تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
كانت الظروف قد شاءت أن نجتمع أنا وأصدقائي ليلا رغم برودة الجو نجتر الذكريات ربما جلبت معها الدفء، نحاول أن نعيد ترتيب النجوم في السماء ربما استطعنا بها التثبت من رؤية هلال أمل يلوح في الأفق، كانت أم كلثوم حاضرة في الخلفية وكأنها حفلة مذاعة الآن على الهواء: "أنا إن قدر الإله مماتي لاترى الشرق يرفع الرأس بعدي".
تناقشنا في أمور كثيرة وعاودنا قراءة سطور التاريخ أبدينا خوفنا وتوقعاتنا لما هو قادم.. تصادمت روؤنا واتفقت.. تحدثنا عن استعادة مصر لعافيتها وحجم ما يتم بها من مشروعات وإنجازات.. ثم اجتمعنا على إنجاز الرئيس عبد الفتاح السيسي الأهم الذي لم يتحدث عنه أحد وهو أنه استعاد الهوية المصرية، فإذا كان هناك إنجازات سيدونها التاريخ لهذا الرجل سيكون أبرزها أنه أنقذ مصر من غياهب مستقبل مظلم تم التخطيط له جيدا وتنفيذه بدءا من السبعينيات منذ أن فتحت الصحف أبوابها لعناصر الجماعة الإخوانية لتنفث سمومها وتعيد تشكيل الوعي المصري بما يخدم مصالحها ثم تبعها انتشار مشايخ التيار السلفي فتملك هذا الفكر من عقول المصريين فنسينا الوسطية وباتت أصواتهم الحنجورية تطاردنا في كل مكان على شاشات التلفاز وفي الأسواق وفي الميكروباصات وباتت الأجيال الجديدة تردد أقوالهم وتنتهج أفعالهم وترتدي ثيابهم.. لا أحد ينكر أنهم انتشروا للدرجة التي اختفى فيها الصوت المصري وتوارت فيها العمائم المصرية فنسيت أجيال القراء والمداحين والأقطاب المصريين واتخذت من مشايخهم قبلة لهم.
وصل هذا التحريف لأوجه وباءت كل محاولات الدولة لصد هذا المخطط بالفشل ورغم محاولات الأدباء والمثقفين والعلماء التصدي لهذا المخطط إلا أنه استطاع تملك زمام الأمور في مصر وحكم.
كان السيسي يرى تلك الرؤية ويعرف خطورة الأمر ويرفض بفطرته أن تكون مصر بلحية وجلباب قصير وسروال وتطبق في مؤسساتها لائحة السويركي بالتوحيد والنور، بأن تكون علامة الصلاة شرطا للحصول على العمل ولو كانت مصنوعة، وأن العمل سيكون محرما على نساء مصر وأقباطها وأن مصر التي طالما عرفت بوسطيتها ستتحول إلى إمارة متشددة يكون فيها الفكر الإخواني والسلفي هو المسيطر وتكون حرائرها جاريات تحت مسمى تعدد الزواجات أو ما ملكت اليمين.
غيرة الرجل على وطنه وتاريخ تشبعت به روحه جعلته يحمل رأسه على كتفه ويجتذ جذور تلك الفكر بالقوة فلم يعد هناك مجال للتحاور ولا الظروف سانحة لدرء فكر بفكر بعد استفحال أمر التجريف..كان لا بد من المخاطرة بالنفس لاستعادة الأمور لنصابها الصحيح وقد فعل.
فعل ما كان يجب فعله منذ سنوات والمتأمل في مجريات الأمور سيدرك بقليل من التأمل حجم ذلك الإنجاز الذي يقدر لهذا البطل، فقد بدأ شبابنا يستعيد بوصلته.. بدءوا يعودونا إلى التنقيب عن الطبلاوي والمنشاوي وعبد الباسط والنقشبندي ويلفظون مشايخ الإخوان والسلفيين، بتنا نرى على مواقع التواصل الاجتماعي شباب يتبارى في تقليدهم وإعادة نشر سيرهم، أصبحوا ينقبون في التاريخ والحاضر عن القدوة المصرية الحقيقية ويستعيدوا فطرتنا السليمة.
ورغم كل محاولات أصحاب الفكر الإخواني والسلفي المستميتة في العودة إلى المشهد إلا أنه قد سبق السيف العزل، فباتت أخبارهم باهتة غير متابعة ولا مقروءة غلب الطبع التطبع وبدأت مصر تستعيد عافيتها وتسير على درب الشفاء من هذا المرض العضال الذي كاد أن يودي بحياتها.
تخيلنا جميعا ونحن نتابع أخبار القبض على كوادر الجماعة وكشف مخططاتهم ما كان ستؤول إليه الأمور وكيف أن هذا الرجل استطاع في أوج قمة الخطر أن يجنب أجيال قادمة السقوط في أسر التشدد والمغالاة في الدين والاقتتال بين أبناء الوطن الواحد واشتعال الفتن والطائفية.
تابعوا جيدا وسائل التواصل الاجتماعي وستدركون قيمة هذا الإنجاز الذي بات يتكشف في فكر ووعي الشباب وهم يستعيدون أرواحهم المصرية الخالصة ويستعيدون تاريخهم الأصيل وعاداتهم وتقاليدهم.. تابعوا ردود أفعالهم على أخلاقيات الرئيس وتعامله مع من حوله في محاولة منه لتصحيح صورة المصري.. تابعوا ردود الأفعال على لقاء السيدة قرينته وهي ببساطة وتلقائية تعرض تفاصيل البيت المصري وتماسك الأسرة المصرية وستدركوا جميعا أننا عدنا من بعيد.. عدنا لنكون كما كنا مصر التي لطالما تحاكت عنها الأمم ودونتها أقلام التاريخ وسطية عصية أبية شامخة رافضة لكل محاولات طمس الهوية.
وأخيرا لكل الباحثين عن الديموقراطية تخلصنا من العرض وها نحن نتخلص من المرض والطريق أمامنا طويل ستحقق أمانيكم ورغباتكم لكن كان ولابد من اجتثاث الخطر لمعاودة البناء السليم ومصر تستحق الصبر والدعم والتضحية.
ونحن نختم حديثنا كانت أم كلثوم تؤيدنا الرأي وتشدو: نحن نجتاز موقفا تعثر الآراء فيه وعثرة الرأي تردي.. فقفوا فيه وقفة حزم وارسوا جانبيه بعزمة المستعد.