الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

25 يناير.. أبطال وشهداء عاشوا من أجل الواجب وماتوا من أجل الوطن

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا شك أن الاستشهاد دفاعًا عن الأوطان، منحة عظيمة، ومكرمة جليلة، يَمُنُ اللهُ تعالى بها على من يشاء.. فدرجة الشهداء كبيرة، ومنزلتهم رفيعة، فهم أحياء عند ربهم يرزقون.. قال جل شأنه: (ولا تحسبن الذين قتلوا سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون* فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون).

فطوبى لأبناء الوطن الأبرار، الذين التحقوا بركب الشهداء الأطهار، وإن بركة الشهيد لا تقتصر عليه، بل تتعداه إلى أهله وذويه وأقاربه، ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطًا في سبيل الله، فإنه ينمى له عمله إلى يوم القيامة، ويأمن من فتنة القبر". وتحيةَ إجلال وتقدير وتعظيم، لرجال مصر البواسل، الذين كانوا دائما صقورا، تنقض على كل من تسول له نفسه إرهاب المصريين؛ فهؤلاء الأبطال لا يخافون في الحق لومة لائم، وقد أقسموا على حفظ الوطن وسلامة أراضيه، فتحيةً وسلاما على من كان الدرع وقت الدفاع، وكان السيف وقت الهجوم.. فالحرب ضد الإرهاب لن تنتهي قبل أن نسترجع حق كل شهيد مات فداءً لأجل الوطن.
وعاشت مصر برجالها، في الحرب على الإرهاب نجدهم في الصفوف الاولى، حفاظا على أمن الوطن، يضحون بأنفسهم في مكافحة الجريمة، ومحاربة الخارجين على القانون، يتسابقون لحفظ الأمن والأمان، إنهم رجال منوط بهم تطبيق القانون، وحماية البلاد، هم جزء من أبناء الشعب، هم شهداء يحملون أرواحهم على أكفهم، مع كل مأمورية، لحماية الوطن من الأيدي العابثة بمقدرات الشعب.

عمرو صلاح.. بطل عملية الواحات
حادث إرهابي غشيم، أودى بحياة النقيب عمرو صلاح، حين اسشهد برفقة زملائه، أثناء مداهمة وقعت بين قوات الأمن وبؤرة إرهابية بطريق الواحات، ووقع تبادل لإطلاق النيران بين قوات الشرطة، وعناصر البؤرة، مما أسفر عن استشهاد ١٦ ضابطًا ومجندًا، وإصابة ٨ آخرين.
بداية الأحداث بتنسيق المعلومات إلى ضباط الأمن الوطني، عن تمركز عناصر مسلحة في مزرعة وسط الصحراء، بمنطقة الواحات البحرية، وبعد التأكد من صحة المعلومات، تم التجهيز الأمني لمداهمة تلك البؤرة الإجرامية، وفي منطقة صحراوية في الكيلو ١٣٥ على طريق الواحات البحرية، نشبت معركة دموية بين الأمن والإرهابيين، نتج عنها استشهاد ١٦ من أبطال الشرطة، وتصفية عدد كبير من الإرهابيين وجاء تنفيذ حكم الإعدام على الإرهابي عبدالرحيم المسماري، العقل المدبر لحادث الواحات، وهو المتهم الرئيسي في حادث الواحات، "ليبي الجنسية"، تدرب وعمل تحت قيادة الإرهابي المصري المتوفى عماد الدين أحمد، وشارك في العملية الإرهابية التي استهدفت رجال الشرطة بالواحات، واختطاف النقيب محمد الحايس.
وتورط "المسماري" مع آخرين في التأسيس والانضمام لتنظيم الفتح الإسلامى، الإرهابى، بدولة لبيبا، واستهداف قوات إنفاذ القانون من القوات المسلحة والشرطة المدنية، واتلاف أسلحتهم ومعداتهم، واستحلال القيام بعمليات عدائية ضدهم، واستهداف المنشآت العامة والحيوية، كما قتلوا عمدًا ١١ من ضباط وأفراد قوة مأمورية وزارة الداخلية لمداهمة أوكار التنظيم الإرهابى بمنطقة الواحات البحرية.
كما شرعوا في قتل آخرين من ضباط وأفراد هذه المأمورية، وخطفوا واحتجزوا نقيب شرطة مدنية محمد علاء محمد عبداللطيف الحايس، كرهينة، وسرقوا أسلحة وذخيرة ومهمات قوات الشرطة المدنية المداهمة لمعسكرات العناصر الإرهابية بمنطقة الواحات البحرية.

