تعد النباتات العطرية من أهم المنتجات التى تستخدم في عدة مجالات، سواء كان في تحضير بعض الأدوية أو إنتاج الزيوت الثابتة أو تجهيز الأغذية الخاصة بعلاج مرض تصلب الشرايين والذبحة الصدرية مثل زيت بذرة الهوهوبا، وعباد الشمس، والكتان، والخروع، لذلك تأتى أهمية التوسع في النباتات الطبية والعطرية، خاصة بعد تزايد الطلب عليها محليًا وعالميًا، والأهمية الاقتصادية والعائد التصديرى لها.
وتنتج مصر 4.2 مليون طن من النباتات الطبية والعطرية سنويًا، بينما تستورد 3 ملايين طن سنويًا، كما تبلغ المساحة المزروعة بها 80 الف فدان، حيث تعد محافظة بنى سويف الأولى من حيث المساحة المنزرعة بمساحة تزيد على 10 آلاف فدان وتنتج أكثر من 50% من قيمة إنتاج مصر، وتأتى بعدها أكثر المحافظات زراعة للنباتات الطبية والعطرية «الفيوم المنيا أسيوط».
مركز بحوث الصحراء: زراعة نباتات عطرية في مطروح لحفظ الأصول الوراثية
وتسعى وزارة الزراعة، إلى دعم وتمويل مشروعات إنتاج وتصنيع المحاصيل البستانية، مثل الخضراوات والفواكه والنباتات العطرية والطبية، بما ينعكس على زيادة القيمة المضافة لتلك المحاصيل، وتحسين مستوى دخل المنتجين وصغار المزارعين، خاصة أن النباتات العطرية تعد مستقبلا مصرفيا في الفترة المقبلة.
ويقول حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين، إن النباتات العطرية تعد ثروة مهملة في مصر، وإن نقص الوعى لدي الفلاحين وعدم معرفتهم بأهمية تلك النباتات سبب رئيسى في إهماله.
وأكد أن المسئولون عن ذلك الملف في وزارة الزراعة يمثلون السبب الرئيسى في تدهور النباتات العطرية في الفترة الأخيرة لأنه يجب أن تكون هناك إرشادات وتعليمات للفلاحين والمزارعين لتوجيههم بأهمية تلك النباتات، خاصة وأن تلك النباتات لها نظام معين بخلاف المحاصيل الزراعية الأخرى، إلى جانب أنها تحتاج إلى مواعيد دقيقة للزراعة وأنواع معينة من التقاوى والأسمدة.
وتابع أبوصدام، أن المساحة المنزرعة من النباتات الطبية والعطرية، ضئيلة للغاية وثابتة منذ فترة، ولا يوجد بها أى زيادة، بل العكس يتم تقليلها عاما تلو الآخر.
وأوضح، أن النباتات العطرية لها فوائد عديدة، خاصة في مجال التصدير لأن تصدير تلك النباتات يعود على مصر بالعملة صعبة، وأننا نصدر تلك النباتات بالطن ونستوردها بالجرامات بملايين الجنيهات، خاصة وأن النباتات العطرية يتم استخدامها في أهم الصناعات وهى صناعة الدواء والصناعات العطرية.
وأضاف أبوصدام، يجب أن يكون هناك نظام محكم من قبل وزارة الزراعة لتشجيع المزارعين للدخول بقوة في زراعة النباتات العطرية وطمأنة الفلاحين بأن تكون هناك خطة دقيقة لتسويق تلك النباتات بطريقة سهلة خاصة وأن جميع دول العالم تحتاج تلك النباتات وغير متوفرة بالقدر الكافى، خاصة وأن هناك جزءا كبيرا من الفلاحين يخشى زراعة تلك المحاصيل خوفًا من عدم وجود مشترٍ لها، مع العلم أن تلك النباتات تدير دخل أضعاف المحاصيل الأخرى التى يتم زراعتها، لذلك يجب أن تتعاقد وزارة الزراعة مع الفلاحين بعقد يكون بين ووزارة الزراعة وشركات تسويق معينة تعمل في هذا المجال، وهى من تتولى عملية تسويق النباتات العطرية والطبية.
عجز المرشدين
وأشار أبوصدام، إلى أن الفترة الماضية شهدت عجزا كبيرا في المرشدين الزراعين، ما أثر بالسلب على الزراعة في مصر وأصاب الفلاحين بالقلق واتجاههم لزراعة محاصيل أخري بخلاف زراعة النباتات الطبية والعطرية، لأن تلك النباتات تحتاج إلى نوعية خاصة من التربة وطريقة خاصة في التعامل ومناخ معين وطريقة رى معينة، وكل هذا غير متوفر في الجمعيات الزراعية، موضحًا أن تلك الأسباب عامل مهم في إهمال زراعة النباتات العطرية والطبية في مصر.
