مع اقتراب انتخابات مجلس نقابة الصحفيين، في مارس المقبل، بدأت أصوات الصحفيين تطالب بتحسين أوضاعهم المهنية والمادية، في ظل حالة من الانحسار، تعانيها الصحافة الورقية على مستوى العالم، وفى القلب منها العالم العربى،الذى يعتمد على استيراد أوراق الصحف، ومستلزمات الطباعة من الخارج، وهو الأمر الذى أدى إلى توقف عدد منها، فضلا عن تخفيض عدد أوراقها جميعا،لمواجهة ارتفاع نفقاتها.
وحتي يتم وقف نزيف الخسائر اليومية للصحف المصرية بدأت الصحف تنشط مواقعها الإلكترونية التى يتم تحديثها على مدى الساعة بالأخبار والمواد الصحفية مستفيدة من منصات الفيديو التى يوفرها الإنترنت، كى تشبع حاجة المتلقى،بمشاهدة عمل صحفى تليفزيونى بنفس تقنيات التليفزيون.
ولأن المستقبل سوف يجمع ما بين صنوف إعلامية جديدة،تتيحها شبكات الإنترنت،أصبح الصحفى مطالبا بإجادة هذه الصنوف الإعلامية المستحدثة، التى أصبحت مادة للتسابق بين أبناء المهنة الواحدة، لجذب أكبر عدد من المترددين عليها،والمشاهدين لهذه المواقع بما يكفى لجلب كمية أكبر من الإعلانات المحلية،وإعلانات "جوجل " التي أصبحت تسد جزءا مهما من تكاليف العمل الصحفى.
المستقبل أصبح له أدواته التى يمكن من خلالها بعث الحياة مجددا في جسد أقدس مهنة،وهى المهنة الأولى المنوط بها نشر الوعى، مهنة سلطة الرأى العام،وهى السلطة الأهم من بين سلطات الدولة جميعا لأنها لسان الشعب الحقيقية،التى من خلالها يصل صوت المواطن لصانع القرار، ومن خلالها يصل صانع القرار لمواطنيه.
مهنتنا بحاجة لأن تجدد أدواتها،وإلا ازدادت عثراتها وانهارت ركائزها، وتحققت فيها المقولة سيئة السمعة "مهنة من لا مهنة له" لأن الموهوبين سوف يجدون أنفسهم في وسط فقير يعانى الضعف المهنى والضعف المادى، كما يعاني العشوائية والتراجع لصالح منصات من خارج الحدود، تملأ الفراغ الذى نتج بعد تراجع أداء المهنة تحت ضغوط المادة،وعدم تداول المعلومات بشكل جيد.
كما يجب أن تستفيد المهنة من أدوات التواصل الاجتماعي الجديدة،التى أصبحت تملأ بعض الفراغ في عالم الصحافة،وأصبح القارئ يعتمد على ما تنقله من أخبار وفيديوهات ومقالات،من المواقع الإلكترونية للصحف مما جعل كثيرين من القراء يكتفون بما يتم نقله اليهم منها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ويمكن أن يتم سن تشريعات ضريبية مستحقة لوسائل الإعلام على مواقع التواصل الاجتماعي، تضيف دخلا للصحف، والمواقع الإلكترونية،التى يتم نقل مواد إعلامية منها،وهو ما بدأت بعض الدول في الانتباه اليه والتفكير في سن قوانين تواكب هذا التغير المهم،وتحقق لها بعض المزايا الجديدة تعوضها عما تعرضت له من خسائر.
كما يتوجب على نقابة الصحفيين باعتبارها المعنى الأول بهذه المهنة أن تؤسس صناديق لتجميع أفكار تحافظ على المهنة وتطورها بما يؤهلها للاستمرار في أداء رسالتها الإعلامية والتنويرية باعتبارها من أسرع وسائل تداول المعرفة والتثقيف والتعليم.
ومن الواجب على الدولة دعمها بالقوانين التى تتيح للمهنة أن تبقى وتستمر وتزدهر، خاصة أنها تعد من أهم اشكال القوى الناعمة، التي تمتلكها الدول فلا توجد دولة قوية بدون إعلام قوى، وصحافة مزدهرة،وفنانين موهوبين، وكتاب ومفكرين،والصحافة هي مرآة لكل هذه الفنون والمعبر الأساسى عنهم.
صندوق الأفكار يجب أن يكون للصحفي الشاب المساهمة الأكبر فيه باعتبارهم المستفيد الأساسى من هذا التطوير وهو المعنى الأول به أيضا. ويجب منحه الفرصة الكافية لاعادة بناء مهنته التى بدأت تترهل، وتتوارى لصالح الفوضى الإعلامية التي لا يربطها رابط، ولا يحكمها قواعد، وتبث سمومها التى ترسلها من الداخل والخارج بين المجتمع تهدد سلامه وقيمه.