وقال المهندس صلاح الدين عفيفي، والد الشهيد نقيب عمرو صلاح، إن رجال الشرطة قدموا تضحيات لمصر، وهم الأبطال الحقيقيون، الذين يدافعون عن تراب الوطن، ويدفعون حياتهم مقابل رفعة علم بلادهم عاليًا، متشبثين بكل شبر في الأرض، وحريصون على ألا تطأه قدم خسيس. وأضاف "عفيفي"، أن نجله عمرو- رحمه الله، ظل في سيناء، وعاش فترة في الفرافرة، وكان بيقولي إن الجبال محاوطانا، وبننام في الصحراء، بس مبسوطين أننا بندافع عن بلدنا، ومحدش هيدخل أرضنا طول ما فينا نفس.
مسيرة الشهيد عمرو صلاح
- من أبناء محافظة القاهرة، تخرج في كلية الشرطة عام ٢٠١٢، والتحق بعد التخرج بإدارة العمليات الخاصة، وتمت ترقيته إلى رتبة رائد بعد استشهاده.
- كان يستعد لزفافه بعد شهرين من استشهاده، حيث تم تحديد وحجز مكان الزفاف.
- شارك في العديد من العمليات ضد العناصر الإرهابية المتورطين في أحداث عنف وإرهاب.
- حصل على العديد من الدورات القتالية والرماية واللياقة البدنية، ليظل إحدى دروع الوطن.
- شارك في فيلم "الخلية"، ودرب أبطال العمل على فنون القتال واستخدام السلاح، وارتداء ملابس الشرطة بطريقة مناسبة، مما جعل زملاءه يطلقون عليه لقب "بطل السينما والواقع".
- استشهد يوم ٢٠ أكتوبر ٢٠١٧، خلال مداهمة وقعت بين قوات الأمن وبؤرة إرهابية بطريق الواحات، بعد تبادل لإطلاق النيران بين قوات الشرطة وتلك العناصر الإرهابية.

ضياء فتحى ضحية قنبلة الطالبية
بنبرة مفعمة بالفخر والكرامة، تروي أم الشهيد أروع البطولات التى قدمها نجلها، شهيد الواجب في التضحية والفداء من أجل استعادة العزة والكرامة، فتقول: "ضياء ابني الوحيد على بنتين.. كان عايش معايا ومابيسبنيش.. كان بيحب الحمام والسلام، وبيكره المشكلات والصوت العالى.
وأضافت أم الشهيد: في ليلة الاستشهاد قلت له بات معايا، لأن مراته كانت في البلد، بصلى وضحك، كان جميل، وقال لي: خلاص بقي هاطلع أنام علشان عندي شغل، وربنا يستر.. كان ماسك التأمين في عيد ميلاد الإخواة الأقباط.
وتابعت: من أول ما نزل وأنا مش على بعضي، حتى التيلفزيون ما فتحتوش، بس حسيت بيه، شوفت البدلة، قولت اللهم مالك الملك، وفي لحظة الطمائينة نزلت عليا، وحسيت إني طايره بيه، القنبلة كانت في بطنه، وشميت فيه ريحة الجنة، قولتله: يا ولد يا ضياء أنت سامعني، أنت عايش ممتش، وأنا هازغرط علشان تفرح.
وتقول أم الشهيد: في البداية تأثرت كثيرا لفقده، كونه ابني الصغير، والوحيد على بنتين، وشعرت بحزن عميق، لكن استشهاده اداني دافع، على مواصله حياتي، والتعامل بالصبر والحكمة، فهو في أعلى المنازل عند الله.
وتصمت أم الشهيد قليلا، ثم تعود للحديث عن ابنها، الذي كان محبا لكل الناس والعمل؛ فتقول: أكثر من مرة ألاقي في ملابسه بقع، ولما كنت أسأله، كان يقول لي، يجب أن ندافع عن البلد، إذا لم أدافع أنا وغيري عن مصر، فمن سيحميها، وكان كل مرة يحكيلي عن بطولة جديدة.
وتقول أم الشهيد، إنه كان يحب الحمام جدًا، وعنده غرفة فوق سطح العقار للحمام، وكان بيهتم بيهم جدا، كل حاجة هنا زى ما سابها بالظبط، حتى كوب الشاى الخاص به، ها قول إيه؟!.. وحشنى، بس هو في مكان أفضل دلوقت، وأنا ليا الشرف إنى أم ضياء شهيد الواجب.

