وإذ نعبر عام القساوة والعزلة،وقد شرعت السنة الجديدة أبوابها بأنفراجة بدء التطعيمات/ اللقاح في العالم، ومنه منطقتنا،أبرة العام ستطال أولا شريحة كبار السن المتخوف من أن تصلهم العدوى مسبقة عن الشباب،وبموازاتها من مُتوقع أصاباتهم،فوجبت وقايتهم، بفعل الأشتغال في محك حراك الفيروس،كادر المعاطف البيضاء،وكل الخدمات المساعدة،لكن العام يدخل أيضا محملا بهواجسه،مايمكن أن يسميه بعضهم رد الفعل،وأثر الجائحة، من سلالة الكوفيد المستجدة،وخبراء يلوحون بسؤالهم،عن مدى مقدرة "الأبرة" الصمود إزاءها، حتى مع توفر اللقاحات دوليا بتركيبات،وتصنيع متعدد الخاصية.
وعن معايدتي السنوية،لأصدقاء وصديقات،بوطني ليبيا مع الأوضاع المتعسرة،تقاسمنا آمالنا في انفراجات،توكد على الأرض مفعول تفاهمات المسارين العسكري،والأقتصادي،وهنا بمصر، كانت الاستعادات أولا من رفيقات مهنة الصحافة،والفلكلور،لحصادنا هذه السنة،تعيد وتكرر ما داخلها،وهيمن عليها من مشاعر نفسية غير مسبوقة،غلبة الأرتباكات،والوساوس،والعجز عن فهم مايجري كنا كما العالم!،رغم حالة النفير المعلنة والمخفية للمواجهة،ما عُبر عنه في متابعة الأخبار بل ملاحقتها،ولعله للمرة الأولى يصبح موقع،ومؤتمرات صحفية لمنظمة الصحة العالمية في أس الاهتمام والمتابعة،كما والأنخراط في أقتصاديات الاحترازات،من مواد معقمة مطهرة،و"دستات" الكمامات والقفازات،عدا عن أدوية بعينها،التي ملئت الأدراج، ماأشاعات إعلانات تجارية عن جداوها،فصديقتي الصحفية،خصصت ركنا بمطبخها لما أسمته "العلاج البديل"،مواد عُشبية وغذائية،أقسمت أنها قبلا،لم تحفل بأن تدخلها لبيتها، لعدم قناعتها بمايروج حولها،وفي المعايدة بيننا،ردت على ضاحكة أحتفلتُ "بالنجاة" طبعا،في عام الزنجبيل،والقرنفل،وشراب الليمون،ومسحوق الثوم،والحلبة،ولم تنس حدوثة عامها،حين نفر منها صغيريها،جراء ما التهمت،عشرات من حزم البصل الأخضر في يوم واحد بل في ساعات قليلة،خوف عدوى،حين تواصلت معها زميلتها بذات مكتب العمل،لتُعلمها بأصابة فرد من عائلتها،ووجب على المخالطين أجراء الكشف،وسلمهما الله كلتيهما.لكن الأستاذة العزيزة بثينة طاهر بالإسكندرية من كتبت عنها،وهي من رعيل مبكر في سلك الإدارة والخدمة الاجتماعية بجنوب ليبيا(سبها)،حين عملت رفقة زوجها ١٩٦٨م، فقدت والدها،ومازالت والدتها في الحجر بالمستشفى بأمل أن تتماثل للشفاء.
وفي استعادتنا أيضا،مغالبة أجواء قاتمة حتمت العزلة والتباعد،ماتم إنجازه مع المستجد الرقمي حين عز اللقاء الشخصي المباشر،مشاركاتنا المتعددة "الأون لاين" كأعلاميات على شبكة الإنترنت، الغوغول بلس،والزووم،على رأسها برنامج عمل مكتب المرأة والسلام /قسم الإعلام بمفوضية الاتحاد الأفريقي،ثم اللقاء التشاوري بمعية ناشطات ليبيات للأعداد لخارطة الحوار الليبي،الذي عقدته المبعوثة الاممية بالأنابة ستيفاني ويليامز،كما ما أنحزنا لكتابته وأصداره كتابا عربيا موسعا حول:الفن والمرأة من التنميط إلى التغيير،وبمحاور أخرى،برعاية منظمة المرأة العربية بالقاهرة،رغم الظروف المربكة،توابع مشتركنا،مصاب كورونا،فالذهاب للمكتبات والاستعانة بالمراجع،لم يتح مع أنقطاعات فترات العمل بها.ومع ختام العام،جاءت ورشة العمل،التي عقدها فريق أنجد،مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث،لمؤسسسة كوثر (بتونس)،كنا أعضاءها،شهودها،في حوصلتها لنشاطها هذا العام،وتم تخصيص حيز لليبيا فيما تعلق بأوضاع المرأة، والنازحين والمهاجرين.
ولن أجافي الحقيقة في ماتعلق بتأثير المزاج العام مع كورونا،في تحقق عزلة المطالعة الاختيارية،فلم تكن حصيلتي تُذكر،قياسا بماسبق وسجلت،كما عادة المشي اليومية التي دأبت عليها لسنوات ماضية،حتى أني لا أملك أجابة معللة لذلك غير المزاج العكر!،وربما تمركز أنشغالي مع الاشهر الاخيرة من العام في أعدادي لكتاب:متعة السخرية محمد الزواوي(منشورات الوسط)،وفي مقدمتي "السمفونية الزواوية: بينت علاقتي بهذا الفنان الكاريكاتيري الليبي الكبير عبر ثلاث وقائع،وكنت أول العام أصدرت كتابي "نساء الربيع العربي" (منشورات ميادين)،حوارات أجريتها مع خمسين سيدة عربية ملهمة،ما مثل توثيقا لشهادات نسوية في لحظة تاريخية مفارقة،شاركن بقوة في صنعها ثم هُمشت أدوارهن.
وسأختتم مقالتي بعد كل عام وأنتم بخير،بما طالعتهُ في مقابلة، مع حائزة نوبل سفيتلانا ألكسيفتش،التي اعتمدت مشروعها الصحفي الأدبي،الحوارات والمقابلات،والتوثيق للشهود العيان في الحرب ببيلاروسيا،وأنتجت كتبا في ذلك،وقد علقت بعد أبتلاءنا بكورونا،من أن الحياة أستحالت إلى مسرحية مجنونة وخيالية،ومامن أمكانية للتنبؤ بالمستقبل!.