تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
عالم مضطرب، تهديدات بالحروب ونزاعات في الشرق الأوسط، وسط محاولات للهيمنة من قبل الدول العظمى، وأيضا تدخلات كثيرة في المنطقة العربية بمشروعات استعمارية من قبل تركيا وإيران، ما تسبب في ضياع دول عربية منها العراق وسوريا واليمن وليبيا، كل هذا على مائدة الرئيس الجديد الذى يتولى زمام الإدارة الأمريكية.
«البوابة نيوز» حاورت السفير جون بروس كريج، مدير أول مكافحة الإرهاب، ومساعد الرئيس الخاص في عهد الرئيس جورج دبليو بوش، والذى عمل في المنطقة لمدة 40 عاما، حيث كان سفيرا في عمان من 31 يوليو 1998 إلى 2001، وعمل أيضًا مديرا لشئون شبه الجزيرة العربية، ومكتب شئون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية، ونائب رئيس البعثة في دمشق بسوريا، لتحليله العديد من القضايا التى تهم الوطن العربى وفى قلبه مصر. وإلى نص الحوار.
■ ما رؤيتك عن مصر في ملف حقوق الإنسان؟
- مصر وضع معقد، إنها دولة ديمقراطية، لأن بها برلمان ورئيس منتخب من قبل الشعب، وفى الوقت الحالى الاستقرار والأمن مهددان من قبل الإرهابيين الداخليين «الإخوان المسلمون» والإرهابيون الخارجيون «القاعدة»، تستخدم الحكومة المصرية إجراءات لمحاربة الإرهاب، بعض الدول «تتفهم» ضرورة هذه الإجراءات، وبعض الدول لا تنتقد الحكومة، وتدعم معظم الحكومات الغربية حاليًا الرئيس السيسي.
■ البرلمان الأوروبى يهاجم مصر بحجة حقوق الإنسان دون أن يكون لديه دليل، ولا ينظر في الجرائم الإرهابية التى يرتكبها الإخوان المسلمون، وإيطاليا بها كوارث تتعلق بحقوق الإنسان، فما تعليقك؟
- يتكون البرلمان الأوروبى من مواطنين من جميع دول الاتحاد الأوروبى، ولا تمثل حكومات أوروبا، معظم الممثلين في البرلمان الأوروبى نشطاء اجتماعيون مهتمون بحقوق الإنسان داخل أوروبا وفى الشرق الأوسط وآسيا.
وعلى هذا فلا بد من تكوين مجموعات ضغط مصرية، لتوضيح الصورة إلى البرلمان الأوروبى ووضع الحقائق والأدلة أمامه، حتى يصدر تقارير صحيحة مبنية على أدلة وفهم، وليست مستقاه من أشخاص يدعون المظلومية خاصة من الإسلاميين.
■ ما توقعاتك لسياسات الإدارة الأمريكية الجديدة في المنطقة العربية وفى منطقة الشرق الأوسط، خاصة مع إيران وتركيا؟
- الرئيس جو بايدن، لديه خبرة كبيرة في التعامل مع المنطقة، ولهذا سيتبع سياسة مختلفة كثيرًا عن الإدارة المنتهية ولايتها، لتتركز على كسب تأييد الحلفاء خاصة في المنطقة العربية.
أما فيما يتعلق بإيران، فإنه سيكون قاسيا معها للغاية، وسيحاول في المقام الأول إيجاد مسار جديد باستخدام القوى الضاغطة من حلفائنا في المنطقة.
أما عن أردوغان، فالإدارة الأمريكية تعرفه جيدًا وستستخدمه، كحليف في الناتو، وستزيد من التعاون بشكل كبير معه، لما يخدم مصالح أمريكا.
■ لماذا كل هذا الصمت حيال ما يفعله الرئيس التركى رجب طيب أردوغان وتهديده للعالم بالمرتزقة واللاجئين؟
- يحاول أردوغان زيادة نفوذ تركيا في منطقة الشرق الأوسط، وآسيا الوسطى، وبالتالى هو لديه تطلعات توسعية، وبحكم أن بلاده عضو في الناتو لا يمكنه استخدام جيشه بطريقة هجومية، ومن هنا ليس أمامه سوى أن يستخدم المرتزقة كوقود لحروبه، وذلك لرخص ثمنهم، وأيضا ما يفعله مرحب به خاصة في سوريا.