هشام شتا.. نال الشهادة.. في مذبحة كرداسة
الشهيد هشام جمال الدين محمود شتا، شهيد مذبحة كرداسة، كان لسة راجع من العمرة، وأول ما عرف إن زمايله لوحديهم راح، ونال الشهادة.
قصة الشهيد هشام جمال الدين شتا، تحمل كل معاني التضحية في سبيل الوطن، مهما كان الثمن غاليًا.. أم الشهيد ترى أنه وسام تقلدته بعد استشهاد ابنها، دفاعًا عن تراب الوطن، في وجه قوى الظلام.
في البداية؛ تقول أم الشهيد: تأثرت كثيرا لفقده، كونه ابني الصغير، وشعرت بحزن عميق، لكن استشهاده ولد بداخلي القدرة والدافع على مواصلة حياتي، بالرضا والصبر.
وتروى أم البطل، قصة استشهاده، فتقول: إنه استشهد في مذبحة كرداسة، وتضيف: روح نجلى الشهيد تحيط بنا في كل وقت، وفي كل مكان نذهب إليه نشعر به، وكأنه يجلس معنا، ونشعر وكأنه حى بيننا، وحينما نذهب لزيارته في قبره، نشعر وكأنه فوق الأرض، وليس تحت التراب، ونشعر وكأن الحادث كان بالأمس، وكأنه يغيب عنا في مأمورية، مثل تلك التى كان يخرج فيها.
وتتوصل أم الشهيد: كان عنده نوبتجية، ومشي الساعة ١١، وكان حاسس إن هايحصل حاجة، كان كل شوية يدخل الغرفة الخاصة به، ويرجع تاني، أكتر من ثلاث مرات، قولت له: في حاجة؟!ـ قال لي: لا، بس أنا مكنتش مطمنة خالص، وهو نازل كان بيودعني، أول مرة أخرج وراه لحد الأسانسير، ووودعته من البلكونة.
وتابعت أم الشهيد: كان آخر يوم في الأيام الستة، وكان صيام، وقال لي: عايز آكل ملوخية، وأشرب نعناع، واحنا في انتظاره عرفنا خبر الاستشهاد، معرفتش أعمل إيه، نزلت جريت عليه، وحسيت بإحساس عمري ما حسيته، وفكرة الوداع اللى كانت بيننا دى، واللى كان بيحصل قبلها بساعات، دا مشهد، لم يغادرنى حتى الآن، كان طيب جدًا ومحترم، وكان لسه راجع من العمرة، كنت بحبه أوى، وبحب أتكلم معاه، الله يرحمه، ويرحمنا من المواقف اللى حصلت بعد الاستشهاد.
وتواصل أم الشهيد الحديث فتقول: أنا بحب أصحاب هشام جدًا، لأني باشوف هشام فيهم كلهم، وكان من الناس اللى فيهم شبه من هشام، هو الفنان مصطفى شعبان.
ومرة بعد استشهاده، أبوهشام جاب الفنان مصطفى شعبان يزورنا، عشان هو شبه ابني فعلًا كتير، ولكن أنا أول ما شوفته، جريت عليه، وقولت: هشام جه يا جمال، هشام جه يا جمال، الموضوع كان صعب جدًا، وبعدين طبطب عليا، وقال لي: كلنا أولادك، وسحب الكرسي بتاع مصطفى، بنفس الطريقة، وهو مكنش يعرف إن ده كرسى هشام أصلًا، وفضل يأكلنى وقعد معانا أكثر من ٣ ساعات.
وبعد فترة من دفن الشهيد؛ قررنا نقل الجثمان إلى قبر آخر، أخدنا تصريح عشان نقل الجثمان، وأول ما فتحنا شمينا ريحة المسك، وكأنه نايم، وفضلت أقرأ قرآن، وأول ما روحنا القبر الجديد، شوفته وقولت له: مبروك مكانك الجديد يا شهيد.
كان نفسي أجوزه وأفرح بيه، كان نفسي أكمل رسالتي معاه، بس قدره ونصيبه، وهو الآن في مكان أحسن، وأنا فرحانة أوي بيه، وفخورة إني أم الشهيد، اللي دفع حياته كلها، عشان يحمى أهله وبلده.
وتختتم أم الشهيد حديثها بقولها: كان كل حاجة حلوة، ضحكة وابتسامة ورجولة وشهامة، أنا باكلمه كل ما بحب، وعشان كدا بقول له نفسي آخدك في حضني، وحشتني أوى يا حبيبي.. وفي النهاية عايزة أقول لكل أم شهيد، ولكل أسر شهيد: احتسبوا أولادكم شهداء، ربنا يصبركم جميعًا، كان نفسي أبقي أم شهيد، بس ياريتني كنت أنا.

