الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

نبدأ عامًا جديدًا بزراعة الأمل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال الزعيم الراحل مصطفى كامل: "لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس"، ويُعرّف الأمل بأنه حالة من التحفيز الإيجابي القائم على شعور النجاح المُكتسب بشكل تفاعلي، وهو العاطفة التى يشعر معها الإنسان بالتفاؤل والإيجابية تجاه ذاته وتجاه الآخرين، ومن الآيات التي تُعطيك أملًا في غدٍ أفضل، قوله تعالى: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا} (سورة الطلاق: ١)، ولقد حرص الأنبياء والرسل على التحلي بالأمل في مختلف الأوقات وأكثرها صعوبة؛ فالأمل خلق من أخلاق الأنبياء والمرسلين، وهو الذي جعلهم يواصلون الحياة في دعوة أقوامهم إلى الله دون يأس أو ضيق أو ملل، برغم ما كانوا يلاقونه من إعراض ونفور وأذى، أملاً في هدايتهم، وإخراجهم من الظلمات إلى النور. 
وصور الأمل فى حياة الأنبياء متعددة نذكر منها:
نوح عليه السلام، ظل يدعو قومه إلى الإيمان بالله دون أن يمل أو يضجر أو يسأم ألف سنة إلا خمسين عامًا، بل
كان يدعوهم بالليل والنهار في السر والعلن فُرادى وجماعات؛ فأوحى الله إليه أنه لن يؤمن معه أحد إلا من اتبعه فصنع السفينة، وأنجاه الله هو والمؤمنين، ولم يُفارق الأمل إبراهيم عليه السلام، حيث صار شيخا كبيرا في السن ولم يرزق بأولاد، ودعا الله عز وجلّ فاستجاب له ووهبه إسماعيل وإسحاق، ولم يُفارق الأمل يعقوب عليه السلام، حينما فقد يوسف عليه السلام، حيث لم ييأس ولم يقنَط من رحمة الله، ولم يُفارق الأمل يوسف عليه السلام، عندما مر بمحن اتهامه بمحاولة التعدي على زوجة العزيز، وتفضيله السجن على أن يرضخ لمطلبها، فأودع السجن لسنوات؛ فلم يتخلى عن إيمانه وثقته بالله وكان دائم اللجوء إليه وكان له العاقبة الحسنة حيث أصبح عزيز مصر ومالك خزائنها واتى بابيه وإخوته وقومه لأرض مصر، ولم يُفارق الأمل أيوب عليه السلام، حينما ابتلاه الله بذهاب العافية، والولد، والمال، ولم يُفارق الأمل يونس عليه السلام، حيث التقمه الحوت وكان الأمل في نجاته منعدمًا وخاصة إذا علمنا أنه في ظلمات ثلاث، ظلمة الليل، وظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت، لكن يونس عليه السلام لم يفقد الأمل: {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} (الأنبياء: ٨٧)؛ فجاءه الرد الرباني على جناح السرعة: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ} (الأنبياء: ٨٨).
موسى عليه السلام، لم يفقد الأمل والثقة في نصر الله حين طاردهم فرعون وجنوده، فظن قومه أن فرعون سيدركهم، وشعروا باليأس حينما وجدوا فرعون على مقربة منهم، وليس أمامهم سوى البحر؛ فأمره الله أن يضرب بعصاه البحر، فانشق نصفين، وعبر موسى وقومه البحر في أمان، ثم عاد مرة أخرى كما كان، فغرق فرعون وجنوده، ونجا موسى ومن آمن معه، وكان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مُتفائلاً في كل أحواله، مُحسنا الظّنّ بربه في كل أوقاته، وكانت حياته مليئة بالأمل والتفاؤل، رغم ما فيها من شدة وبلاء؛ ففي حادثة الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة، أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بالأسباب الظاهرة والمتاحة له، إلا أن المشركين وصلوا إليه وهو في غار ثور، وسمع النبي صلى الله عليه وسلم، وصاحبه سير أقدامهم وكلامهم، وهنا خاف أبو بكر رضي الله عنه، على النبي صلى الله عليه وسلم، وحُقَّ له ذلك، فقال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: وأنا في الغار: لو أنَّ أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا، فقال: «ما ظنك يا أبا بكرٍ باثنين الله ثالثهما» (رواه البخاري ومسلم)؛ فيجب علينا التحلي بالأمل والتفاؤل وإياكم واليأس والقنوط؛ فقد ندَّد القرآن بالقنوط واعتبره قرين الضلال، فقال تعالى: {قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} (الحجر: ٥٦).