■ لكن الجميع في الظاهر يظن أن أردوغان عدو لأمريكا، وحديثك يؤكد أن عمله لصالح سياسات أمريكا، هل لهذا السبب لم يتم فرض عقوبات عليه؟
- أردوغان لديه الكثير من الأخطاء، وشهد تحولا في سياساته الداخلية والخارجية، حيث انتخب لأول مرة كمصلح، كان معتدلًا من حيث الإسلام ودعم الناتو.
على المستوى المحلى، عندما عزز سلطته أصبح أكثر وأكثر تمحورًا حول الذات، والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة، وأصيب بجنون العظمة، وحارب المعارضين بقسوة، وقيد الحريات وطالب بالولاء المطلق، على الرغم من وجود معارضة جادة في تركيا، لكن البلاد منقسمة بنسبة ٥٠-٥٠.
في الشئون الخارجية، حاول أردوغان زيادة نفوذ تركيا الإقليمى، تذكر أنه في عام ٢٠١١ قدم نفسه على أنه حامى جماعة الإخوان في مصر، ووعد بأنه سيسيطر على جماعة الإخوان ويحولها إلى حزب سياسى مسئول، لكنه لم ينجح، بعد ما حدث في ٢٠١٣، وطرد الإخوان من السلطة، ومنذ ذلك الحين يحاول ممارسة نفوذ إقليمى في منافسة مع روسيا وإيران، فهو دائما يبحث لنفسه عن دور، وأوكد لك أن جهود أردوغان تعزز مصالح الولايات المتحدة في المنطقة، خاصة في مواجهة تحركات روسيا وإيران، في المنطقة.
■ وما توقعك لتعاملات «بايدن» مع الإخوان الإرهابيين؟
- في وقت ثورات الربيع العربى، كان الكثيرون يأملون، بما في ذلك الولايات المتحدة، أن تستخدم جماعة الإخوان، موقعها التنظيمى القوى لتكون بمثابة قوة للاستقرار، تبين أن هذا كان أملا زائفا، حيث تحولت جماعة الإخوان المسلمين إلى منظمة راديكالية شريرة هدفها تطرف المجتمع العربى، وهو هدف منعت المجتمعات العربية نفسها من تحقيقه، عبر طردهم من السلطة.
أريد أن أقول لك إن «بايدن»، لن يكون صديقا لجماعة الإخوان المسلمين، من المحتمل أن يكون عدوا.
■ جماعة الإخوان ارتكبت جرائم إرهابية عديدة في مصر، فلماذا لا تصنف على أنها منظمة إرهابية مثل فرعها حماس؟
- ليس لجماعة الإخوان المسلمين علاقات جيدة مع الولايات المتحدة، وما يتم تداوله من علاقات حماية هى أسطورة روجها الإخوان.
بعد مارس ٢٠١١، تعاملت الإدارة الأمريكية، مع الإخوان باحترام، لكن بعدما كشفت عن نواياها الشريرة ومخططاتها الإرهابية، انتهت هذه العلاقة تماما، وهذا ما وضح بشكل كبير في ظل إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.
و«الإخوان المسلمون» لديها فصائل مختلفة، نعلم أن الفصائل المتطرفة قد ارتكبت أعمالا إرهابية في مصر بعد عزل مرسى عام ٢٠١٣، وقد أدى ذلك إلى شكوك حول تورط جماعة الإخوان المسلمين في أعمال إرهابية في المستقبل وستتورط فيها.
في الواقع، كانت جماعة الإخوان المسلمين في سوريا تقاتل حكومة الأسد منذ سنوات عديدة. كانت الحكومات الدولية تراقب جماعة الإخوان المسلمين لسنوات عديدة أيضًا، تم فرض عقوبات على أعضاء الأفراد، ولكن ليس على المنظمة ككل.
مؤخرا تم تجديد إمكانية إضافة الإخوان إلى قائمة الإرهاب في الولايات المتحدة، لكن لم يتم اتخاذ قرار نهائى.
■ هل ترى أخطاء في السياسة الأمريكية بعد ١١ سبتمبر ٢٠٠١؟
- لنكن صادقين، كانت الهجمات التى تعرضت لها الولايات المتحدة في ١١ سبتمبر ٢٠٠١ مؤلمة، نعلم أن أسامة بن لادن هو الذى شن الهجمات لمعاداته الولايات المتحدة، ما تسبب في شن هجوم أمريكى على أفغانستان، كانت تأمل الولايات المتحدة في أن يساعد رد الفعل الأمريكى في تغيير المنطقة بأكملها ويؤدى إلى مزيد من الديمقراطية، ثبت أن هذا الأمل غير واقعى، وزادت الفوضى والإرهاب.