وطالب أبوصدام، بتوفير التقاوى والشتل الخاصة بالمحاصيل النباتات الطبية والعطرية في المحافظات ووزارة الزراعة والجمعيات الزراعية لوكان هناك نية لتطوير زراعة تلك النباتات في مصر إلى جانب زيادة المساحة المنزرعة من النباتات الطبية والعطرية في جميع أنحاء الجمهورية.
تجارب بحثية
ويؤكد المهندس محمود الأمير، مدير مركز التنمية المستدامة لموارد مطروح، أن المركز يتابع التجارب البحثية من خلال المشروعات القائمة بواسطة الشعب البحثية بمركز بحوث الصحراء، وخاصة تنفيذ تجارب داخل مراكز الدعم الفنى والإرشادى لزراعة التين الشوكي.
كما أكدت الدكتورة فاطمة على أحمد، رئيس شعبة البيئة وزراعات المناطق الجافة بمركز بحوث الصحراء ورئيس الفريق البحثى لمشروع (تعظيم الاستفادة من النباتات العصارية لتنمية المجتمعات بمحافظة مطروح) والممول من أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا، أنه تم زراعة نبات التين الشوكى بمراكز الدعم الفنى الثلاثة التابعة لمركز التنمية المستدامة لموارد مطروح بكل من النجيلة وبرانى ورأس الحكمة.
وأوضحت رئيس الفريق البحثى أن تم زراعة نبات التين الشوكى بكل من مراكز الدعم الفنى الثلاثة حيث تم زراعة مساحة ١٢ قيراطا في رأس الحكمة بجانب ربع فدان لدى إحدى المزارعين، بينما تم زراعة ١٢ قيراطا بمركز الدعم ببرانى وتم توزيع ألواح التين الشوكى على ٦ مزارعين لزراعتها بعد إعطاء الممارسات الزراعية الجيدة لزراعته، وفى مركز الدعم الفني بالنجيلة تم تجربة زراعة خطين بالمركز وزراعة فدان لدى أحد المزارعين.
بجانب أنه في الفترة السابقة تم زراعة النباتات العصارية الخاصة بالمشروع في كل من مزرعة المركز الإقليمى لصون وجمع وحفظ الأصول الوراثية النباتية التابع لأكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا بمدينة الحمام ولدى بعض المزارعين وكذلك مزرعة مركز التنمية المستدامة لموارد مطروح التابع لمركز بحوث الصحراء كمزارع إرشادية.
وأشارت إلى أن المشروع يهدف لتعظيم الاستفادة من الثروة المتاحة من النباتات العصارية البرية والمنزرعة بمطروح وخلق فرص عمل لبعض الأسر بتدريبهم واكتساب بعض الأهالى مهارات الزراعة والتدريب على التصنيع مما يزيد من القيمة المضافة للمنتجات في مجتمعات الاستصلاح الزراعى الناشئة والمتعددة في الساحل الشمالي الغربي، لفتح مجال الاستثمار في مجال النباتات الطبية العصارية المنزرعة والبرية إنتاجا وتصنيعا وتسويقا بقيام بعض الصناعات الصغيرة التى تقوم على زراعة النباتات الطبية وتحضير الخلاصات النباتية والزيوت العطرية داخل مواقع إنتاج الحاصلات من النباتات الطبية والعطرية واستخدام الطاقة الشمسية في تجفيف وتجهيز النباتات الطبية لتطوير إنتاجيتها ورفع مواصفاتها ومواصفات الصناعات القائمة عليها.
معهد النباتات الطبية والعطرية
ومنذ أيام قليلة، أعلن الدكتور منصور حسن، رئيس جامعة بنى سويف، بدء تشغيل معهد النباتات الطبية والعطرية.
وقال الدكتور منصور حسن إن المعهد يضم أربعة أقسام علمية متميزة وتشمل قسم كيمياء النباتات، وقسم تكنولوجيا الإنتاج، وقسم التكنولوجيا الحيوية، وقسم المستحضرات الطبية والدوائية، مشيرًا إلى أن المعهد يساعد في تعظيم إنتاج النباتات الطبية داخل المحافظة لإضافة ميزة تنافسية لها لاسيما وأن المحافظة تنتج ما يزيد على ٤٠٪ من إنتاج النباتات الطبية والعطرية ونباتات الزينة على مستوى الجمهورية، وتتصدر مصر المرتبة الأولى عالميًا في صادرات الزيوت العطرية.
