الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

غياب شمس الإعلام والفن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لو بطلنا نحلم نموت أجمل أغنية تعبر عن المعافر القوى الفنان المبدع والأستاذ الكبير الملك محمد منير ابن مصر البار.. المخلوق من طمى النيل ويحمل كل خيراته الممتدة من قديم الأزل، وهو أحد أعلام محافظة أسوان، وهى المحافظة الكريمة المعطاءة التى لم تبخل على وطنها يوما بل هى أرض طيبة أثمرت الطيبين، وهو من آل النوبة أصحاب الوجوه البشوشة النضرة فلا يوجد على وجه الأرض أطيب منهم، وقد كان لى شرف العمل مع الكينج فى العديد من حفلاته، كما شرفت بمشاركته لى إحدى حفلاتى بدار الأوبرا، والتى شهدت غناء أغنيته الرائعة "مدد يا رسول الله" لأول مرة قبل خروجها للنور.. وجمعتنا صداقة أعتز بها رغم تباعدنا لفترة طويلة، ولكن تظل المودة والمحبة تسكن القلب ولا تبرحه ما دامت الأنفاس فى الصدر. أتابع أعماله وأسعد بها وبه، وأتألم حين أسمع أو أقرأ عن متاعب تلحق به، وأدعو له بظهر الغيب أن يظل أيقونة الغناء التى لا يختلف عليها أحد.. أغانى منير هى جزء كبير من حياتنا ومن تكوين وجداننا، نبتهج لكل جديد يطرحه علينا، ويسكن القلب بجوار سابقيه من أعمال قيمة.. لم تمر على أذنى أغنية له ولم أحبها إلا واحدة! وهى الأغنية التى أطلقها أيام أحداث يناير 2011، وهى الأحداث التى ما زالت تسبب المرارة بالحلق، فنتذكر الحرق والقتل والدهس! نتذكر الخوف من المساجين الذين أخرجهم الإخوان من السجون ليملأوا الأرض خوفا ورعبا وانتهاكا لكرامة الوطن، رغم إيمانى أن هناك شرفاء شاركوا بضمير نقى ومشاعر صادقة لا تبغى سوى حماية الوطن والنهوض به، ولم يعلموا أن هناك من استغل حبهم للوطن لهدمه، وحولوا الأمل فى الإصلاح إلى إفساد وتدمير، أتذكر أغنية الكينج "إزاى ترضيلى حبيبتى" ولحنها الذى لا تخطئه أذن، ولكنه دائما يصيبنى بقبضة القلب، ويؤلمنى وأنا أتذكر ما حدث مع رجال الشرطة الأبطال الذين ظلوا من قبل ٢٥ يناير بأيام موزعين فى كل الشوارع والطرقات -ولعدة أيام- بلا راحة أو نوم وهم مسلوبون من سلاحهم الشخصى ليقفوا عزل أمام متظاهرين المفترض فيهم الوطنية، ولكن ظهر أن فيهم كثيرين ادعوا الشرف والنبل، واكتشفنا فيما بعد أنهم كالذئب الذى ارتدى ملابس الجدة الحنونة، فكانوا يصيحون بالمطالب التى لا يختلف عليها إنسان "عيش، حرية، عدالة اجتماعية" رغم ما يضمرونه من نوايا لاغتيال الوطن.. بدأت المظاهرات بصورة حضارية مبهرة والمتظاهرون يقدمون الورود للشرطة كنوع من الاحتفال بعيدهم، ولكن اتضح أن كل ذلك قناع خارجى يخفون به وجوههم القبيحة، وإرادتهم الخسيسة لهدم الوطن الآمن، ونجحوا فى ضرب الشرطة ووصولها لمرحلة الانهيار، وكانت أيام يعلم قسوتها ومعانتها أهل الضباط والجنود.. وظهرت أغنية الكينج خلال تلك الأيام، رغم أن تحضيرها كان قبل أحداث يناير، ولكنها ارتبطت داخلى وداخل غيرى كثيرون بمشاعر سلبية، وأصبحت بالنسبة لى مقبضة وداعية لحزنى رغم صوت منير المفعم بالحب والطيبة والحياة، ومحاولة تعبيره عن مشاعر مخلصة نحو الوطن وأهله.. ومنذ أيام واحتفالا بالعيد التاسع والستون للشرطة المصرية ونضالها وتضحياتها فى سبيل الدفاع عن الشرف والكرامة لمصرنا الحبيبة، استمعت لأغنية جديدة للفنان الكبير وهى "أبطال رجالة" ولكن شعرت أن لحنها يحمل روح لحن أغنية "إزاى ترضيلى" المقبضة!.. ولا أعلم كيف يقدم الكينج هدية قيمة للشرطة ولكن معها ما يذكرهم بأسوأ ذكرى فى تاريخ الشرطة المصرية! ومن اللافت للنظر أنه يقدم الأغنية لتكريمهم ولكن بروح الأغنية القديمة المسجون بداخلها ذكرى الانهيار وافتقاد زملاء قتلوا أو أصيبوا فى تلك الأحداث!.. ورغم نقدى لهذا اللحن الجديد إلا أننى على يقين بنقاء الفكرة وإن لم يصبها التوفيق -من وجهة نظرى- أما ما أصابنى بالدهشة هو الراعى لإنتاج هذه الأغنية وهو حزب "مستقبل وطن"!.. لماذا يقدم الحزب هذه الهدية؟!..وهل هذا دور الحزب؟!.. وإذا كان الحزب قد قرر التوجه لإنتاج أعمال فنية، ألم يكن الأنسب إنتاج أعمال تدعم الحياة الحزبية ودورها وتقربها للشباب، وتعلمهم كيفية ممارسة السياسة!..والسؤال الأهم من المسئول عن الإعلام فى الحزب وغيره؟!.. الإعلام المصرى فى حالة انهيار يستدعى التعجيل بإسعافه، لماذا الابتعاد عن المتخصصين الذين أفنوا أعمارهم فى دراسته وتدريسه والحفاظ على قيمه?!.. الإعلام والفن علوم مهمة لهما أصول ومبادئ، وهما الشموع التى تضىء سماء الأوطان بالفكر والفن، وإطفائها ظلم وإظلام مدفوع الثمن!