الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

شباب لا ينتهى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ربما وقع البعض في فخ الركض وراء الشباب الدائم.. فمنذ جاء الإنسان وهو يحارب الهرم. وفي سبيله لذلك تصيدته الكثير من الخرافات حتى اختلطت لديه بواقعه. لأنه حين أصابه الهوس بمفهوم الشباب الدائم غابت عنه بعض ملامح الواقع.
ربما يشير اللوح السادس من ألواح الزمرد الفرعونية لمفهوم الشباب الدائم ، حين كشف تحوت هرمس عن أشخاص اعتبرهم أسياد الأرض استطاعوا السيطرة على مركز الطاقة الحيوية في أجسادهم (الكونداليني) فاستطاعوا العيش سنوات طويلة بكامل الشباب ، حتى أن تحوت نفسه عاش نحو ٢٥٠ عامًا.
ويؤكد بعض الباحثين أن كليوباترا هزمت كبر السن لفترة طويلة باللجوء لـ (لبن الحمير) الذي اعتادت نقع جسدها فيه، وكانت مهووسة بالعديد من الخلطات الطبيعية التي أُثرت عنها ومازالت تطبقها النساء حتى اليوم ، كما وضع المصريون القدماء أحراز الزمرد والزبرجد في قبور كبار موتاهم لأنها رمز الشباب الدائم في العالم الآخر.
واعتقد الإثيوبيون في أسطورة القوى الخارقة لينبوع ماء شديد النقاء. آمنوا أن من يستحم فيه يلمع جسده ويطول عمره ، ويشبه ذلك إيمان الإسكندر المقدوني بوجود ينبوع للخلود حتى أنه خرج للبحث عنه ، وتقول الأسطورة أنه ضل طريقه في الغابات ، ليجد أحد جنوده البسطاء هذا الينبوع.
ومازال العلماء يخرجون علينا كل فترة بصيحة جديدة ولعل آخرها ذلك الجهاز المكون من مجموعة من الخواتم تُلبس في أصابع اليد والقدم عند النوم ، ويرى صانعه أنه يعمل على تقريب خلايا الجسم مغناطيسيًا مما يطيل شباب الجسد ، ويرى أحد علماء البيولوجيا في جامعة كامبريدج في كتابه (Ending Ageing) أنه خلال عشرين عامًا سنتمكن من معالجة اهتراء أجسادنا بواسطة مضادات التأكسد.
ولا يذكر الشباب الدائم حتى يذكر جلجامش الملك السومري الذي مات صديقه الصدوق فخرج باحثًا عن إكسير الحياة والخلود ، فنصحه سيدوري في (ملحمة جلجامش) قائلًا:
"إلى أين تمضي يا جلجامش ؟ الحياة التي تبحث عنها لن تجدها ، فالآلهة عندما خلقت البشر جعلت الموت لهم نصيبًا وحبست في أيديها الحياة ، أما أنت يا جلجامش فاملأ بطنك.. افرح ليلك ونهارك.. اجعل من كل يوم عيدًا.. اخطر بثياب نظيفة زاهية.. اغسل رأسك واستحم بالمياه.. دلل صغيرك الممسك بيدك.. واسعد زوجتك بين أحضانك"
حقًا ماذا بيدك غير أن تستمتع بهذا القدر؟!.. فلا أحد يمكنه تغييره.. وأنا أؤمن أن كل هذا الهوس بالشباب الدائم لن يؤدي لشيء فهو ليس سوى محاولة للهروب من قدر آتٍ لا محالة وهو الهرم ثم الموت. وفي سبيل هذا الهوس يكثر المهووسون والمستغلون.