تحتل منطقة الشرق الأوسط مكانة استراتيجية في النظام العالمي حتى يخيل لك أنه ليست هناك بقعة في العالم تعادل نفس أهمية هذا الإقليم، ومن هنا يبرز البعد الجيوسياسي لمنطقة الشرق الأوسط التي كانت ولا تزال مطمعا لقوى خارجية؛ تنفذ أجنداتها مخالب داخلية.
فهي بذلك أرض للصراعات بامتياز، كما أنها ظلت على مدى تاريخها القديم والوسيط والحديث ساحة لتداخل الأجندات واللاعبين أيضا سواء على المستوى الداخلي المحلي أو الإقليمي أو العالمي.
ورغم ذلك..تظل منطقة الشرق الأوسط وفية لتاريخها المضطرب وهو ما يتجلى في الفترة الراهنة التي تتخبط فيها الكثير من الدول في الصراعات والأزمات وانعدام الاستقرار.
تتعدد الأسباب وهي تشمل على وجه الخصوص المسائل والضغائن الآيديولوجية والطائفية والتوترات ما بين إسرائيل والعرب
والصراع ما بين إسرائيل والفلسطينيين ومسألة الهويات الدينية والثروات الطبيعية، إضافة إلى تدخلات القوى الأجنبية وتكالبها على مقدرات المنطقة.
ولذلك تعتبر عالمة السياسة إليزابيت ماترو "أن هناك عدة مفاتيح قد تساعدنا على قراءة مجريات الأمور في منطقة الشرق الأوسط من حروب ونزاعات ومحاولات لصنع السلام وإنهاء الصراعات وحقن الدماء وأنماط التسوية في منطقة مثخنة بتاريخ طويل من الاضطرابات السياسية والدينية والعقائدية، فضلا عن حركات الاستقلال الوطني".
فما الذي يجعل منطقة الشرق الأوسط تظل أرض الصراعات والتوترات؟
شهدت منطقة الشرق الأوسط مع بداية القرن الحادي والعشرين الكثير من التحولات والأحداث المؤلمة والعنيفة التي نجمت عن أسباب خارجية، وأهمها التدخل العسكري الأمريكي في العراق في سنة 2005, وعوامل داخلية مع بعض التأثيرات الخارجية، وخاصة اضطرابات «الربيع العربي» في سنة 2011, والذي تسبب في تسليط الضوء على الكثير من مواطن الخلل السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الدولة العربية الحديثة.
تعتبر هذه العولمة السياسية أن منطقة الشرق الأوسط كانت دائما تنطوي على مختلف العوامل التي تغذي الصراعات وهي تذكر على وجه الخصوص شمولية أنظمة الحكم وأزمة الدول العربية الحديثة والتناقضات الاجتماعية والتردي الاقتصادي والتوترات الطائفية والعقائدية، فضلا عن التدخلات الخارجية والتنافس ما بين القوى الخارجية وأجندات القوى العالمية والإقليمية، من منطقة الشرق الأوسط إلى الشمال الإفريقي.
وخلاصة القول أن الشرق الأوسط الجديد الذى حاولت أن تروج له الولايات المتحدة من جانبها لم يتحقق منه إلا تبديل بعض كراسى السلطة بينما ظلت بعض الدول فى اضطرابات عنيفة إلى اليوم مثل سوريا وليبيا واليمن ومن قبلها العراق، بينما تماسكت مصر بشكل ممتاز، وتحاول السودان تجاوز أزمتها إلى حد ما، مما يجعلنا نتساءل عما كان يعنى به تعبير «الشرق الأوسط الجديد» فى خيال من خططوا له.