حينما قيدتنا عزلة كورونا لأول مرة فى الموجة الأولى لها، فكرت فى أحوال الكتاب والمبدعين الذين لا يتآلفون مع العزلة ويستمدون دعما من الاختلاط بالناس والتعبير عن مشكلاتهم وقضاياهم، وطرأت فى ذهنى فكرة حوار مع السيناريست العظيم وحيد حامد. حاولت الاتصال به لم يكن يرد لفترة طويلة توقعت أنه فى حالة نفسية سيئة بسبب هذه القيود والعزلة. وعاودت المحاولة بعد شهر تقريبا ووجدته مرحبا وفى حالة نفسية ممتازة؛ إذ كان عاكفا على الانتهاء من الجزء الثالث من مسلسل "الجماعة"، لم يكن حدد نهايتها بعد والأمال الآن معلقة على نجله المخرج المتميز مروان حامد الذى ترك له والده تركة ثقيلة هى هذا المسلسل وفيلم "الصحبة الحلوة" الذى كان سيلعب بطولته الفنان يحيى الفخرانى، ونأمل أن نشاهدهما عما قريب.
ظل وحيد حامد راهبا فى محراب الكتابة، يقدسها ويكتب بمواقيت محددة، وكان مكانه المفضل بأحد فنادق القاهرة المطلة على النيل يكتب بالقرب من النهر الخالد بعد أن يكون قد عبر بمئات الأشخاص على الكورنيش باعة وأناس تبحث عن قوت يومها مارة وسيارات فى زحام لا نهائي.. لم يعش فى فقاعة منعزلا عن الشارع المصرى بل كان يستمد وقود الحبكات والقصص من مشاهداته لما يحدث حوله. رحم الله الكاتب الكبير العفيف الذى أبى أن يكتب كواليس حياة صديق عمره الفنان الكبير أحمد زكى، إذ قال لى فى حواره معى لـ"مجلة المجلة" اللندنية، فى شهر يوليو الماضي:"لا يمكن أن أقوم بالكتابة عنه؛ لأن أحمد زكى كان قريبا جدا منى، وكانت تربطنى به علاقة قوية، كنا بلديات أولا من محافظة الشرقية، ثانيا كنا نكاد لا نفترق، وعموما، أحترم الحياة الشخصية للبشر جميعا، فما بالك بالنسبة للأصدقاء."
وحيد حامد بالنسبة لى كان جراحا اجتماعيا يمسك بالمشرط ويستخرج العطب من المجتمع ويكشفه على الشاشة الفضية، يطلعنا على مساوئنا صارخا بأيديكم الحل! كان يبعث رسائل دائما للبسطاء أحلامكم قيد أنملة كل ما عليكم هو الإيمان بأنفسكم والتشبث بالحلم.
وحينما سألت صاحب "طيور الظلام" عن سبب تخلى بعض الفنانين عن حرية الفن واستغلاقهم لآفاقه، قال لي: لسبب بسيط؛ لأننا وحتى الآن تركنا المساجد لمشايخ إما جهلة بالدين وإما متعصبين ومتشددين بالفطرة. لديهم سوء نية وسوء قصد بحيث يجرون المجتمع لحالة من التخلف، حتى بعض وسائل الإعلام لدينا تفتح المجال لهؤلاء الناس لبث أفكارهم فى ظل إعلام رديء يريد معركة مشتعلة للمكسب المادى فقط.
منذ 3 أسابيع فقط قرأت خبر خروج مسلسل "الجماعة 3" من المنافسة الدرامية لماراثون رمضان 2021، وأود أن أقول بالفعل وحيد حامد خارج المنافسة ولا ينافس سوى نفسه كان كذلك فى أعماله السابقة وسيظل كذلك.
