رغم الإعلان الرسمى من قبل الحكومة منذ أيام بمحاصرة معدلات الفقر وانخفاض نسبه إلا أن هناك مظاهر تتصاعد فى حجم وأعداد المتسولين فى المحافظات، حيث إن هناك فئات معينة من المواطنين تدفع البعض منهم إلى تشغيل أطفالهم فى مهنة التسول أو بيع اللبان أو أوراق المناديل وهؤلاء الأطفال هم فى عمر الزهور من صغار السن وبحاجة إلى مؤسسات اجتماعية وحقوقية لانتشالهم من هذه المآسى وأهمية رعايتهم.
وقد كشفت أبحاث المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية ارتفاع حجم الأطفال المنحرفين فى محافظات "القاهرة – الإسكندرية – بورسعيد – السويس" وهو ما أكدته تقارير الأمن العام عن ازدياد حجم الحالات.
حيث وصلت فى مدينة القاهرة إلى 31.6 % من إجمالى حالات تشرد الأطفال يليها محافظة بورسعيد 16.8% والسويس 14.2% ويلى ذلك محافظة الإسكندرية.
وقد عبرت اللجنة الدولية لحقوق الطفل عن قلقها لانتشار ظاهرة التسول فى العديد من الدول العربية شملت "مصر – البحرين – الأردن – الكويت – اليمن – لبنان – ليبيا – السودان".
وقد أصبحت ظاهرة التسول إحدى الظواهر الاجتماعية التى تتزايد حجمها خلال السنوات الأخيرة حيث ترصد الإحصائيات الرسمية تزايد حجم الظاهرة فى مصر ولم تعد المواجهة الأمنية والتشريعية كافية لمواجهة ظاهرة التسول.
حيث إن الغريب أنه يوجد فى مصر القانون رقم 49 لعام 1933 الخاص بالتسول أى منذ أكثر من 87 عاما ورغم أن المادة 1 من هذا القانون تؤدى إلى الحبس مدة لا تجاوز شهرين كل شخص صحيح البنية عمره 15 سنة أو أكثر وجد متسولًا فى الطريق العام أو أمام المحال العمومية.
كما أن المادة 6 من نفس القانون قد أكدت على العقاب بالحبس مدة لا تجاوز الثلاث أشهر كل من استخدم صغيرًا فى أغراض التسول.
إن الإجراءات العقابية لم تساهم ولم تكن رادعة فى ازدياد وانتشار التسول.
ولعل الدراما والسينما المصرية قد أشارت إلى مخاطر التسول فى أفلام مثل "جعلونى مجرمًا" بطولة فريد شوقى وهدى سلطان أو فيلم "المتسول" لعادل إمام وإسعاد يونس.
هذا فضلا عن الأغنية الشهيرة للفنان محمد فوزى "شحات الغرام" التى جاءت فى معالجة كوميدية لموضوع "التسول".
وقد حاول البرلمان المصرى فى الدورة السابقة أن يقدم مشروع قانون جديد لمواجهة ظاهرة التسول إلا أنه لم يريد النور ولم يعرض على اللجنة التشريعية.
ولعل الدراسات والأبحاث الاجتماعية قد أثبتت أن الفقر والعوز وتدنى الأوضاع الاجتماعية أدت إلى إبراز حالات التعرض للانحراف عند الأطفال الذين ينتمون لأسر تعيش فى الهامش وحياة غير آدمية ومن هذه الأنماط "التسول – جمع أعقاب السجائر – الدعارة – مخالطة المجرمين – المروق – المبيت فى الشوارع وتحت الكبارى" فضلا عن عدم وجود وسائل للحماية.
إن مشكلات وظاهرة التسول أخذت أشكال وتنوعات تشارك فيها بعض المجرمين بسبب انخفاض الأوضاع الأسرية والفقر حيث تفكك الأسرة وكبر حجم الأسرة – ارتفاع كثافة المنزل إلى درجة نوم الأولاد مع والديهما فى غرفة واحدة فضلا عن المشادات والمشاحنات المستمرة بين الزوجين وأخيرًا قسوة الوالدين التى قد تدفع إلى هروب الأبناء إلى الشوارع.
وقد شاهد الشارع المصرى وجود تجمعات المتسولين فى مواقف السيارات بين الأقاليم وبجوار المساجد والحدائق العامة والشوارع العمومية وتحت الكبارى وبجوار محال الأطعمة وفى الأحياء الراقية.
ولعل الأمر فى النهاية يدعونا إلى أن تكون هناك مواجهة حقيقية اجتماعية وإنسانية من أجل الحماية والدفاع لهؤلاء الأسر الفقراء قبل أن يتفاقم الموقف.