وأشار رئيس الجامعة إلى أن النباتات الطبية تعد قيمة اقتصادية كبيرة حيث يزداد الطلب عليها محليًا وعالميًا لما تتميز به من استخدامات متعددة، بالإضافة إلى إسهامها في الوصول لاكتفاء ذاتى ولإنتاج دواء مصرى بنسبة ١٠٠٪.
ويهدف المعهد إلى مواكبة التقدم العلمى على مستوى العالم والمساهمة في تطوير صناعة وإنتاج النباتات الطبية والعطرية والتطبيقات القائمة عليها، وتقديم الخدمات المختلفة لتلبية احتياجات المجتمع بمعايير عالمية، وتقديم حلول مبتكرة في مجال أبحاث المعهد، وإعداد كوادر علمية مؤهلة لتلبية احتياجات سوق العمل.
إمكانيات كبيرة.
بينما قال الدكتور محمد المصرى، أستاذ النباتات الطبية والعطرية، ومدير معهد بحوث البساتين بمركز البحوث الزراعية السابق، إن مصر لديها إمكانيات كبيرة للغاية في قطاع النباتات الطبية والعطرية ولكن لم يتم استغلالها بالشكل الصحيح، خاصة وأن مجال النباتات العطرية والطبية تعد من أهم المشاريع الاستثمارية المهملة التي لو تم استغلالها بشكل صحيح ستدير للدولة مليارات الجنيهات.
وأضاف المصرر، يجب أن يكون هناك نظام من قبل الدول المصرية للاهتمام بتلك النباتات ووضعها في نصابها الصحيح خاصة وأن تلك النباتات تدخل في صناعة أهم المجالات سواء كان الدواء أو العطارة أو غيرهما من المجالات المهمة التى لا يمكننا الاستغناء عنها بأى حال من الأحوال لذلك يجب أن يكون هناك خطة مستقبلية للاهتمام بتلك النباتات ومساعدة الفلاحين في تصديرها للدول الخارجية وحل المشكلات التى تواجه الفلاحين في تلك المجال للارتقاء بها في الفترة المقبلة.
وأوضح المصرى، أن المشكلات التى تواجه النباتات العطرية والطبية في مصر عديدة بداية من مشكلة الإنتاج وقلته وعدم تطويره أو زيادته بالإضافة إلى ضعف الإمكانيات الموجودة لدينا في التصنيع الخاصة بتلك المنتجات إلى جانب المشكلة الأكبر وهى عدم وجود كتلة قوية لتصدير تلك المنتجات مثل باقى المنتجات سواء كان في الخضراوات أو الفواكه أو الحبوب الزراعية، خاصة مع ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج من التقاوى والأسمدة الخاصة بالنباتات العطرية والطبية على وجه الخصوص لأن الفلاح المصرى يضطر لشراء التقاوى والأسمدة وملتزمات زراعة النباتات العطرية والطبية من السوق السوداء لعدم توافر تلك المنتجات بشكل كاف في الجمعيات الزراعية.
وأضاف المصرى، أن زراعة تلك النباتات مقارنة بالنباتات الأخرى فأنها تحتاج إلى عمالة كثيرة لأن في معظم الأحيان المكينات الزراعية لا تقوم بدورها بالشكل المطلوب مما يجعل الفلاح مضطرًا لإيجاد عمالة مما يكلف الفلاحين أموال طائلة وهو الأمر الذى يجعل الفلاح يعزف عن زراعة تلك النباتات واستبدالها بمحاصيل أخرى أقل سهولة في زراعته موضحًا أن ذلك الأمر سبب رئيسى في تقليل المساحات المنزرعة من النباتات العطرية والطبية.
وطالب المصري، أن يكون هناك دعم من قبل الحكومة والمسئولين في وزارة الزراعة للفلاح المصرر بوجه عام والفلاح الذى يقوم بزراعة النباتات العطرية والطبية بوجه خاصة ومساعدة الفلاحين في إدخال التكنولوجيا الحديثة الخاصة بزراعة تلك النباتات لتخفيف الأعباء المالية على الفلاحين على ومساعدتهم بشكل كبير في تطوير تلك الزراعة التى تمر بمشكلات عديدة في الفترة الأخيرة، بسبب عزوف بعض الفلاحين عن زراعتها، إلى جانب أنه يجب تحسين تقاوى محاصيل النباتات الطبية والعطرية، لرفع إنتاجية الفدان.
