وما زلنا مع المرأة التى يقول عنها مشايخ الفتة والظلام إنها ناقصة عقل ودين، رغم وصولها الفضاء وتحقيق نجاحات في كل المجالات العلمية والأدبية والفنية والاقتصادية والسياسية ومنهن المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل أقوى نساء العالم ورجاله أيضا.
تقول الفنانة والباحثة سلوى محسن عن ابنة ألمانيا الشرقية، إنها أنجليكا ميركل، المرأة التى لقبت بسيدة العالم ووصفت بأنها تعادل ستة ملايين رجل. بالفعل هى قادت ٨٠ مليون مواطن طوال ١٦ سنة بكفاءة ونزاهة ومهارة وتفانى وإخلاص.
وطوال حكم ميركل لم يسجل ضدها أى تجاوزات: لم تكلف أحدًا من أقاربها أمين سر، لم تدعى أنها صانعة الأمجاد، لم تتلق المواثيق والمبايعات ولم تحارب من سبقوها، لم تتفوه بهراء، ولم تظهر في أزقة برلين لتُلتقط لها الصور.
تترك ميركل المناصب بعد حياة حافلة بالإنجازات وكانت ردة فعل الألمان غير مسبوقة في تاريخ الألمان، فالشعب بأكمله خرج إلى شرفات المنازل وصفقوا لها بعفوية لمدة ٦ دقائق متواصلة تصفيقًا حارا، دون شعراء شعبيين ولا متلونين ومتسلقين.
ألمانيا وقفت كجسد واحد تودع زعيمة ألمانيا، عالمة الفيزياء الكيميائية.
ميركل التى لم تغريها الموضة ولا الأضواء ولم تشترى العقارات والسيارات واليخوت والطائرات الخاصة.
ميركل من المقرر أن تنتهى ولايتها بنهاية مدة حكومتها الحالية في سبتمبر ٢٠٢١، أى بعد ١٦ عامًا في السلطة و١٨ عاما زعيمة لحزبها، و٤ فترات حكومية، لأن المستشارة المعروفة بـ«المرأة الحديدية» في الأوساط الألمانية، و«ماما ميركل» بين اللاجئين العرب، كانت قد أعلنت العام الماضى أنها لن تخوض الانتخابات بعد أن تركت ألمانيا في القمة، غادرت زعامة الحزب الحاكم ولم يردد أقرباؤها (إحنا كبار البلد)، ثمانية عشر عامًا لم تغير ملابسها القديمة.
في مؤتمر صحفى سألتها إحدى الصحفيات: نلاحظ أنك تكررى لبس هذه البدلة، أليس لديك غيرها؟
أجابت: إنى موظفة حكومية ولست عارضة أزياء.
في مؤتمر صحفى آخر سألوها: هل لديك عاملات في المنزل يقمن بتنظيف المنزل، وإعداد وجبات الطعام وغيرها؟
أجابت: لا ليس لدى عاملات ولا أحتاجهن أنا وزوجى نقوم بهذا العمل في المنزل يوميًا.
سألتها صحفية أخرى: من يقوم بغسل الثياب أنت أو زوجك؟
أجابت: أنا أرتب الثياب، وزوجى من يشغل الغسالة ويكون عادة في الليل، لأن الكهرباء تكون متوفرة ولا ضغط عليها، وأهم شيء مراعاة الجيران من الإزعاج، كما أن الجدار الفاصل بين شقتنا والجيران سميك.
ميركل تسكن في شقة عادية كأى مواطن، وهى نفس الشقة التى كانت تسكنها قبل أن يتم انتخابها كرئيسة وزراء لألمانيا، ولم تغادرها ولا تمتلك فيلا ولا حمامات سباحة وحدائق وأسوار تفصلها عن العامة.
في بداية حياتها عملت أنجيلا ميركل نادلة في حانة بينما كانت تدرس الفيزياء في ألمانيا الشرقية الشيوعية وانتقلت فيما بعد للعيش في شقة في برلين. هذه بعض التفاصيل التى ظهرت في سيرة ذاتية للمستشارة حملت عنوان "ميركل، السلطة، السياسة".
كانت ميركل خلال مرحلة المراهقة الطالبة الأولى على مدرستها وكانت ترغب في أن تصبح معلمة، لكن هذا الحلم تبدد بعدما اعتبرت الحكومة الشيوعية أسرتها مشتبها بها. لذلك فقد درست الفيزياء وعملت أثناء الدراسة "جرسونة" في حانة.
تقول ميركل "نعم، عملت نادلة في حانة، حتى حصلت على درجة الدكتوراة في برلين الشرقية عام ١٩٨٦ تحت إشراف البرفسور يواكيم زاور الذى أصبح فيما بعد زوجها الثاني". وتحتفظ ميركل بكثير من التفاصيل حول حياتها الخاصة حتى بعد صعودها من متحدثة باسم آخر حكومة في ألمانيا الشرقية في عام ١٩٩٠ إلى زعيمة الحزب المحافظ في عام ٢٠٠٠ وصولا إلى المستشارية.
في عام ١٩٧٧ تزوجت من زميل لها يدعى أولريش ميركل، كان يبلغ من العمر ٢٤ عاما بينما كانت هى تبلغ من العمر ٢٣ عاما. وفى إشارة نادرة إلى زواجها من الرجل الذى لا تزال تحتفظ باسمه حتى الآن قالت ميركل "يبدو ذلك حمقا.. لكننى لم أتجه إلى الزواج بالدرجة الكافية من الجدية".
زوجها الثانى والحالى هو أستاذ فيزياء الكم يواخيم زاور، الذى بقى إلى حد كبير بعيدا عن أضواء وسائل الإعلام. اجتمعا لأول مرة عام ١٩٨١، وتزوجا عام ١٩٩٨. ليس لديها أطفال، ولكن زوجها يواخيم لديه ابنان بالغان من زواج سابق.
حصلت على العديد من الجوائز والأوسمة من عدة دول.
في عام ٢٠٠٧، كانت ميركل رئيسة للمجلس الأوروبى وترأست مجموعة الثمانى، وهى ثانى امرأة تشغل هذا المنصب. ولقد لعبت ميركل دورا رئيسيا في مفاوضات معاهدة لشبونة وإعلان برلين. كان واحدا من أولويات ميركل تعزيز العلاقات الاقتصادية عبر الأطلسي. وكذلك لعبت ميركل دورا حاسما في إدارة الأزمة المالية على المستويين الأوروبى والدولى، وأشير إليها باسم "صاحبة القرار" في السياسة الداخلية، وإصلاح نظام الرعاية الصحية، والمشكلات المستقبلية المتعلقة بتطوير الطاقة ومؤخرا نهج حكومتها بخصوص أزمة المهاجرين حيث كانت هذه هى القضايا الرئيسية خلال قيادتها للمستشارية، وكلنا نتذكر موقفها الإنسانى مع المهجرين السوريين واستضافتهم في بلادها.
تم وصف ميركل على نطاق واسع بحاكم الأمر الواقع لزعامة الاتحاد الأوروبي.
سميت ميركل مرتين ثانى أقوى شخص في العالم بواسطة مجلة فوربس، وهو أعلى تصنيف من أى وقت مضى حققته امرأة.
وفى ٢٠١٥، سميت ميركل من قبل مجلة التايم شخصية العام مع صورة على غلاف المجلة واصفة إياها كمستشارة للعالم الحر.
سميت ميركل أقوى امرأة في العالم برقم قياسى للمرة العاشرة من قبل فوربس.
وما زلنا غرقى مع فتاوى المشايخ التى تدعى أن المرأة ناقصة عقل ودين.