر العقاري "أن شهادة التصالح، وعدم المخالفة، هي الأساس للتسجيل، ولكن ليس هذا آخر الأمر، بل هناك أصعب من ذلك، وليس هناك حتى اللحظة ما يريح الناس، ويطمئن قلوبهم، في ظل تساؤلات حول المطلوب للتسجيل العقاري، وما يتردد حول ضرورة إقامة دعوة قضائية لإثبات الملكية، وتقديم عقود تسلسلية للعقار.
ولكن الأهم في هذا الملف هو قيمة الرسوم التي سيتم تحصيلها من أصحاب العقارات، بخلاف رسوم المحاماة ونقابة المحامين، ورسوم التسجيل بنسبة 2،5% من قيمة العقار، بخلاف رسم التسجيل الذي يبدأ من 500 جنيه وحتى 2000 جنيه، حسب مساحة الوحدة السكنية.
الإجابات حتى اللحظة غير واضحة على الإطلاق، ولماذا الآن المطالبة بالتسجيل، بلغة وصلت إلى حالة من التخويف بل وصلت إلى حالة من الرعب، وهو ما يدفع إلى حالة أخشى أن تكون في مراحلها نقمة، وسخط، إن لم تكن الأمور واضحة وشفافة.
لفت نظر بوست من أحد الناس على فيس بوك " انا لا مانع عندي من دفع كل الرسوم المطلوبة للتسجيل، لكن عندي مليون مانع اتبهدل واتهان واقف في طوابير وادفع اكراميات ورشاوي واصحي صاحب العمارة اللي مات".
البوست يحمل في كلماته تساؤلات مهمة بشأن الخشية من أن يكون التسجيل بالطرح الحالي، بابا للفساد والإفساد، ومجالا للرشاوي التي لم تنتهي في ملفات التصالح، والتي وصلت إلى مراحل متنوعة من الفساد، ومن ينكر ذلك "لا يعيش في البلاد".
يقنيا أن الناس بدأت تفكر في البحث عن بدائل لتخفيف رسوم التسجيل، بالتوجه نحو تحرير عقود جديدة بقيم أقل من القيم الحقيقية، للوحدات السكنية، حتى تأتي الرسم باقل من "الطموح الحكومي" في قيمة الحصيلة، من التسجيل العقاري.
صحيح "أن الدولة تعمل على تشجيع المواطنين لتسجيل عقاراتهم بهدف تحصين ملكياتهم، ولذا فيجب القيام بتيسير إجراءات التسجيل"، وفقا لتصريحات رئيس الوزراء، ولكن المهم أن يكون هناك تيسيرات تخفف من الأعباء عن الناس، ولا تضيف عليهم أعباء جديدة، في ظل أوضاع اقتصادية فرضتها عليهم جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية.
قيل أن التسجيل ليس إلزامي، وغالبية الناس لا تقوم بها من عشرات السنوات، ويكتفون ببعض الإجراءات القانونية والقضائية، التي تثبت نوعا من الملكية، ولكن فكرة عدم الإلزام غير واضحة، فالشارع لم يتلق إجابة على السؤال الصعب " ما الموقف القانوني لمن لم يقم بالتسجيل العقاري؟!، السؤال سيظل يحتاج لإجابة، لمن يملكون وحدات من عشرات السنوات، ويعيشون فيها وبها كل الخدمات.
القضية يا سادة تحتاج إلى توضيح ووضوح، والبرلمان والإعلام عليهما عبء كبير في هذه المرحلة، للحصول على إجابات رسمية لا لبس فيها حول مختلف التفاصيل ذات العلاقة بأمور ومراحل التسجيل العقاري، حتى لا نفتح بابا يقتحم علينا منه الفساد متسلحا بغياب الشفافية، وفي الوقت ذاته الإدراك أن المواطن لا يستطيع أن يتحمل أعباء جديدة، بين رسوم وأموال أخرى من "تحت التربيزة".