وأشار المصرى، إلى أن مشكلات التصنيع الخاصة بالنباتات العطرية تكمن في ضعف الإمكانيات لدينا بسبب عدم وجود بعض المعدات أو التكنولوجيا الحديثة لتحويل تلك النباتات في صورة جافة، لأنه لا توجد في مصر طرق حديثة للتجفيف، مما يجعل الفلاحين مضطرين إلى اللجوء إلى طرق قديمة في التجفيف وهو مما يؤثر بشكل كبير على تلك المحاصيل ويجعل كفاءتها أقل بسبب عدم وجو المعدات الحديثة، وبالتالى قد تفقد قيمتها في كثير من الأحيان.
وأكد المصرى أن ارتفاع نسب متبقيات المبيدات سبب رئيسى أيضا في تدهور النباتات العطرية والطبية، موضحًا أن ذلك الأمر يؤدى لرفض شحنات التصدير مما يؤدي إلى ارتفاع الضرائب على المُصدرين، وارتفاع مصاريف تحليل العينات للمحاصيل المُعدّة للتصدير في المعامل، إضافة لارتفاع تعقيم المحاصيل، موحًا أن تلك النباتات تحتاج إلى تعقيم بمبالغ ضخمة جدًا، خاصة وأنه بدون وجود تعقيم للمحاصيل سوف يتم رفضها، مضيفًا أنه للتوسع في زراعة وإنتاج النباتات الطبية والعطرية يجب حل هذه المشكلات.
أنواع نادرة
بينما قال الدكتور سيد قطب خبير زراعة النباتات الطبية والعطرية، إن هناك أنواع زيوت ونباتات عطرية موجودة في مصر ولا يوجد لها مثيل في أى دولة في العالم خاصة وأن مصر نجحت في الفترة الأخيرة في استخلاص بعض الزيوت وتصديرها إلى دول أوروبا التى تمتلك إمكانيات كبيرة أيضًا في هذا المجال.
وأضاف قطب، لو تم التعاون بالشكل الأمثل بين وزارة الزراعة والفلاحين في هذا الشأن وتم تطوير زراعة النباتات العطرية والطبية بشكل صحيح لأصبحت مصر في مكانة أفضل مما هى عليه الآن بمراحل خاصة وأن لدينا الإمكانيات التى تؤهلنا في ذلك، لكن لا بد وأن يكون هناك نظام جديد من قبل وزارة الزراعة لتطوير زراعة النباتات العطرية والطبية بما يتناسب مع أهميتها خاصة وأنها تدخل في صناعة الدواء وغيرها من الأشياء التى يعد وجوده أساسيا وضروريا في حياتنا، بالإضافة إلى ان التصدير لأسواق أوروبا سيساهم بشكل كبير في تطوير الاقتصاد المصرى وزيادة الصادرات المصرية في هذا المجال والذى يصب في مصلحة الجميع سواء كان الحكومة أو الفلاح أو المواطن.
وتابع قطب، أن النباتات العطرية والطبية المصرية لها سمعة كبيرة في الخارج وهناك دول كبيرة وعالمية تطلب تلك المنتجات من مصر خصيصًا عن أي دولة تقوم بزراعة تلك المنتجات لذلك لا بد من استغلال تلك النقطة وعمل بروتوكولات واتفاقيات مع تلك الدول في الفترة المقبلة لتطوير زراعة تلك المنتجات بشكل أكبر، وأوضح قطب أنه استطاع تحويل زيوت بعض النباتات إلى منتجات طبية وتدخل في صناعات الدواء ومستحضرات التجميل، وأن كل منتجاته مطابقة لمواصفات الجودة المصرية وبعض والأوروبية وحاصلة على شهادة الجودة الأمريكية وانه قرر طرحها بالأسواق المحلية بأسعار تنافسية في الفترة المقبلة.
بينما قال الدكتور جمال صيام الخبير الزراعي لا بد وأن تكون هناك خطة من قبل وزارة الزراعة لزيادة الأراضى المزروعة بالنباتات العطرية والطبية، وأننا نزرع أقل من ٨٠ ألف فدان فقط في حين أن مصر لديها إمكانيات تستطيع أن تزرع أكثر من ٢٠٠ الف فدان.
وأضاف صيام، أن مصر تستورد أكثر من ثلاث ملايين طن من النباتات العطرية والطبية وهذا رقم كبير لغاية، لذلك يجب أن يكون هناك خطة مستقبلية في الفترة المقبلة لتحقيق الاكتفاء الذاتي وعدم الاستيراد من الخارج بالإضافة إلى زيادة نسب التصدير وفتح أسواق جديدة لنا في الخارج لتسويق النباتات الطبية والعطرية لنا في الخارج بشكل صحيح.