أعجمي كاد يعلو نجمه.. في سماء الشعر نجم العربِ
صافح العلياء فيها والتقى.. بالمعرِّي فوق هام الشهبِ
....
سائلو الطير إذا ما هاجكم.. شدوها بين الهوى والطربِ
هل تغنت أو أرنت بسوى.. شعر هوجو بعد عهد العربِ
هذه الأبيات جزء من قصيدة عصماء نظمها الراحل حافظ بك إبراهيم في مديح فيكتور هوجو شاعر الفرنسية الذي ترجمت أغلب أعماله إلى معظم اللغات المنطوقة وصاحب "البؤساء" و"أحدب نوتردام" وأحد أبرز أدباء فرنسا في الحقبة الرومانسية الذي قال عن نفسه "أنا الذي ألبست الأدب الفرنسي القبعة الحمراء" ويعني بها قبعة الجمال، وهو الذي أسس جمعية الأدباء والفنانين العالمية ثم أصبح رئيساً فخرياً لها عام 1878.
إنه كاتب الحرية الأبرز الذي عاش يهتف بها ويكرسها ويدعو إليها ويدبج فيها القصائد ويرى كونها أهم المعاني التي تقوم عليها حياة الإنسان بحيث يجب أن تكون همه ومبتغاه، حرية سياسية وحرية في التعبير عن الرأي وحرية في البحث والتفكير بحيث يطرح الآدمي عن نفسه أغلال التقليد ولا يخضع إلا لسلطان العقل والتجربة ويرى كتب الأقدمين مرحلة يمكن الاستفادة منها وكذا يمكن تجاوزها إلى ما هو أقرب للتفكير الحر التقدمي المتطور.
جاء والأحلام في أصفادها.. مالها في سجنها من مذهبِ
طبع الظلم على أقفالها.. بلظاه خاتماً من رَهَبِ
أمعن التقليد فيها فغدت.. لا ترى إلا بعين الكتبِ
أمر التقليد فيها ونهى.. بجيوشٍ من ظلام الحُجُبِ
جاءها هوجو بعزمٍ دونه.. عزة التاج وزهو الموكبِ
وانبرى يصدع من أغلالها.. باليراع الحر لا بالقُضُبِ
هاله ألا يراها حرةً.. تمتطي في البحث متن الكوكبِ
فيكتور هوجو الذي عاش يخدم رسالته ويرى نفسه مع زمرة الأدباء والمثقفين قائد طليعي لا بالسيف والمدفع وانما بالفكر والكلمة وكان كما رأى ذاته حكيماً ومصلحاً خاض المعرض من أجل رسالته على صفحات الكتب وفي سطور المقالات ومن خلال مجلس الشيوخ الفرنسي الذي كان أحد أعضائه.
تمر اليوم السادس والعشرين من فبراير ذكرى ميلاده فقد ولد هوجو في 26 فبراير سنة 1802 وتوفي عام 1885 بعد أن بلغ من العمر ثلاثة وثمانين عاماً.
ولد شاعرنا في مدينة "بيزانسون" الواقعة بمنطقة الدانوب في شرقي فرنسا، وكان والده جنرالاً بالجيش الفرنسي، وقد تلقى تعليمه في باريس وأيضاً في مدريد عاصمة أسبانيا وكتب أولى مسرحياته وهو في سن الرابعة عشر وكانت تراجيدية ثم نشر ديوانه الأول وهو في سن العشرين وعقب ذلك نشر أولى رواياته، ولعل هذا الانتاج المتميز واللافت في تلك المرحلة العمرية الباكرة يعود إلى ما فطر عليه هوجو من عشق الكتب والولع بالقراءة وهذا ما أكده لنا بنفسه إذ يقول "قضيت طفولتي مشدود الوثاق إلى الكتب" وقضى في المنفى خمسة عشر عاماً إبان حكم الإمبراطور نابليون الثالث وتحديداً منذ عام 1855 حتى عام 1870 والعجيب أنه رفض العفو الصادر عنه وقرر البقاء حيث هو في المنفى وقال كيف يعفو المذنب عن البريء؟!
وفي ذلك يقول حافظ إبراهيم:
عاف في منفاه أن يدنو به... عفو ذاك القادر المغتصبِ
بشروه بالتداني ونسوا... أنه ذاك العصامي الأبي
كتب المنفي سطراً للذي... جاءه بالعفو فاقرأ واعجبِ
أبريءٌ عنه يعفو مذنبٌ... كيف تسدي العفو كف المذنبِ
استوعب هوجو كمثقف وأديب مجمل التغيرات الاجتماعية التي حدثت في زمنه كالثورة الصناعية ونشوء طبقة البروليتاريا أو "الشغيلة والعمال" الذين يقومون بمجهود ضخم في العمل بالمصانع ثم لا يأخذون جزءاً من الأرباح أو حتى مقابل مادي مناسب يقوم باحتياجاتهم ومطالبهم بل يزدادون فقراً فيما يزداد الرأسماليون أصحاب العمل غنى ويراكمون ثرواتهم القائمة على الجشع والاحتكار واستغلال الشغيلة في عمل شاق يستمر لساعات طويلة ويقضي على انسانيتهم ويحولهم إلى آلات بشرية لا تحسن التفكير ويصيبهم بنوع من الاغتراب عن الذات، كل هذا كان من شأنه أن يحول هوجو من ذاك النائب المحافظ في البرلمان الفرنسي إلى كاتب يساري يؤمن بالاشتراكية ويبحث عن الحرية للجميع ويناضل من أجل حقوق المهمشين والبسطاء ويعمل على إيجاد وطن يقدر الإنسان لكونه إنساناً وليس لأنه موسر أو غني.