■ لا يزال البعض يرى في غزو العراق انتقاما شخصيا من الرئيس الأمريكى في ذلك الوقت ضد صدام حسين، والدليل عدم وجود أسلحة ذرية، فما رأيك؟
- هذا خطأ تماما، ربما كانت هناك قوى متورطة في قرار الولايات المتحدة بغزو العراق عام ٢٠٠٣، لكن الانتقام الشخصى لم يلعب أى دور.
والرجاء تذكر أننى لا أتحدث نيابة عن حكومة الولايات المتحدة، أنا أمضيت أكثر من ٤٠ عامًا في التعامل مع المنطقة أثناء عملى مع حكومة الولايات المتحدة.
ولكن قرار الرئيس جورج دبليو بوش بتحرير العراق من صدام حسين اتخذ لحماية الشعب العراقى الذى عانى من هجمات كثيرة من قبل الدكتاتور، كان من المأمول بعد الإطاحة بالدكتاتور أن يتمكن العراق من متابعة الإصلاح السياسى وتحقيق التقدم الاقتصادى، لسوء الحظ، وبسبب التأثيرات الأجنبية، ارتكبت الولايات المتحدة أخطاء كبيرة في أعقاب سقوط صدام.
في الوقت نفسه تدخلت إيران والقاعدة لجعل الوضع في العراق أسوأ، والعراق أصبح لا يزال يعانى من التدخل الأجنبى حتى اليوم.
■ من تسبب في هذه الأخطاء؟
- لا أحد يريد الوضع الذى نجده في العراق اليوم، كان الأمل أن يتخلص العراق من صدام، ويظهر كدولة مستقرة ومتطورة اقتصاديًا، هذه الآمال كانت مشتركة بين غالبية الشعب العراقى، وهذا لم يحدث كما قلنا بسبب أخطاء الولايات المتحدة، مثل حل القوات المسلحة العراقية وحل حزب البعث، كانت هذه الأخطاء نتيجة النصائح السيئة التى قدمها العراقيون أنفسهم، أدت هذه الإجراءات إلى تصاعد التهديد الإرهابى للدولة الإسلامية، من ناحية وتهديد إيران والتدخل في العراق من ناحية أخرى.
■ هل كان صدام حسين الأفضل لأمريكا في مواجهة إيران؟
- سؤالك جيد، يعتقد العديد من المحللين أن صدام حسين كان أكثر فاعلية في السيطرة على إيران من الوضع الحالى في العراق، ومع ذلك، هذا تحليل خاطئ للوضع، لقد «أرهب» صدام الشعب العراقى لسنوات عديدة.
لم يبذل أحد في العالم العربى أى جهد لمساعدة شعب العراق، وبدلًا من ذلك، طلب العالم العربى من الشعب العراقى أن يستمر في المعاناة، لأن صدام كان «صامدًا» ضد إيران.
بعد طرد صدام حسين من السلطة، رحب غالبية الشعب العراقى، وما زال، بالجهود الأمريكية لمساعدة العراق على إحراز تقدم نحو الاستقرار والتنمية الاقتصادية، لكن لسوء الحظ، تواصل إيران جعل الوضع خطيرًا من خلال محاولة السيطرة على الوضع لتعزيز مصالح إيران الخاصة.
■ لا يزال صناع القرار في العالم يعتبرون الإسلام سبب الإرهاب، فما رأيك في ذلك، وما تأثير ذلك على منطقة الشرق الأوسط؟
- تلك النظرة ترجع لتحريف الإرهابيين للإسلام، عبر الممارسات الخطيرة من قتل الأبرياء، في نفس الوقت يقدم الإرهابيون أنفسهم في الشرق الأوسط على أن لديهم الكثير من المظالم، لكنهم يعتقدون أن قتل الأبرياء، بما في ذلك معظمهم من المسلمين، أمر مشروع ويمكن أن يحدث التغيير، وهذا خطأ بالطبع، والعالم لا يرى من الإسلام سوى الإرهابيين، وبالتالى لا بد من وجود منهج لصورة حقيقية عن تعاليم الدين الحقيقى.
■ بحكم عملك في الشرق الأوسطن لماذا ظهر تنظيم «الدولة الإسلامية الإرهابى»؟
- ظهر تنظيم الدولة الإسلامية في غرب العراق بعد تحرير العراق من قبل الولايات المتحدة، وكان قادته كبار جنرالات جيش صدام وحزب البعث، كانت الخطة هى استعادة قوتهم في العراق، تم إحباط الخطة من قبل تحالف الدول الغربية بسبب الفظائع التى ارتكبها التنظيم.
