تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
.. مُنذ سنوات طويلة ونحن نستمع لهذا السؤال، طوال الثمانينيات ردد الكُتاب والصحفيون هذا السؤال وطالبونا بـ"ربط الأحزمة»، وفى التسعينيات كان هذا السؤال على لسان جميع المُحللين الاقتصاديين، ومنذ عام ٢٠٠٠ وحتى عام ٢٠١٠ تحول السؤال إلى جواب وقال لنا المسئولون إن مصر خرجت من عنق الزجاجة بالفعل ونجحنا فـى عبور الأزمة الاقتصادية العالمية بسلام، وكانت المفاجأة التى لم يلتفت إليها أحد أننا وجدنا أنفُسِنا مُنذ عام ٢٠١١، وقد وقعنا فـى الفخ أو بصريح العبارة سقطنا فـى بئر عميقة ضيقة، وظللنا نحاول الخروج منه بلا جدوى.. وفـى عام ٢٠١٢ اكتشفنا أن هذه البئر التى سقطنا فيها يحوى ديناصور بـ"لِحية» يريد أخذنا إلى أعماق أشد ضيقًا وظلامًا، يريد إغراقنا وكتم أنفاسنا والقضاء علينا جميعًا ليعيش هو وحده فـى قاع البئر عملًا بالمقولة الشهيرة: البئر لا تحتمل اثنين للعيش فيها
.. وبإرادة إلهية وعزيمة مصرية استطعنا فك القيود التى فرضها علينا «الديناصور أبو لحية» قبل أن يفتِك بِنَا ويمُص دمنا، وضعنا أيدينا فـى يد بعضنا وتماسكنا ونسينا مشاكلنا وعقدنا العزم على أن نخرج من البئر، كانت لحظات عصيبة عشناها وظهرت فيها عظمتنا، وبقدر ما مررنا به من حزن وهوان فـى عُمق البئر بقدر ما كانت سعادتنا بخروجنا منه، عادت لنا الحياة مرة أخرى، عادت أنفاسنا، عادت الرئتان تتنفس هواء مصريًا نظيفًا، عادت مصر لنا ومعها أرضها وشمسها وأهلها وأزهرها وكنيستها، وكان السؤال: هل عادت مصر كما كانت ؟.. لا.. لم تعُد لنا مصر كما كانت قبل سقوطها فـى البئر، تغيرت، تبدلت، تأخرت.. تغيرت ملامحها من كثرة الضربات التى تعرضت لها، تبدلت أحوالها من هول ما لحق بها من عملية إسقاط وهدم مع سبق الإصرار والترصُد، والأهم أنها: تأخرت، نعم تأخرت.
.. تأخرنا وكانت النتيجة أننا وجدنا أنفسنا أمام عدد كبير من المطبات الصعبة وعلينا تجاوزها فـى وقت قصير، وعاد مرة أخرى الحديث عن «عنق الزجاجة» وضرورة خروجنا منه بسلام، كانت التحديات كثيرة، وكانت المخاطر جسيمة، كان الجسد المصرى مُنهكًا، والاقتصاد المصرى فـى غرفة الإنعاش، والسياسة المصرية مجهولة ومعدومة، كان كُل شيء فـى مصر يحتاج للدخول للعناية المركزة حتى يفيق ويُشفى ويتعافى، لكن كُنا نمتلك «الرجال الأوفياء» لوطنهم، كُنا نمتلك «الإرادة الحديدية» التى يتحاكى عنها العالم، وكانت لدينا «ثقة فى الله» بأنه لن يُشتت شملنا ولن يُقسِمنا ولن نُصبح لاجئين.. كُنا نمتلك (الرجال الأوفياء والإرادة الحديدية والثقة فـى الله)، بدأنا فى تقسيم الأدوار، وأخذنا ملف الصحة بمُفرده، والتعليم بمُفرده، وشركات قطاع الأعمال بمفردها وهكذا، وبدأنا فـى الإصلاح وبعد سنوات قليلة بدأنا فـى التطوير، ودخلنا مرحلة التنمية، والآن نحن فـى مرحلة جنى ثمار تعبنا وتحملنا، نرى الآن تطوير القاهرة الخديوية والمدن الجديدة ظهرت معالمها وخطة رفع كفاءة المؤسسات والهيئات تتم بسرعة.
.. باختصار: كانت جميع الوزارات والمؤسسات والهيئات فى مصر تحتاج للخروج من عنق الزجاجة، ونستطيع القول إنهم خرجوا من عنق الزجاجة طوال الست سنوات السابقة، وتم تطويرهم، ويشهدون الآن مرحلة جديدة لم نكن نحلم بها، نشاهد الآن تطوير وتحديث وميكنة فـى كُل مكان لتعويض تأخرنا، بناء وتعمير فـى كُل مكان، رؤية مستقبلية وخطط ممنهجة يتم تطبيقها من أجل الشباب المصرى ليعيش حياة كريمة تليق به، حياة يكون عنوانها (العدالة الاجتماعية) فـى ظل عودة قوة الدولة وقدرتها على تأمين الوطن والمواطنين وهذا لو تعلمون عظيم.