نشر هوجو في حياته أكثر من خمسين رواية ومسرحية ومن أهم أعماله: "أحدب نوتردام، البؤساء، رجل نبيل، عمال البحر، وآخر يوم في حياة رجل محكوم عليه بالإعدام".
وكان هوجو في أعماله الأدبية مجدداً وصاحب نظرية يهتم بها دارسو الأدب والنقاد حتى إن كان قد تم تجاوزها بطبيعة الحال، ولكن تبقى لها قيمتها التاريخية ألا وهي "نظرية الدراما الرومانسية" التي نظَّر لها في مقدمة مسرحيته "كرومويل" عام 1827.
وبسبب اختياراته الأخلاقية واحتفائه بقيمة الإنسان ونضاله من أجل عدالة اجتماعية تحتضن الجميع ودعوته المستمرة لكسر القيود والأغلال أصبح هوجو رمزاً في التاريخ الفرنسي بل وفي تاريخ العالم كله، وعقب وفاته عام 1885 كرمته الجمهورية الفرنسية الثالثة بجنازة شعبية خرج فيها أولئك الذين دافع عن حقوقهم وناضل من أجل كرامتهم وتم دفنه بـ"مقبرة العظماء" في باريس وذلك في 31 مايو 1885.
ومن أقواله المؤثرة التي دلتنا على سعة حكمته وعمق بصيرته:
- لا قوة كقوة الضمير ولا مجد كمجد الذكاء.
- ليس هناك جيش أقوى من فكرة حان وقتها.
- أعظم سعادة في الدنيا أن نكون محبين.
- فن العمارة هي المرآة التي تنعكس عليها ثقافات الشعوب ونهضتها وتطورها.
- في قلبي زهرة لا يمكن لأحد أن يقطفها.
- من الممكن مقاومة غزو الجيوش، ولكن ليس من الممكن مقاومة الأفكار.
- إن أجمل فتاة هي التي لا تدري بجمالها.
- عندما تتحدث إلى امرأة أنصت إلى ما تقوله عينيها.
صافح العلياء فيها والتقى.. بالمعرِّي فوق هام الشهبِ
....
سائلو الطير إذا ما هاجكم.. شدوها بين الهوى والطربِ
هل تغنت أو أرنت بسوى.. شعر هوجو بعد عهد العربِ
هذه الأبيات جزء من قصيدة عصماء نظمها الراحل حافظ بك إبراهيم في مديح فيكتور هوجو شاعر الفرنسية الذي ترجمت أغلب أعماله إلى معظم اللغات المنطوقة وصاحب "البؤساء" و"أحدب نوتردام" وأحد أبرز أدباء فرنسا في الحقبة الرومانسية الذي قال عن نفسه "أنا الذي ألبست الأدب الفرنسي القبعة الحمراء" ويعني بها قبعة الجمال، وهو الذي أسس جمعية الأدباء والفنانين العالمية ثم أصبح رئيساً فخرياً لها عام 1878.
إنه كاتب الحرية الأبرز الذي عاش يهتف بها ويكرسها ويدعو إليها ويدبج فيها القصائد ويرى كونها أهم المعاني التي تقوم عليها حياة الإنسان بحيث يجب أن تكون همه ومبتغاه، حرية سياسية وحرية في التعبير عن الرأي وحرية في البحث والتفكير بحيث يطرح الآدمي عن نفسه أغلال التقليد ولا يخضع إلا لسلطان العقل والتجربة ويرى كتب الأقدمين مرحلة يمكن الاستفادة منها وكذا يمكن تجاوزها إلى ما هو أقرب للتفكير الحر التقدمي المتطور.
جاء والأحلام في أصفادها.. مالها في سجنها من مذهبِ
طبع الظلم على أقفالها.. بلظاه خاتماً من رَهَبِ
أمعن التقليد فيها فغدت.. لا ترى إلا بعين الكتبِ
أمر التقليد فيها ونهى.. بجيوشٍ من ظلام الحُجُبِ
جاءها هوجو بعزمٍ دونه.. عزة التاج وزهو الموكبِ
وانبرى يصدع من أغلالها.. باليراع الحر لا بالقُضُبِ
هاله ألا يراها حرةً.. تمتطي في البحث متن الكوكبِ
فيكتور هوجو الذي عاش يخدم رسالته ويرى نفسه مع زمرة الأدباء والمثقفين قائد طليعي لا بالسيف والمدفع وانما بالفكر والكلمة وكان كما رأى ذاته حكيماً ومصلحاً خاض المعرض من أجل رسالته على صفحات الكتب وفي سطور المقالات ومن خلال مجلس الشيوخ الفرنسي الذي كان أحد أعضائه.