■ وما توقعاتك للشرق الأوسط ونهاية الإرهاب في المنطقة؟
- في الوقت الحاضر، المرتكب الرئيسى للإرهاب في الشرق الأوسط هو إيران، حيث تعمل طهران من خلال حزب الله وحماس والحوثيين في اليمن.
■ الشرق الأوسط دائمًا يتهم الغرب بالتدخل في شئونه الداخلية خاصة فيما يتعلق بالحريات.. كيف ترى ذلك؟
- هذا صحيح، لكن مواطنى الشرق الأوسط هم دائمًا من يجلبون القوى الخارجية، عبر ما يقدمونه للدول الأخرى من مظلوميات، وهناك الكثير من الفساد المرتبط بالقوى الخارجية التى تستغل الوضع.
■ دائما ما يتهم بعض الدول الأوروبية وأمريكا العرب بانتهاك حقوق الإنسان، بينما هناك العديد من الانتهاكات والعنصرية في الدول الغربية، ولا يوجد من يعاقب عليها، فما رؤيتك لذلك؟
- من الوثائق الأساسية التى تم تبنيها عام ١٩٤٥، أثناء إنشاء الأمم المتحدة، كان الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، ليضمن المساواة في المعاملة لجميع الأشخاص، وإدانة جميع أشكال المعاملة اللا إنسانية بما في ذلك التعذيب والوحشية والسجن غير القانونى.
هناك أيضًا منظمات عالمية لمراقبة حقوق الإنسان، ولكن هذه منظمات قطاع خاص، وليست منظمات حكومية ويعمل بها أفراد معظمهم من أوروبا، ويستخدمون معايير عالية لتحديد انتهاكات حقوق الإنسان، بالإضافة إلى ذلك، تستخدم الحكومات سفاراتها لرصد حالة حقوق الإنسان في العديد من البلدان.
تقوم أنشطة مراقبة حقوق الإنسان عادة بإعداد التقارير وتقديمها إلى لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، التى تحدد صحة التقارير وتحيل المخالفين للمحكمة الدولية لحقوق الإنسان.
الحقيقة هى أن انتهاكات حقوق الإنسان تحدث في جميع بلدان العالم، من قبل الشرطة أو الشرطة السرية في حالة الحكومات، أو من قبل المنظمات الإرهابية مثل القاعدة أو داعش.
في معظم البلدان، الحكومة مسئولة عن انتهاكات حقوق الإنسان، مثل حرمان المواطنين منها الحق في العبادة كما يحلو لهم «إنكار حرية الدين»، أو سجن المواطنين لانتقادهم الحكومة «إنكار حرية التعبير»، ويحدث معظم انتهاكات حقوق الإنسان في البلدان التى ليس لديها ديمقراطية ويحكمها ديكتاتوريون بدون موافقة شعب البلاد.
في حالة الشرق الأوسط، يستخدم البعض المبرر القائل بضرورة استخدام القوة للسيطرة على المواطنين والحفاظ على الأمن والاستقرار، لكن منظمات حقوق الإنسان تراقب جميع الحكومات وتنتقد بانتظام الصين وروسيا وإندونيسيا والفلبين وفيتنام وتايلاند وغيرها الكثير، وكما أشرت ليس هناك الكثير من دول الغرب تتم فيها جرائم غير إنسانية، وذلك لوجود حماية داخلية ويمكن للمواطن الحصول على حقه أمام المحاكم وأغلب الانتهاكات تكون في وحشية الشرطة.
■ وما مصلحة الدول الكبرى في الشرق الأوسط؟
- لكل فرد مصلحة في السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، هناك قضايا سياسية وعسكرية واقتصادية وراء هذه المصالح، هناك أيضًا مجموعة من الدول التى تريد الهيمنة والسيطرة على بلدان الشرق الأوسط لأغراضها الأنانية.
إذن لديك الدول الغربية التى تريد دعم الاستقرار والتنمية الاقتصادية في المنطقة، وهناك روسيا وإيران والصين التى تسعى لأغراضها في دول الشرق الأوسط، ولا تزال منطقة الشرق الأوسط مكانًا تتعارض فيه مصالح القوى الكبرى وتؤدى إلى الصراع، هذا هو الحال حاليا في سوريا وليبيا واليمن والعراق وأفغانستان.