محمود أبوالعز.. أصغر شهيد في «الداخلية»
النقيب محمود أبوالعز، صاحب الـ٢٢ عامًا، والذي لقي الشهادة على أيدي أهل الخيانة والغدر، عقب قيامه بمهام عمله.. كانت البداية حينما تقابلنا مع أم الشهيد، والحاصلة على لقب أم الشهداء، منذ بداية تكريمها بلقب الأم المثالية على مستوى الجمهورية عامي ٢٠١٤ و٢٠١٧.
أم الشهيد قالت إنها كانت تعمل مديرة مدرسة، وإن محمود هو أصغر أولادها، وكان يتمتع بالمعاملة الطيبة، وحسن الخلق، وبشاشة الوجه، وكان مميزًا بحب الناس كلها، خدوم، ومعندوش أي مشكلة مع حد، ودائما بيحب يصلح بين الناس ويساعدهم، مهما كانت الأمور، مع أنه كان صغيرًا في السن، لكنه كان واخد كل حاجة من أبيه، في الطبع والمعرفة، أبوه كان ضابط، وكان نفسه يموت شهيد.
قصة تحمل معاني التضحية في سبيل الوطن، مهما كان الثمن غاليًا، أم المصريين أو أم الشهيد كما تحب أن تكنى، ترى أنه وسام تقلدته، بعد استشهاد ابنها دفاعا عن تراب الوطن، في وجه قوى الظلام.
وفي البداية؛ تقول أم الشهيد، مرة بنت صدمتها سيارة، خدها وراح المستشفي، لغاية ما اطمئن عليها، وفضل معاها حتى وصول أهلها واستلامها.
وتتابع أم الشهيد حديثها عن شارع الشهيد، الذي يسكن به، حينما تقابل مع أصدقائه أثناء ذهابه إلى العمل، وقال لهم: أنا هابقي شهيد، وبكره الشارع ده ها يبقى باسمي، وفعلًا تاني يوم أصدقاؤه في الشارع قالولي على اللي حصل، وكانت صدمة كبيرة ليا وليهم.
وتابعت أم الشهيد: ابني الشهيد كان خاطب، وفرحه كان بعد شهور، بس الحمد لله على كل حال، هو كدا فاز بالآخرة. وابني شهيد، وحق لي أن أرفع راسي به، وهو مثل الكثيرين من أبناء الوطن، الذين ضحوا بدمائهم، رخيصةً فداء لتراب الوطن.
وتضيف: كان لي شرف لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي، وعدد من أمهات الشهداء؛ حيث استمع إلينا بكل صدر رحب، وكان لقاءً رائعًا لا يُنسى، وقد أحبيته وحسيت إنه ابني، وإن ابني عايش ما متش، ولسه روحه معايا، ولما بشوف التطورات اللي بتحصل في البلد، بعرف قد ايه روح التضحية عايشة فينا، عشان خاطر بلدنا وأهلنا.
وتضيف أم الشهيد: يوم العزاء جالي ناس كتير معرفهاش، وقالوا لي إن ابني كان شهم وساعدهم، ووقف معاهم في مواقف كثيرة، من غير ما يعرفهم. بالإضافة إلى حالات الصلح اللي سعى فيها في منطقة مصر القديمة والجيارة، الناس كلها كانت بتحبه.
وتابعت: في يوم الاستشهاد، كان هو المفروض شغال ليل، والعادي إن أنا اللي بصحى، عشان يروح الشغل، وأول ما شوفته على السرير، تخيلته زي النور الساطع، كان حلو قوي، واستغربت لأن لونه كان قمحي مش أبيض بالطريقة دي.
وقالت أم الشهيد: خوفت عليه، وكان نفسي أسيبه نايم، بس كان لازم يصحى علشان شغله، فصحي وسلم عليا، ونزل، وبعد ساعات جاني خبر استشهاده.