تمر اليوم السادس والعشرين من فبراير ذكرى ميلاده فقد ولد هوجو في 26 فبراير سنة 1802 وتوفي عام 1885 بعد أن بلغ من العمر ثلاثة وثمانين عاماً.
ولد شاعرنا في مدينة "بيزانسون" الواقعة بمنطقة الدانوب في شرقي فرنسا، وكان والده جنرالاً بالجيش الفرنسي، وقد تلقى تعليمه في باريس وأيضاً في مدريد عاصمة أسبانيا وكتب أولى مسرحياته وهو في سن الرابعة عشر وكانت تراجيدية ثم نشر ديوانه الأول وهو في سن العشرين وعقب ذلك نشر أولى رواياته، ولعل هذا الانتاج المتميز واللافت في تلك المرحلة العمرية الباكرة يعود إلى ما فطر عليه هوجو من عشق الكتب والولع بالقراءة وهذا ما أكده لنا بنفسه إذ يقول "قضيت طفولتي مشدود الوثاق إلى الكتب" وقضى في المنفى خمسة عشر عاماً إبان حكم الإمبراطور نابليون الثالث وتحديداً منذ عام 1855 حتى عام 1870 والعجيب أنه رفض العفو الصادر عنه وقرر البقاء حيث هو في المنفى وقال كيف يعفو المذنب عن البريء؟!
وفي ذلك يقول حافظ إبراهيم:
عاف في منفاه أن يدنو به... عفو ذاك القادر المغتصبِ
بشروه بالتداني ونسوا... أنه ذاك العصامي الأبي
كتب المنفي سطراً للذي... جاءه بالعفو فاقرأ واعجبِ
أبريءٌ عنه يعفو مذنبٌ... كيف تسدي العفو كف المذنبِ
استوعب هوجو كمثقف وأديب مجمل التغيرات الاجتماعية التي حدثت في زمنه كالثورة الصناعية ونشوء طبقة البروليتاريا أو "الشغيلة والعمال" الذين يقومون بمجهود ضخم في العمل بالمصانع ثم لا يأخذون جزءاً من الأرباح أو حتى مقابل مادي مناسب يقوم باحتياجاتهم ومطالبهم بل يزدادون فقراً فيما يزداد الرأسماليون أصحاب العمل غنى ويراكمون ثرواتهم القائمة على الجشع والاحتكار واستغلال الشغيلة في عمل شاق يستمر لساعات طويلة ويقضي على انسانيتهم ويحولهم إلى آلات بشرية لا تحسن التفكير ويصيبهم بنوع من الاغتراب عن الذات، كل هذا كان من شأنه أن يحول هوجو من ذاك النائب المحافظ في البرلمان الفرنسي إلى كاتب يساري يؤمن بالاشتراكية ويبحث عن الحرية للجميع ويناضل من أجل حقوق المهمشين والبسطاء ويعمل على إيجاد وطن يقدر الإنسان لكونه إنساناً وليس لأنه موسر أو غني.
نشر هوجو في حياته أكثر من خمسين رواية ومسرحية ومن أهم أعماله: "أحدب نوتردام، البؤساء، رجل نبيل، عمال البحر، وآخر يوم في حياة رجل محكوم عليه بالإعدام".
وكان هوجو في أعماله الأدبية مجدداً وصاحب نظرية يهتم بها دارسو الأدب والنقاد حتى إن كان قد تم تجاوزها بطبيعة الحال، ولكن تبقى لها قيمتها التاريخية ألا وهي "نظرية الدراما الرومانسية" التي نظَّر لها في مقدمة مسرحيته "كرومويل" عام 1827.
وبسبب اختياراته الأخلاقية واحتفائه بقيمة الإنسان ونضاله من أجل عدالة اجتماعية تحتضن الجميع ودعوته المستمرة لكسر القيود والأغلال أصبح هوجو رمزاً في التاريخ الفرنسي بل وفي تاريخ العالم كله، وعقب وفاته عام 1885 كرمته الجمهورية الفرنسية الثالثة بجنازة شعبية خرج فيها أولئك الذين دافع عن حقوقهم وناضل من أجل كرامتهم وتم دفنه بـ"مقبرة العظماء" في باريس وذلك في 31 مايو 1885.
ومن أقواله المؤثرة التي دلتنا على سعة حكمته وعمق بصيرته:
- لا قوة كقوة الضمير ولا مجد كمجد الذكاء.
- ليس هناك جيش أقوى من فكرة حان وقتها.
- أعظم سعادة في الدنيا أن نكون محبين.
- فن العمارة هي المرآة التي تنعكس عليها ثقافات الشعوب ونهضتها وتطورها.
- في قلبي زهرة لا يمكن لأحد أن يقطفها.
- من الممكن مقاومة غزو الجيوش، ولكن ليس من الممكن مقاومة الأفكار.
- إن أجمل فتاة هي التي لا تدري بجمالها.
- عندما تتحدث إلى امرأة أنصت إلى ما تقوله عينيها.