الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رجب شهر بداية النفحات الربّانية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أهلَّ علينا شهر رجب مفتاح أشهر الخير والبركة؛ فشهر رجب شهر للزرع، وشعبان شهر السقي للزرع، ورمضان شهر حصاد الزرع؛ فمن أراد حصاد خيرٍ في رمضان؛ فلابد وأن يبدأ الزرع والغرس في شهر رجب، وأن يتعاهد ذلك في شهر شعبان، وإن من سعادة العبد أن يعرف شرف الأزمان، فيقبل فيها على طاعة الرحمن عزَّ وجلَّ، وشهر رجب أحد الأشهر الحُرم؛ فهو من الأزمنة التي لها حُرمة عظيمة عند الله، قال تعالى-: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} (التوبة:٣٦)، ويدلّ على تلك المنزلة أنّ الله جعل الطاعات والعمل الصالح في الأشهر الحُرم أعظم ثوابًا وأجرًا، كما أنّ الظلم فيها أشد إثمًا وأعظم وزرًا عمّا سواها من الشهور؛ فالثواب والعقاب مضاعف في هذه الأشهر، والحسنة تُضاعف فيها كما تُضاعف السيئة، وقال القرطبي رحمه الله: «لا تظلموا فيهن أنفسكم بارتكاب الذنوب، لأن الله سبحانه إذا عظّم شيئًا من جهة واحدة، صارت له حرمة واحدة، وإذا عظمه من جهتين أو عدة جهات، صارت حرمته متعددة، فيضاعف فيه العقاب»؛ فيستحب في هذه الأزمنة كثرة التقرب إلى الله تعالى بالعبادات وسائر الأعمال الصالحة؛ من توبة، وصلاة، وصيام، وصدقة، وعمرة، وذكر، وغيرها.
يُعد شهر رجب هو بداية موسم الإستعداد لرمضان؛ فعلى الإنسان أن يبدأ بالإعداد النفسي والروحي بالأعمال الصالحة في رجب، وأن يتعهدها بالتجويد والإتقان في شعبان، لكي يستطيع الإتيان بها على أكمل الوجوه في رمضان، ولقد حثنا النبي صلى الله عليه وسلم، على اغتنام هذه النفحات في مواسم الطاعات حيث قال: ”افعلوا الخير دهركم ، وتعرضوا لنفحات رحمة الله ، فإن لله نفحات من رحمته، يصيب بها من يشاء من عباده، وسلوا الله أن يستر عوراتكم، وأن يؤمن روعاتكم [أخرجه الطبراني، وحسنه الألباني] أي: افعلوا الخير في عمركم، وتعرضوا لنفحات رحمة الله في مواسم الخيرات وأزمنة البركات التي يصيب بها من يشاء من عباده، والصوم جائز في شهر رجب ولا حرج فيه؛ لعموم الأدلة الواردة في استحباب التنفل بالصوم، ولم يرد ما يدل على منع الصوم في رجب، والمقرر شرعًا أن "الأمر المطلق يقتضي عموم الأمكنة والأزمنة والأشخاص والأحوال"، فلا يجوز تخصيص شيء من ذلك إلا بدليل، وإلا عد ذلك ابتداعًا في الدين؛ بتضييق ما وسعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وقد قال ابن القيم: "ولا ريب أن القلب يصدأ كما يصدأ النحاس والفضة وغيرهما، وجلاؤه بالذكر، فإنه يجلوه حتى يدعه كالمرآة البيضاء، وصدأ القلب بأمرين بالغفلة والذنب، وجلاؤه بشيئين بالاستغفار والذكر؛ فالسعيد من اغتنم هذه الأوقات وتعرض لهذه النفحات - نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم.