السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أسئلة ديمقراطية حائرة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ ثلاثة قرون قبل الميلاد ويتكلم البشر. يتساءلون ويستفسرون.. يتفقون ويختلفون.. يتاجرون ويزايدون على الديمقراطية. كل النظم منذ أن تم التعامل مع هذا التعبير تتدعى أنها نظم ديمقراطية فما هى حكاية الديمقراطية هذه ؟ عرف العالم والفكر السياسى تعبير الديمقراطية من اليونان وتعرف بأنها حكم الشعب للشعب ولصالح الشعب . فى الوقت الذى كانت فيه هذه الديمقراطية اليونانية لا يمارسها ولا يشارك فيها غير الصفوة والنخبة من الاسياد ولا علاقة للشعب بالمعنى المعروف الان بتلك الديمقراطية . واستمر التعامل مع كلمة الديمقراطية فى كل الأزمنة والأمكنة فيما بعد حسب الظروف الموضوعية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية حتى أصبحت تعنى فى الاجمال المشاركة السياسية وتغليب حكم الأغلبية فى مقابل الأقلية أو خضوع الأقلية لحكم الأغلبية دون إهدار لحقوق هذه الأقلية . ولذا لا تكون هناك ديمقراطية بغير نظام انتخابى ينظم ممارستها. ولذا لم تظهر الديمقراطية وتأخذ شكلا عمليا إلا بعد الثورة الصناعية فى أوربا ،تلك الثورة التى أنتجت طبقة عاملة اخذت تدافع عن حقوقها فى مواجهة صاحب العمل وتشكلت تنظيمات عمالية لذلك فكانت فكرة النقابات . هنا مع تطور الفكر السياسى والفلسفى الذى أبدع مايسمى بالسلطات الثلاث ( التشريعية والتنفيذية والقضائية ) .ومع ظهور العقد الاجتماعى ظهرت فكرة الأحزاب السياسية التى تتبارى وتتسابق عن طريق برامجها السياسية والحزبية لنوال ثقة الأغلبية الجماهيرية للوصول إلى تشكيل الحكومة لتنفيذ برنامجها السياسى الذى اختارته الجماهير . هنا هل هذه الممارسة تعنى المساواة بين اصوات الناخبين؟ وهل هذا يعنى أن هناك حرية كاملة للمواطن فى اختياره لمن يريد وما يشاء؟ ام أن هناك وصايات كانت ولازالت على مر السنين تمثل وصايات مباشرة وغير مباشرة على إرادة وحرية الناخب . فهل يستطيع العامل ألا ينتخب صاحب العمل؟ هل يستطيع الفلاح أن يختار غير مالك الأرض؟ هل يملك من لا يمتلك عيش يومه أن يختار غير الذى يمن عليه برغيف الخبز؟ هل يطاوع عقل القبلى أن يخرج بعيدا عن مصلحة القبيلة؟ هل من تم عمل غسيل مخ له بخطاب دينى خاطئ حول غير المقدس إلى مقدس يمكنه الخروج خارج دائرة الطائفية الدينية؟ ولذا ولكل هذا هل يمكن أن نقول وفى إطار هذه الوصايات الحاكمة يوجد حرية اختيار حقيقى لأى انتخابات في هذا العالم؟ ولذا وجدنا كل الأنظمة تتدعى ديمقراطيتها الشكلية وفقط . النظم الرأسمالية تتدعى الديمقراطية باسم الحرية فى مواجهة مايسمى بالنظم الشمولية . والصورة المشاهدة لما تم فى البرلمان البريطانى عند التصويت على اللربكيتو( خروج بريطانيا من الاتحاد الاوربى ) . شاهدنا فضيحة الديمقراطية الأمريكية التى لايزال عرضها قائما حتى بعد مغادرة ترامب للبيت الأبيض . نرى الديمقراطية فى إطارها الرأسمالي مستعمرة للشعوب مسقطة الدول بحجة نشر تلك الديمقراطية . فى المقابل نجد دول شمولية حققت النجاح والتقدم فى مواجهة الرأسمالية مثل الصين وحتى كوريا الشمالية !!! هنا فالديمقراطية ليست غاية فهى وسيلة . ليست شعارات ترفع ولكن حرية بلا وصاية من اى نوع. فلا ديمقراطية بلا حرية وبلا ثقافة ديمقراطية وحرية تعبير حقيقية. هذا فى الوقت الذى تنحسر فيه هذه الديمقراطية التقليدية النيابية بعد سيطرة وسائل التواصل الاجتماعى التى خلقت رأى عام جماهيرى يصل إلى العالمية ويفرض نفسه على كل الأنظمة السياسية فى العالم. هنا ولأن التغيير السياسى بمفاهيمه وتعريفاته يتغير بتغير الزمان والمكان ويتأثر بالتطور وبالمستحدثات فسوف نرى تغيرات دراماتيكية واستراتيجية فى قادم الايام. (حرية الانتخابات هى الحرية السياسية وحرية رغيف العيش هى الحرية الاجتماعية وهما جناحي الحرية الحقيقية).