تتمتع مصر اليوم بعلاقات وطيدة مع ألمانيا في كثير من المجالات؛ العسكرية والتجارية والاقتصادية ولعل أبرزها المشروعات الكهربائية ، فالشخصية الألمانية تتسم بالعمل الدؤوب وذلك هو سر التقارب بين مصر و ألمانيا؛ خاصة أن الرئيس أرسى منهج العمل وقدسه ، قائلا أن بالعمل وحده تُبنى الأوطان.
يعُد القطار الكهربائي بالشراكة مع شركة سيمنز هو دٌرة المشاريع الألمانية في مصر والذي سيحقق نقلة نوعية حضارية في وسائل النقل في مصر ، فمثل تلك المشاريع لا تسهل حركة البضائع والأفراد فقط ولكنها بمثابة شرايين حياة جديدة تستطيع خلق فرص استثمار لا حصر لها.
فشركة سيمنز موجودة في مصر منذ عام 1856 م عندما كان اسمها " سيمنز أند هالسكاز" ولكن لم تكن المشروعات بتلك الضخامة التي هي عليها اليوم ، فبعد 2013 م كانت ألمانيا من الدول المتحفظة حيال ما حدث في مصر من ثورة شعبية ولكن سرعان ما عادت العلاقات المصرية الألمانية بقوة وعادت شركة سيمنز لتقيم شراكات أضخم مع الحكومة المصرية.
لا يمكن أن نختزل الشراكة مع شركة سيمنز على مشروع القطار الكهربائي أو السيارات الكهربائية أو حتى محطات الكهرباء الثلاث العملاقة فقط ، فالشركة تفيد الدولة المصرية بأكثر من مجرد اتفاق أو مشروع ، فهي تقوم بتدريب الشباب بنٌظم محاكاة حديثة وثلاثية الأبعاد على مهارات عدة وعلى طرق الصيانة خاصة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهنا تتعدد المكاسب الحقيقية في بُعد أخر.
فمثل تلك الشركات العالمية تكسب المهندس والعامل المصري خبرة بناء البنية التحتية وإدارتها وتشغيلها وصيانتها ، مما يجعل الدولة المصرية بعد انتهاء مشاريع البنية التحتية، لديها من المهارات الفنية والآليات والموارد البشرية التي تستطيع أن تستثمرها في دول أخرى نامية ، وهذه هي اللعبة التي استفادت منها الصين كثيرًا في دول أفريقيه ، وهى إقامة البُني التحتية في تلك الدول مقابل المال .
فمصر اكتسبت من الشراكة مع سيمنز كيفية إقامة محطات الكهرباء وإدارتها وصيانتها ورفع الضغط الكهربائي ، كما ستكتسب أيضًا مهارات عدة أثناء اقامة مشروع القطار الكهربائي ، مما سيؤهلها أن تستثمر تلك المهارات في دول افريقية أخرى نامية أو الدول التي تحتاج إلى إعادة اعمار في الإقليم، فتستطيع إرسال موارد بشرية مصرية مدربة على إنشاء محطات كهربائية على سبيل المثال مما يحقق السيادة المصرية في الإقليم والقارة ويحقق الربح أيضًا.
إن المشاريع الأكثر كُلفة دائما ما تكون هي مشاريع الُبني التحتية ولذا دائمًا تكون البدايات هي الأصعب لأي دولة ترنو إلى التقدم والنمو بل هي المشاريع الأساسية التي لا يمكن أن تقوم أي دولة من دونها.
أن المشاريع المتفق عليها مع أي شركه أجنبية لها تكلفة مُحددة أمّا المهارة الُمُكتسبة من تلك الشراكة لا يُمكن أن تُقدر بثمن، فان كانت مصر اليوم هي مقصد الدول الأوروبية للاستثمار في البنية التحتية فغدًا ستصبح مصر هي التي تقيم مشروعات البنية الأساسية في البلدان الأخرى بسواعد مصرية.