الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

رؤى غربية للناشطين الإسلاميين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يعد مارك ساجمان Marc Sageman الطبيب النفسي و عضو معهد بحوث السياسة الخارجية الأمريكي و الذي عمل في صفوف المخابرات الأمريكية أفغانستان في الفترة من 1987-1989 من أهم من حاولوا تقديم دراسة رقمية إحصائية تكشف عن هويات أولئك الإرهابيين. لقد صدر لساجمان عام 2004 كتابا بعنوان "فهم شبكات الإرهاب" أصبح مرجعا في هذا المجال، كما كتب فصلا بعنوان "سيكولوجية إرهابيي القاعدة: البزوغ من الجهاد السلفي العالمي" ضمن كتاب مرجعي عن علم النفس العسكري و العيادي و التطبيقات العملية.
كتب ساجمان في مقدمة الفصل المشار إليه أنه بعد أن أولي ظهره للعمل ألمخابراتي عام 1989 و تفرغ لمهنته كطبيب نفسي في مجال الطب الشرعي، و ظن أن علاقته بالإرهاب و الإرهابيين قد انتهت؛ إذ به إثر أحداث 11 سبتمبر 2000 يحس أن عليه أن يفعل شيئا ما خاصة و أن ما كان يتردد علي ألسنة العامة آنذاك لم يكن متسقا مع ما خلص إليه من واقع خبراته الشخصية في المجال، و حين نظر ساجمان للبحوث المتوافرة في المجال فيما يتعلق بمرتكبي جريمة 11 سبتمبر، وجد نفسه حيال ركام هائل من النظريات و الآراء و الانطباعات الشخصية، و لكنه لم يجد تجميعا منظما للبيانات الواقعية الخاصة بممارسي العمليات الإرهابية؛ و من ثم فقد شرع في تجميع السير الذاتية لهم من مختلف المصادر و علي رأسها ملفات المحاكمة التي انعقدت في نيويورك عام 2001 و استمرت 72 يوما و تجاوزت صفحات التحقيق مع المتهمين بتفجير السفارة الأمريكية عام 1988 ما يقارب 9000 صفحة تتضمن كما هائلا من المعلومات عن حياة هؤلاء المتهمين، بالإضافة إلي حوالي 400 سيرة حياة ذاتية تفصيلية و أسفر تحليله الرقمي لتلك البيانات عن عدد من النتائج الهامة: إن ثلاثة أرباع أفراد العينة ينحدرون من الطبقات المتوسطة فما فوقها، و 90% منهم نشئوا في رعاية أسر متماسكة، و 63% التحقوا بكليات جامعية، فإذا ما وضعنا في الاعتبار أن نسبة من يلتحقون بالجامعة في بلدان العالم الثالث التي أتي منها هؤلاء الإرهابيون، اتضح أنهم يعتبرون من خيرة أبناء تلك المجتمعات ممن بعثت بهم أسرهم لاستكمال دراستهم بالخارج، و من ثم فإنهم يتقنون الحديث بعدة لغات، كذلك فإنهم يختلفون عن أطفال الحجارة الفلسطينيون الذين لم تكن تتجاوز أعمارهم الرابعة عشر، حيث التحقت غالبيتهم بمنظمة القاعدة و هم في السادسة و العشرين أي في قمة نضجهم النفسي و العقلي، و أنهم أميل للاستقرار الأسري حيث 73% منهم متزوجون و غالبية هؤلاء لهم أطفال، و غير المتزوجين منهم لم يبلغوا بعد السن المعتاد للزواج، وأن عدد من أستطاع سيجمان في ضوء خبرته المتخصصة في الطب النفسي أن يضعهم ضمن من يعانون اضطرابات نفسية أربعة أفراد فقط من بين 400 فرد و هو ما يقل كثيرا عن المعدل المعروف لانتشار مثل تلك الاضطرابات، فضلا عن أنه من بين من ارتكبوا جريمة 11 سبتمبر 2000 لا يوجد لأيهم سجل إجرامي كأفراد، و يتفق ذلك مع ما تميزوا به من قدرة علي العمل الجماعي المخطط المنظم و من ثم فإنهم يختلفون في هذا المجال عن غيرهم ممن أقدموا علي أعمال إرهابية فردية كتيودور كازينسكي Ted Kaczynski علي سبيل المثال الذي قام بإرسال عدد متتال من المتفجرات لعدد من الشخصيات الأمريكية الجامعية و شركات الطيران في الفترة من مارس 1987 حتى 1995 و تم اعتقاله في إبريل 1996 و تمت محاكمته و حكم عيه بالسجن مدي الحياة.
و علي مستوي التعليم و العمل فإن ثلاثة أرباع العينة مهنيون يعملون في مجالات الهندسة الميكانيكية و المدنية و المعمارية؛ أي أن غالبيتهم علماء و قلة منهم من المتخصصين في الإنسانيات، و قلة نادرة من هؤلاء من المتخصصين في الدراسات الدينية حيث أن 13% فحسب تلقوا تعليمهم الأولي في مدارس دينية بينما تحتل العلوم الطبيعية قمة التخصصات حتى بين القادة: بن لادن مهندس مدني، و أيمن الظواهري طبيب، و محمد عطا مهندس معماري، و قلة من دارسي العلوم العسكرية مثل محمد إبراهيم مكاوي.
خلاصة القول أن ما كان يظنه غالبية الناس من أن الإرهابيون ينحدرون من أسر مفككة، و بيئات فقيرة يسودها الجهل، يعجزون عن تحمل المسئوليات المهنية أو الأسرية، ذوي شخصيات ضعيفة مريضة يسهل التأثير عليها؛ لم يعد صحيحا علي الإطلاق من وجهة النظر العلمية.
Kadrymh@yahoo.com