شهد مطلع العام ٢٠٢١ انعقاد أولى جلسات مجلس النواب، وبذلك يكون قد استكمل أركان السلطة التشريعية المتمثلة في مجلسي النواب والشيوخ، حسب دستور ٢٠١٩ المعدل. وقد لعبت المجالس النيابية دورا مهمًا في ضبط الحياة السياسية وتثبيت أركان الدولة المصرية مثل ظهور أول مجلس نيابي حقيقي في مصر في عام 1866م، وكان يعرف "بمجلس شورى النواب".
ولا أخفي ارتياحي الشخصي للبرلمان الجديد لعدة أسباب أهمها:
أولا: إتمام العملية الانتخابية، يحسب للدولة المصرية انها قد نجحت في اجراء انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب، وتأمين اللجان والناخبين بشكل كامل رغم جائحة كورونا والظروف الدولية الاستثنائية.
ثانيا: تولي المرأة أعلي نسبة تمثيل في تاريخ الحياة النيابية المصرية، فقد نص الدستور المصري (المادة ١٠٢) على تخصيص حصة للمرأة بالبرلمان لا تقل عن 25 %، إلا أن مجلس النواب الحالي قد ضم في عضويته ١٦٢ نائبة بنسبة 27%، وذلك بزيادة 72 عضوة عن برلمان 2015 والذي بلغ عدد عضواته 90 نائبة، حسب الموقع الرسمي لمجلس النواب المصرى (www. parliament.gov.eg).
ثالثا: تمثيل جيد للشباب، فحسب الإحصائيات الرسمية، بلغ عدد الشباب (حتى سن ٤٠ سنة) ١٢٢ عضوا، بنسبة ٢٠.٤٦٪، منهم ٢٨ مقعدا تم تخصيصهم للجنة التثقيفية لشباب الاحزاب والسياسيين. وبالمقارنة بالمجالس السابقة، تكون نسبة الخُمْس (٢٠٪) نسبة جيدة جدا وتعكس اهتماما متزايدًا من الدولة بقطاع الشباب.
رابعا: تنوع تمثيل فئات الشعب المصري، لابد أن أعترف بأنني كنت أتمنى تواجد عدد أكبر من نواب المعارضة في البرلمان الحالي. ولكن من الإنصاف أن نعترف أن هناك تمثيلًا لمعظم فئات الشعب المصري. فقد بلغ عدد الأعضاء من الأخوة الأقباط ٣٧ عضوا (بنسبة ٦.٢١٪)، وهي نسبة مقبولة بالمقارنة بما كان حادثا في الماضي. وبالرغم من تمثيل العمال والفلاحين بنسبة أقل، بعدد ٢٩ عضوا (٤.٨٦٪)، مقارنة بنسبة ال٥٠٪ التي كانت مخصصة للعمال والفلاحين في الدساتير التي تلت ثورة ٢٣ يوليو، إلا أنها تعكس تطور المجتمع وتحرره من التوجهات الاشتراكية التي سادت المنطقة في حقبة الستينيات من القرن الماضي. ومن التوجهات العصرية والإنسانية تخصيص مقاعد لذوي الإعاقة في هذا المجلس بعدد ٨ مقاعد.
خامسا: انضمام عدد كبير من الشخصيات التي أثق في وطنيتها وإخلاصها للوطن. وعلى سبيل المثال فقد سعدت بنجاح كل من الأستاذ الدكتور مكرم رضوان (حزب الشعب الجمهوري) في دائرة دكرنس وشربين وبني عبيد، والأستاذ أحمد الشرقاوي (تكتل ٢٥-٣٠) في دائرة بندر المنصورة للدورة الثانية على التوالي، بعد أداء متميز وتواصل مستمر مع متطلبات الجماهير في محافظة الدقهلية. وكذلك فقد سعدت لنجاح اثنتين من أساتذة كلية طب المنصورة هما الدكتورة نسرين صلاح عمر، عميدة الكلية السابقة، والدكتورة إيناس عبد الحليم، أستاذ علاج الأورام.
وقد أحدث تعيين أستاذتنا الدكتورة فرحة الشناوي والزميلة الدكتورة عبلة الألفي تأثيرًا طيبا بين أبناء الدقهلية بصفة عامة والأطباء بصفة خاصة. الأستاذة الدكتورة فرحة الشناوي لها خبرة طويلة في الحياة العلمية والاجتماعية المصرية، فهي أول امرأة تتولى منصب عميدة لكلية الطب، ونائب لرئيس جامعة المنصورة للدراسات العليا والبحوث. وعضو المجلس القومي للمرأة ومقرر مجلس المرأة في محافظة الدقهلية. ورئيسة المركز الثقافي الفرنسي في المنصورة وسبق لها الحصول علي لقب فارس وضابط عظيم من الجمهورية الفرنسية، وهي شخصية علمية واجتماعية مرمرقة تحظي بتقدير واحترام عظيمين علي المستويين المحبي والدولي.
نتمنى كل التوفيق والسداد للحياة النيابية المصرية.